عمّان –
يتكئ الشاعر العماني يونس البوسعيدي في ديوانه الجديد”بِــنَـكهةِ البَرزخ” على جزء من خطاب للسلطان قابوس بن سعيد طيّب ﷲ ثراه، يتحدث فيه عن مبدأ السلام والسماحة المقترن بالقوة، ثم يتبعه بقصيدته الأولى التي يتغنّى فيها بجمال عُمان وأهلها.
ويقدم البوسعيدي ديوانه الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” بالأردن بعد تجربة كبيرة استندت إلى أدوات شعرية ناضجة جعلته يحتل مكانة مهمة على صعيد الساحة الشعرية العمانية والعربية، ووضعته في مصاف الشعراء الكبار، وذلك من خلال ما يقدمه هذا الديوان الغني بالموضوعات الشعرية المختلفة من نقلة واسعة في بناء القصيدة والقدرة على بناء الصور الفنية العميقة التي تمثل جوهر القصيدة كوحدة إبداعية، وقدرة على ربط وتطوير موقف فكري وفني من مجمل الوحدات الابداعية أو القصائد التي نظمت خلال الديون.
في قصيدته “أحجيةٌ ﰲ مِرآةِ امرأةٍ هولنديّة” يقود الشاعرُ المتلقيَّ إلى لحظة بعيدة في جوهر المدينة “مسقط”، فيجعلك تنظر إلى مدينة من زمن آخر، مدينة لابد أن تعشقها حين تسمع القصيدة:
“مسقطُ أحجيةٌ ﰲ مِرآةِ امرأةٍ هولنديّة.
قالت:
مسقطُ أُمُّ الناسِ
الناسُ بمسقطَ مرْجُ زهورٍ يُسقى مِنْ حُبّ واحدْ
في مقهًى ﰲ (شطّ القُرْمِ)، و(سوق السيبِ)
كما أسنانِ المِشْطِ
هنا الإنسانَ هو الميزانْ
مسقطُ بنتُ الحُبِّ، وبنتُ الحِصْنِ، وبنتُ النخلِ، وبنتُ البحر،
وتلبسُ خنجرَ كالتنورْ”.
ولعله يرمي بثقل الحب الذي يثقل كاهله على كاهل القارئ فيشاركه حمل الحب، مبتعدا عن الألاعيب اللفظية التي من شأنها التفريط بقدرة القصيدة على التركيز، وخلق نواة شعرية يمكن متابعتها وفهمها، وتصوّر حياة الشاعر ورؤيته الشعرية، ومحاولة ربط السيرة الشخصية بسيرة المدينة.
ويغوص البوسعيدي في التاريخ ويتخذ منه طوق نجاة أحيانا فيما يسخره أحيانا أخرى ليكون التاريخ أكثر إلهاما للمستقبل حين استحضاره بهاجس التحريض والحوار معه لا بهاجس الانصياع والتبعية، للوصول إلى لحظة وعي يجد فيها طريقا للتحرر من التابوهات والقيود.
يشتمل الديوان على مجموعة متنوعة من القصائد هي: طائرٌ في حِصْنٍ عُماني، أحجيةٌ في مِرآةِ امرأةٍ هولنديّة، يقولُ مسافرٌ في الباص، حقائبُ هزلى، جَنَاح “لاماسو” المهيض، أطلقَ الرُّوح، كالمحرَّر، كأنه موناليزا..، صراط..، لزحمة شوارع مسقط، لقطةٌ ضجِرَة، رتابة، أوقفتُ الساعة، ضحِك، حُزْنُ لاعبِ الخِفّة، عِــمــىً بصير، كما السائح الأعمى، روزنامة الغبار، دعوة تذكارية إلى إبراهيم السوطي، على مشارف أندلسٍ ما، نَكهة الحريّة، ظِلُّ الظِلّ، خطوطُ قطار، كصندوق البريد، رمية بولينج، على زجاج “الهايبرِ ماركت”، هُيولى برزخيّة، ما يفعل البدويّ؟، مرثيّةُ الشاوي، قدريّة الطين، برزخيّ، برزخٌ مخمليّ، شُعُوبًا وَقَبَائِل، تعالي لِذاكرةٍ بيضاء، موعد، ترميم، طائرة ورقية، سالم الصُّوْري يحملُ عُودَه، بهلولٌ مولويّ..، ، مارادونا، المطرحيّ، ساڤو أخرى، السنيورةُ تمشي في منَح، سأخرجُ مني.
يشار إلى أن الشاعر يونس بن مرهون بن يوسف بن حميد البوسعيدي، يعمل محاميًا، حاز مكرمةً من لدن السلطان قابوس بن سعيد ضمن الأربعين أديبًا مُجيدًا بمناسبة العيد الوطني الأربعين لسلطنة عمان. صدر له الدواوين التالية: “قريبٌ كأنه الحُبّ”، “هاجس الماء والمرايا”، “س من الناس”، “رُوحُه البحر والريح”، “كاللبان محترقًا أُغنّي”، “مايسترو الوردةِ والبرق”، “صنّاجةُ عُمان.. الشيخ محمد بن علي الشرياني”، إضافة إلى كتاب في المقالات بعنوان “جوقة العنادل”.