LOUIS CUNEO, ANNE-NOEMIE DORION,ANNE JEANBLAN ET EMILE TREVERT. Le point. Hors-séris. (LE GUIDE DE LA MEMOIRE SES AMIS). P:37-42
· توطئة:
توجد لكل مرحلة عمرية جملة من الطرق المساعدة على تجويد الذاكرة، وتيسير العمل، وترسيخ الذكريات. وهذه بعض النماذج منها.
1- شَاركْ داخل الفصل الدِّراسِي:
مَنْ مِنَّا لمْ يقض ساعات داخل حجرة الدرس، شارد الذهن في التفكير بين محتوى الحصة الدراسية وسهرة الغد؟. بالنسبة ل “Grégoir Bost” – أستاذ علم النفس التطوري وعلم الأعصاب التعليمية -؛ “إن إعادة قراءة رؤوس أقلام الدرس، بالسلب أو عدم قراءتها إطلاقا الأمر سيان”؛ وتعد المنهجية الإيجابية وحدها كفيلة بإثارة انتباه المتعلم، حيث كُلَّما بذل هذا الأخير مجهودا أكثر في معالجة المعلومة، كلما سَهُلَ عليه تخزينُها في الذاكرة.
ويُجْمِعُ علماء الأعصاب على أن إعادة اكتساب محتوى معيناً، أو تجريبَه خلال حصة الدرس، يُمكِّنُ من اكتسابه بشكل جيّد، حيث لوحظ أنه عند مقارنة النشاط العصبي بين متعلم سلبي وآخر نشيط، يكون النشاط العصبي عند هذا الأخير أكثر حدّة. لهذا فالتفكير في مسألة معينة، وتجريب حلِّها، وتناولها بأشْكالٍ مُختلفة، يُضاعِف ويُقوِّي التواصل بين خلايا الشبكة العصبية.
وَفْقَ هذا السيّاق، اهتدى “Jean- Luc Berthier”؛ المراقب التربوي السابق والمهتم حديثا بعلم الأعصاب، إلى ثلاث طرق للمعرفة مختبرة في “Seine-Saint-Denis”. وهي طرق بيداغوجية مستنبطة من أبحاث في علم الأعصاب التعليمية. فعلى سبيل التمثيل لا الحصر؛ طريقة تقسيم التلاميذ إلى مجموعات نووية وَفْق مواصفاتهم الخاصة تشكل تحديا بالنسبة للمدرس. فاستخدام الوسائط الرقمية في هذه التجربة مثل البرنام الذي يقترح االاختبارات السريعة والمنتظمة على شاشات اللوحات الإلكترونية الخاصة بالمتعلمين،ثم العودة إلى الدرس للتوقف عند مفهوم معين أو استرجاعه مع التلاميذ الذين لم يستوعبوه جيدا. بالإضافة إلى البرنامج المعلوماتي الذي يمتحن التلاميذ، كل يومين، بطريقة الاختبار المبني على الاختيار من متعدد، حيث يقوم التلميذ بمقارنة أجوبته مع الحلول التي قدمها البرنامج، وبذلك، تُمكّن النتائج المحصل عليها من تفعيل الخوارزمية لتحديد الأسئلة التي تشكل صعوبات لدى المتعلم في الأيام الدراسية اللاحقة.
من هنا يبدو أن هذه الطريقة، قد أحرجت الطريقة الكلاسيكية التي تقوم على الدرس الإلقائي، لأنها منحت مساحة أرحب للمتعلمين الذين لا يجرؤون على المشاركة خوفا من الإدلاء بالإجابات الخاطئة. بذلك، فإن دماغ الإنسان يشتغل بطريقة إحصائية من أجل التعلم؛ وذلك باستباق الجواب المحتمل وقياسه بالحل الحقيقي للمسألة، وتعديله، ثم إعادة تشكيل المسارات العصبية وَفقاً لذلك. وهذا ما يسمى: بطريقة تصحيح الخطأ. ما دام الخطأ ضرورةً ملحةً لفعل التعلم.
2-اِحفظ عن ظهر قلب:
تُرَى ماذا يحصل في ذهن المتعلم، عندما يحفظ عن ظهر قلب قائمة من المفردات مثلا؟. يكشف لنا “Olivier Houdé” – الذي يرأس مختبر “LAPSYDE”؛ وهو أول مختبر يدرس التعلمات بالتصوير الإشعاعي للدماغ- عن الأبحاث التي أجريت في مجال علم الأعصاب: “فحينما ينهمك الطفل في حفظ مجموعة من المفردات، يُشاهد على جهاز المسح المغناطيسي المقطعي أن قشرة الفص الأمامي نشيطة، لأنها في حالة تركيز. –ويضيف الباحث- أنه خلال عملية الحفظ يُشاهد تغيُّر خلف-أمامي للدماغ وأسفل اللِّحَاء”. وهنا يتدرب الدماغ على الآلية لتصبح عملية الحفظ أوتوماتيكية لأنها ترسخت في الدماغ، مما يعني أنه بإمكاننا مثلا؛ استظهار حكاية لافونتين أو جدول ضرب أثناء القيام بشيء آخر دون أدنى مشكلة، لأن الدماغ ممرن على تخزين المعلومات وَفْق حركية الذاكرة. ويضيف الباحث: “اكتشفنا لاحقا أننا إذا ما تخلصنا من الحفظ عن ظهر قلب، فإن الدماغ يقوم برد فعل معاكس”. تبعا لهذا، يعتقد الباحث؛ أن آلية الحفظ عن ظهر قلب، ضرورةٌ ملحةٌ في مرحلة الطفولة، ما دامتذكريات الطفولة تظل بدورها راسخة إلى آخر مراحل عمر الإنسان.
3-اِبْتكرْ آليات مساعدة على التذكر:
بماذا يمكن أن تفيدنا، في حياتنا اليومية، قائمة أدوات العطف التي حفظناها، والتي يعرفها البالغون أيضا منذ عشرات السنين بعد أن تلقوها في المدرسة بفضل صيغة (Mais où est donc Ornicar?) وهي (mais, ou,et,donc,or,ni,car)؟.
إنها في الحقيقة مجرد آلية مساعدة على التذكر: لا تمتلك معنى في حد ذاتها، لكن تسمح بتخزينها من أجل استعادتها في مرحلة لاحقة. إن مرمى الفكرة هنا؛ ليست في منح معنى للكلمات التي نحفظ، لكن في تنظيمها بطريقة يَسْهُلُ استرجاعُها. وتبقى هذه الوسيلة فعالة للتذكر، ولكُلٍّ أسلوبه في افْتِراع طريقة خاصَّة لتخزين المعلومة.
4-رتّب الكلمات في جملة:
تسمح هذه الجملة: (La corneille sur la racine de la bruyère boit l’eau de la fantaine) بتذكر أسماء كبار الكتاب من القرن السابع عشر،وهم (Corneille,Racine,LaBruyère,Boileau,LaFantaine, Molière). كما تسمح الجملة: ( Adam part pour Anvers avec cent sous,entre derrère chez Decontre) بتذكر أدوات الربط اللغوية: (à,dans,par,pour,en,vers,avec,sans,sous,entre,derrière,chez,de,contre.).
5-اِبتَكرْ جملةً كلماتُها تبتدئ بالحروف الأولى للكلمات المُراد تذكُّرُها:
بهدف تذكر ترتيب الكواكب، أيضا، من الأقرب إلى الأبد من نجم الشمس. وهي (عطارد Mercure)، (الزهرة vénus)، (الأرض Terre)، (مارس Mars)، (المشتري Jupiter)، (زحل Saturne)، (أورانيوس Uranus)، (نيبتون Neptune)، (بلوتون pluton لا يعد كوكبا). نستعمل الجملة الآتية: (Me voici tout mouillé, j’ai suivi un nuage).
6-تخيَّلْ نفسك شاعراً:
يمكن حفظ مجموعة من القواعد الرياضية، وذلك بصياغتها على شكل أبيات شعرية، مثل(La circonférence est fière d’être égal 2R et le cercle bien heureux d’être égal à R2) وتعني في اللغة العربية:
(المحيط يفخر بأنه يساوي 2R والدائرة سعيدة أن تتماثل بR2 ).
7- اِجمعْ كلمات لتتذكّر قاعدةً إملائيةً:
تسمح هذه الجملة: (Le chapeau de la cime est tombé dans l’abîme et celui du boiteux tombé dans la boite)، بتذكر مواضع (النبر والحركات الإعرابية والتضعيف والتنغيم…). كما تسمح الجملة الآتية: (Les bonbons m’ont donné de l’embonpoint sans néanmoins de transformer en bonbonne)، بمعرفة وتذكر الكلمات التي نضع فيها أو لا نضع حرف (m) قبل (b) و(p).
8- اِبْتكرْ قاعدة تبدو لك منطقية:
لتذكر الشهر الذي تضاف فيه الساعة في فرنسا (Avril–أبريل). نتذكر الحرفين الأولين من فعل (Avancer) الذي يعني تقدم إلى الأمام. والشهر الذي يعود فيها التوقيت العادي، نتذكر الحرفين الأخيرين من (Octobre- أكتوبر) الذين هما الحرفين الأولين من فعل (Reculer) الذي يعني العودة إلى الوراء.
9- إلعبْ بالصوت:
بفضل الجملة الاسمية (Un ciseau neuf) التي تعني 1=un، 6=six، 0=seau، 9=neuf، نتمكن من تذكر كم يساوي الميل الأنجليزي، وهو يعني (1,609 كلم).
10- مارِسْ الريّاضة لذاكرة أفضل:
“العقل السليم في الجسم السليم” (Mens sana in corpore sano). هذه الحكمة مأخوذة من القولة العاشرة من كتاب (seize Satire) ل”Juvénal” التي كتبت بين 90 و127، انطلاقا من وبمساعدة عالم في اللاتينيات “Anatole Morlet” قام “Pierre de Coubertin” بالنسج على منوالها المقولة (Mens fervida in corpore lacertoso)، والتي تعني “العقل القوي في الجسم القويم”.
باختصار، من أجل نمط عيش سليم، ينبغي ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة الثقافية بشكل متكامل. وقد وضّحت “Hélène Amieva” أستاذة بجامعة بوردو، وباحثة في (L’inserm)، ومتخصصة في اضطرابات المعرفة والذاكرة، وعضو المجلس العلمي التابع لمرصد الذاكرة (B2V) أنه “أكدت مجموعة من الدراسات، أن الممارسة المنتظمة للأنشطة الرياضية، تقلل من خطر الإصابة باضطرابات الذاكرة. لهذا يُوصَى بممارسة الرياضة بأوكسيجين عالٍ بانتظام، مثل: المشي والجري وركوب الدراجة التي لها فوائد الحماية من مشاكل القلب والشرايين”. وتضيف الباحثة: “يجني الشخص الممارس للنشاط الرياضي فوائد كثيرة تنعكس على وظائفه المعرفية وعلى ذاكرته”.
11- شغِّلْ عقلَك:
تُسْهِمُ كل الأنشطة الثقافية في الحفاظ على الذاكرة، شرط أن تُمارَس دون ضغط، وأن تكون مصدر متعة. تقول “Hélène Amieva”: “لا شيء يُثبت أن إجبار شخص على المشاركة في ورشات الذاكرة يجنبه من الوقوع في التدهور المعرفي”، إلا أنه يستشهد المختصون بالعديد من الدراسات التي تثبت أن ممارسة الهوايات وأنشطة الوقت الثالث مثل القراءة والبستنة والإصلاح والحياكة (…) وغيرهاتحفز الذاكرة وتقلل من الإصابة باضطرابات في الوظائف المعرفية مع تقدم السن.
12- اِمتلك حياة اجتماعية غنية:
تقول الباحثة”Hélène Amieva”: “ينبغي اعتبار العلاقات الاجتماعية مصدراً للتحفيز الثقافي بشكل تام”. على غرار “Francis Eustache” ومتخصصين آخرين في الذاكرة. واعتمدت”Hélène Amieva” على التجريبات التي تُظْهِرُ، منذ زمن طويل، أن الحيوانات التي تنشأ مع قريناتها تتطور دماغيا تطورا مهما، على مستوى العديد منالروابط العصبية، أفضل من تلك التي تعيش بمفردها”.
وخلاصة ما توصلت إليه الباحثة هو: أن “التخطيط للذهاب إلى السينما مع الأصدقاء أو تناول وجبة في البيت، كلها أنشطة كفيلة بتنمية مقدرات التخطيط والتواصل، ومختلف أنواع الذاكرة (القصيرة المدى والطويلة المدى والاستشرافية)، دون نسيان ما هو أهم؛ أن تكون هذه الأنشطة مصدرا لتحقيق الاسترخاء والمتعة”.