“سرد الاسترجاع في مجموعة [ نجوى الذكريات ] لأحمد العكيدي” الحسين أيت بها/ المغرب

هي كلمات تنعي الوطن، أو صرخة نداء ربما تسمع مجيبا، أترانا أخطأنا الوطن؟ عبارة تلفظ بها السارد على لسان إحدى شخصياته، لكنها تعبر عن واقعنا اليوم، واقع ميؤوس منه، حيث الضياع ومحاولة الهروب إلى الأمام،

أو هي تعبير عن الظلم الذي لحق بالذين يمتلئ بهم هذا الوطن، وهم يحملون هموم مجتمعهم، يكتشفون بعد فوات الأوان أنهم أفنوا زهرة عمرهم في الدفاع عن وطن اختاروه ولم يخترهم،ولم تفلح الشعارات الرنانة في إحداث التغيير المنشود. بهذا التوصيف يمكن لنا قراءة سردية الكاتب المغربي احمد لعكيدي، نجوى الذكريات الصادرة عن جامعة المبدعين المغاربة، وهي كتابة تحمل بصمة شاب طامح للتغيير، يقرأ واقعه بشغف، ورؤية متبصرة وحكمة وروية. ينقل لنا الواقع بصدق، كما عايشه ورآه، وتتأرجح رؤيته بين حاضر ميؤوس منه، وهو ما عبر عنه في الشعارات الرنانة والخطب البراقة التي لا تحيي الموتى، وليس لها يد في التغيير، وماضي يحمل حنين ذكريات بعيدة، يسترجع صدى الذاكرة مما عاينه وشاهده، في هذه المدينة الكبيرة، التي لا نراها وإنما هي تسرح في مخيلة الشاعر كعالم مضطرب، أو بركان يفيض بالتخيلات والهواجس التي تجعل مبدعنا يفضل قراءة الواقع بطريقته الخاصة والمتخلفة قراءة تعكس ذاته التي تضع مسافة بينه وبين الواقع، لقراءته بشكل أفضل، وما تداخل الخطابات إلا دليل على ذلك ، يقول مثلا: ” ينبثق صدى صوت من الأعماق، من روح دمها المهدور، يزلزلني من تحت أعماق تربتي، يا أخي لقد اغتصبوا أرضي وعرضي، فيمر أمام عيني شريط كئيب، في ومضات، حسبتني تخلصت منه للأبد، فإذا به يلاحقني حتى في قبري…صهيوني بطغيانه يتبجح، و وإرهابي يكفرنا ثم بسيفه ينحرنا، وغريب من خيرات وطني ينهب..”ص: 11 .

والملاحظ على القصص أنها تسترجع صدى الذات بضمير المتكلم وضمير المخاطب أحيانا أخرى، والمخاطب هنا لا يكون إلا الذات نفسها، يستحضرها السارد من الأعماق، ويعيد بناء عالمه الخاص المليئ بالأحزان، والذكريات الراكدة، تبكي على وطن مفقود أو ذكرى عابرة، وهذا الاسترجاع يخدم طبيعة الشخصية المتكلم/ في النص، فيشكل أصواتا سردية متنوعة تتناوب السرد. وتخلق عوالم أخرى للتعبير عن مكنون النفس، وهي تواقة للتغيير، حالمة بغد أفضل، وأفق يسع أبناء الوطن. يهذا التمويه الخفي، يعطينا انطباعا على شخصية السارد وهو يسبر عوالم السرد، فمرة هي ذات شاردة وغارقة في ذكرياتها، ومرة أخرى هي شخصية داخل المسرود نفسه، تقوم بفعل السرد. وتتبناه كوسيلة للبوح والتعبير عن الواقع.

ناقد و روائي مغربي

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

قيم ” التسامح ” و” التعايش ” في الشعر العربي

د.حسن بوعجب| المغرب             لقد اضطلع الشعر منذ القدم بدور تهذيب النفوس وتنمية القيم الإيجابية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات