رواية “المنسي” لسميح مسعود.. سيرة غيرية في المقاومة ووحدة الدم العربي

عمان:-

يتناول سميح مسعود في رواية “المنسي” سيرة الضابط العراقي عبد الله الرشيد وابنه فاضل الذي وُلد أثناء خدمة أبيه العسكرية في جيش الدولة العثمانية في بدايات القرن العشرين.

وجاءت الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 212 صفحة من القطع المتوسط، واستهلها المؤلف بالحديث عن الظروف التي اكتنفت ولادة فاضل الرشيد؛ وعودة الأب (عبد الله) بعد سنوات طويلة من البعد عن بيته ليجد ابنه قد أصبح شابًا يُعتمد عليه.

خلال ذلك يشرع الأب في تلقين ولده مبادئ القومية العربية، ويجعل من نفسه مثالا حيا عبر جهاده ضد البريطانيين في جيش الدولة العثمانية، وخوضه معركة غير متكافئة أمام الأسطول البريطاني، انتهت باستشهاد عبد الله الرشيد ورفاقه، واجتياح القوات البريطانية للعراق.

يصوّر سميح مسعود اللحظات الأخيرة لعبد الله مع عائلته بالقول:

“ودّع عبد الله أسرته وشقيقه عادلاً، وسلّم ابنه يومياته وطلب منه أنْ يقرأها عندما يكبر ليُلِمّ بمسار حياة والده، وطلب من شقيقه عادل أنْ يهتم بفاضل بقدر اهتمامه بابنه مجيد، ثم خرج من بيته وقاد معركة التحمت فيها قواته مع القوات البريطانية، لكنّ الغلبة كانت للقوات البريطانية، لتفوّقها بما لديها من أسلحة حديثة لم تعرفها الحروب من قبل، ونتيجة هذا التفوق قُضِيَ على جيش الدولة العثمانية، واحتلت بريطانيا رأس الخليج العربي، ومن ثم أحكمت سيطرتها على مدينة البصرة، وانحنت لها سعف النخيل”.

ويكمل فاضل، خلال الجزء الثاني من الرواية، سيرة أبيه عبد الله، فيختار أن يكون ضابطا في الجيش، ويقاوم البريطانيين في كل من العراق وفلسطين، فيقف إلى جانب الثوار الثوار المقاومين الذين قدموا أنفسهم فداء في سبيل إيقاف ما كان يُحاك من مخططات أدت إلى احتلال الصهاينة لفلسطين وتشريدهم أصحاب الأرض الأصليين من بلادهم.

ويسرد مسعود بعد ذلك ما تعرض له فاضل من نفي واغتراب، قبل أن يعود إلى بلاده، وتشاء الأقدار أن يلتقي بالمؤلف نفسه (سميح مسعود) فيكونا زميلين في العمل، ليقدم فيه شهادة حية نابعة من قربه منه وإحاطته بكثير من تفاصيل شخصيته الاستثنائية.

وأشار د. رشيد النجاب إلى أن سميح مسعود “قد وفى بوعده لصديقه الراحل فاضل عبد الله الرشيد، ابن البصرة وصاحب التاريخ النضالي المجيد في العراق وفلسطين، ولم يتركه منسيا”. وبين أنه رسم للقارئ: “معالم هذه الشخصية ومنشأها، والظروف التي أحاطت بنشأتها، والمرجعية المشبعة بنفس عروبي، مسترشدا بسيرة والده التي حرص على تدوين يومياتها، وتقديمها لابنه لتكون الدرس الأول في نشأة عروبية آتت أكلها”.

ويضيف د. النجاب أن الكاتب: “قد حَشَدَ هذه الرواية بالمعرفة والمعلومات التي هي طابع مميز لكتابات سميح مسعود، والتي تخلق عالما من التشويق الذي يشد القارئ لمعرفة معلومات تحمل الجديد دوما، وتتسلل إلى النص برشاقة يشعر معها القارئ أن هذا هو المكان المناسب لتقديم هذه المعلومة. كيف يكون في البصرة ولا يتحدث عن سبب تسمية العراق بـ”أرض السواد” وهي الأرض المعمورة بالنخيل وبالزرع، التي يصل إليها المسافر عبر الصحراء القاحلة”.

ومن الجدير ذكره أن سميح مسعود شاعر وكاتب وُلد في حيفا عام 1938، ودرس في جامعتَي «سراييفو» و«بلغراد» في يوغوسلافيا، وحصل في عام 1967 على درجة الدكتوراة في الاقتصاد من جامعة بلغراد. وقد عمل مستشارًا اقتصاديًّا في ثلاث مؤسسات إقليميّة عربيّة تتّخذ من الكويت مقرًّا لها، وانتُخب في عام 1990 رئيسًا للاتحاد العام للاقتصاديّين الفلسطينيّين- فرع الكويت، وهو عضو رابطة الكتّاب الأردنيّين، والاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب. وصدر له ستة وأربعون كتابًا منها ستة وعشرون في مجال الشعر والأدب.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

قيم ” التسامح ” و” التعايش ” في الشعر العربي

د.حسن بوعجب| المغرب             لقد اضطلع الشعر منذ القدم بدور تهذيب النفوس وتنمية القيم الإيجابية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات