طعناتُ الدَّهرِ كثيرةٌ ، أشدُّ مضاضةً ، عالجها بالشِّعرِ يا صاح ، قلِّب صفحاته تعرف كيف أن الحكمة تُقطَف من أفواه المجانين ، عمالقة الحرف هؤلاء ممن لم يكُ أفقهم سوى صحراء للوهم ، جابوها ببصيرتهم لا أبصارهم .
ربما عاشوا عميانا في فراديسهم ، تراوغهم متاهات السّراب يطاردون خيوطه ، تُغريهم كؤوس الظمأ ، يذبحهم الحرمان ، لكنه الخُلد كتب لهم ، لم تزل البشرية تقطف من فيض قلوبهم قبل عقولهم ، ما الارتواء به مستحيل.
يرفلون في خلودهم مثل منارات في أكباد الدجى المندور لأهازيج الجن.
مجنون بثينة ، مجنون عبلة ، مجنون لبنى ، مجنون ليلى إذ يقول :
أَلَيسَ اللَيلُ يَجمَعُني وَلَيلى
كَفاكَ بِذاكَ فيهِ لَنا تَداني
تَرى وَضَحَ النَهارِ كَما أَراهُ
وَيَعلوها النَهارُ كَما عَلاني
أنكذّب ذاكرة الشعر العربي المحتفية بعذرية من هم من طينة هؤلاء المجانين ، كي نصدّق صوت أعماقنا وكيف أنه يحرضنا على تبليل الأجساد ، حتى آخر الثمالة ، الأجساد كورطة حقيقية لا تنتعش الأرواح إلاّ بها ، لأنه كلما تلطّخنا يكتمل الطهر..؟
بقلم أحمد الشيخاوي / 08 ــ 01 ــ 2022
يتبع …