بالأمس كانتْ من بعيد تخافني
عسسُ الغُزاةِ ،
وكافةُ الأسرابِ
والنَّاسُ تملؤني بــقشِّ الأُرْز،
تُلْبسني قميصًا مُرْعب الأكمام،
أمسكُ مِنْجلاً ،
أبدو كما القصَّابِ
حتى أصيرَ كماردٍ أعْمى ،
يبثُّ الرُّعبَ في الأحزابِ
أو تَفْزَعُ الأطفالُ منِّي؛
لو رأوني صُدْفةً
في جدْول الحطَّابِ
يسْتخدموني دائمًا فزَّاعةً للحقْل،
عِرْضي مُسْتباحٌ للعَيَان،
كأنني سَقْطُ المتاع،
ودون أنسابِ
والليلُ قايضني دُجاهُ؛
إذا انحنى بسنابل العرَّابِ
أنا حارسُ الغيطان ،
هذي أعْيُني منْزوعةُ الأهدابِ
لم يفهموا قلبي المُرابطَ عمره
في برْدهِ ،
أو حرِّهِ
في حضْرةِ الدهْماءِ،
والأقْطابِ
لم يدركوا مفْتاح حصْني مرَّةً
وبأنني برديَّةٌ لا ترتضي التَّحريفَ،
ما وجدوا صهيلي هاربًا،
والخوْفُ سردابي
وأشمُّ رائحةَ اللّصوصِ،
وما تُشتِّتُ وثبُةَ الغرْبان أعْصابي
أنا أولُ الهُلاَّكِ مَنْ يذقُ الجحيمَ؛
إذا أتتْ حممُ البوارج فوقنا؛
لتسوْقنا بتحالُفٍ كذَّابِ
وسيفعلون بنا كما فعل “المغولُ “،
فهل أقابلُ من غزا أرضي
بورْدٍ،
وتِرْحابِ؟
والموْتُ أشْربُ في ثَمَالتها
فلا تكفي ظماء الكون أكوابي
“ياليت أُمِّي لم تلدْني” ،
قُلْتُها
كــ”ابن الأثير” مؤرِّخ الكُتَّابِ
فأنا الَّذي
شاهدتُ إسقاطَ المظلِّيين
فوق حقول أعنابي
وأنا الَّذي
من شدَّةِ التَّفجير لم أعرفْ بناياتِ بلدتنا
ولا طُرُقي،
وأعتابي
وأنا الذي
في القصْف يقْتلعون أحداقي،
وأحلامي ،
ونافذتي ،
وأبوابي
وأنا الذي
أنْعي الرِّفاقَ وكل نائبةٍ لأقراني،
وأصحابي
فرأيتهمْ يتقاسمون الأرضَ،
وانتهكوا الدِّيارَ،
وحُرْمةَ المِحْرابِ
تلك الجحافلُ والمدافعُ والفيالقُ
مَنْ أتى – جسري – بها
وأصرَّ في الأعياد تهْجيري، وترويعي ،
وإرْهابي؟
ضاعتْ سُنوني بين مُحْتلٍّ جبانٍ غاصبٍ
وسجون أحقابي
تركوا كتائبَ أدْمعي معْزولةً
في حلْكةِ الأعْشابِ
عِشْتُ الحياةَ سُدىً،
بلاسيفٍ،
بلا ألقابِ
وأنا الَّذي
أفْزعتُ للصفصافِ مُهْجته أمام النَّهر؛
حين اعتاد إسكاتي وإغضابي
سأواجهُ الأعداءَ وحْدي مُكْرهًا
أمْ أرتضي الخذْلانَ من بوَّابةِ الأعْرابِ؟
فغدًا سأعلنُ من أَسَى الأصفادِ،
للسجَّان إضرابي
ماذا جرى وطني الحبيبُ؛
فلم تعدْ أرضُ الحِمَى بقوافل الأحبابِ؟