واشنطن –
وقّع الروائي والقاص العراقي الأميركي عمر سعيد روايته “مستر كلكامش” في مكتبة لورتين بولاية فيرجينيا الأميركية، خلال أمسية أدبية حضرها عدد من الكتّاب والصحفيين والإعلاميين والفنانين التشكيليين من هولندا وكندا والعراق والأردن والولايات المتحدة.
تضمنت الأمسية حوارا أدبيا بين الروائي عمر سعيد والإعلامية رائدة حمره لمناقشة مضامين الرواية التي تضمنت خطّين سرديين زمنيين يفصلهما خمسة آلاف عام، يتمثلان بالشخصية الرئيسة للرواية (الملك كلكامش) في العراق، والبطل “مطر” من لوس أنجلوس، الباحثَين عن معنى الحياة.
وتحدث الروائي عن أدواته الحديثة في كتابة “مستر كلكامش” التي صدرت مؤخرا عن “الآن ناشرون وموزعون” بالأردن، عبر استخدام الشعر والحوار والنص المسرحي ونسق السيناريو وغيرها من الأساليب التي تجذب القارئ من أول كلمة في الرواية “آكش” إلى نهايتها “آكشن”.
وأشار الروائي إلى أهمية إضافاته لملحمة كلكامش التاريخية، إذ احتوت الرواية على نصوص ومشاهد مستوحاة من روح الملحمة التي أعطت الرواية تناغماً أدبياً جديداً يخدم قصة البطل “مطر” في “مستر كلكامش”.
وطرح عمر سعيد مفهوما فلسفيا جديدا لفكرة الوعي الإنساني الذي هو تكريس للكثير من التفكير في وضع الأسس المناسبة في الحياة الشخصية. وقال: “هناك حمية عقلية مشابهة للحمية الغذائية، أن تحمي نفسك من الأفكار السطحية الضارة مثلما تحمي جسدك من السكّريات والأملاح والشحوم الضارة.. الوعي الذي يكثف الزمن يمنعك من استخدام القرارات الخاطئة وحذف الأشخاص غير المناسبين في حياتك؛ مما يؤدي في المحصلة إلى عدم تضييع الوقت والجهد العاطفي”.
وأكد الروائي على فكرة الوعي بأن تكون هناك طريقة أو نافذة جديدة يطل منها الإنسان على الوقت ليشاهد الحياة وكل الوجود كأنما للمرة الأولى. وأوضح رداً على سؤال عن هذا النوع الجديد من الوعي بقوله: “إنه مركب من الثقافة والمعرفة والحدس والذكاء والحكمة والتأمل والنيرفانا أيضا”. وقال: “ربما أو من الممكن أن نقول إنه المعرفة”.
وشارك في الأمسية عبر “زووم” الفنان التشكيلي العراقي والمستشار الإبداعي عبير الخطيب الذي صمم غلاف الرواية. مشيرا إلى فكرة تصميم الغلاف الذي تضمّن صورة كلكامش ووجه الروائي في لوحة اختصرت فكرة الرواية. بالإضافة إلى صور لبعض أبرز معالم العراق؛ مثل الأهوار، وكذلك صور لأبرز معالم ولاية كاليفورنيا؛ مثل هوليوود.
وقال الخطيب عن الرواية أنها أتت “في زماكانية تداخلت فيها ذاكرة الكاتب الخصبة والممتلئة بأحداث حروب، وتشرُّد، ومطاردات”. وأضاف أن الخزين الفكري والأدبي للكاتب جعل من هذا العمل الإبداعي “يثير التساؤل عما إذا كانت الأحداث حقيقةً أم حلماً من أحلام الظهيرة المنقَّعة بحرارة شمس وادي الرافدين”. وتابع بقوله: “كانت قراءة (مستر كلكامش) رحلة ضمن خطَّين تاريخيين انعدم الفصلُ بينهما على الرغم من الخلاف الزمكاني الذي امتدَّ على أكثر من خمسة آلاف سنة.
وتُناقش “مستر كلكامش” صراع الإنسان الأزلي مع المصير، وتتطرق لسؤال الهوية، معيدةً إنتاج فكرة المقارنة بين وطنٍ يئنّ تحت وطأة التخلُّف والمرض والجهل، ومهجر يعيش الإنسان فيه مع كل أسباب الراحة والرفاهية، لكنه يتحول إلى آلة، ككل الذين يحيون في تلك البلاد، لا سيما من هاجروا من أوطانهم، أيّاً كانت الأسباب.
ويؤكد عمر سعيد في روايته أن الخلود فكرة في ذهن الإنسان منذ قديم الأزل إلى آخر الزمان، وأن عليه أن يحيا بمذاق الخلود حتى لو كان سيموت غداً، ويقول واصفاً ما يشعر به اللبطل “مطر”: “بالفعل؛ أحسَّ بكلكامش في دمه يعود، بعد خمسة آلاف عام”.
يُذكر أن عمر سعيد من مواليد بغداد، حصل على درجة البكالوريوس في تخصص الفنون المسرحية من أكاديمية الفنون الجميلة التابعة لجامعة بغداد، انتقل بعدها إلى عمّان ليعمل في حقل الكتابة التلفزيونية عبر كتابة مسلسل “ترانيم العاشقين” وغيره من الأعمال الأدبية. رحل إلى لبنان للعمل في حقل الإنتاج الدرامي في تلفزيون “المستقبل” ببيروت. هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبدأ عمله مديراً لقسم اللاجئين في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا. انتقل بعدها إلى العاصمة واشنطن ليعمل منتجاً ومقدماً تلفزيونياً لبرنامج “الطبعة الأخيرة” في قناة “الحرة عراق” الأميركية مدة 12 عاماً، صدر له في القصة: “المومسات الثلاث” و”المنيع”. وتعد “مستر كلكامش” عمله الروائي الأول.