كصوت واعد ، تشاكس الشاعرة الجزائرية آمال زكريا ، الحياة والنص بكل ما أوتيت من أنوثة وهشاشة زائدة ، بحيث يجنح خطابها الشعري إلى سائر ما يغذي روح الانتماء ، مخرجا الأنثى من أقفاص الاتهام ،وجور الطابوهات ، من خلال كتابة انقلابية وإن كانت مباشرة في المجمل ، فإنها تظل تحافظ على عمقها وجوهريتها ، إذ تحاول الذات الشاعرة ،عبرها أن ترتقي بل ترسّخ المضامين المبتكرة عن الأنثوي ، ضمن دوائر مثل هذا التحرر المنتصر للحس الوطني فالعربي فالإنساني أخيرا.
من خلال متابعتي لما أبدعته وتبدعه ، أجدها تميل إلى معجم المفردة الصافية ، المشرعة على أفق دوال تماهي الأنثوي مع معطيات الانتماء.
إنها بساطة القول الشعري المفخخ برسائل قوية وشديدة اللهجة المناهضة لكافة أشكال استعباد الانسان والأوطان .
جملة تقنيات تتسلح بها هذه الشاعرة الواعدة، كي تذود عن هوية عربية باتت شبه مغيبة عن مريا كثيرة في إبداعات هذا الجيل الذي انجذب عن غير وعي إلى ما سمم انتماءه ، وأبرزه ككائن استهلاكي لا أكثر ، في أدوار البطولة الزائفة والانصهار المتسرع والارتجالي في دورة حضارية أجبرته على تقديم تنازلات جمة ، تبعا لمتاهاتها، نلفيه وقد اجترّ الآخر ، لكأنه مجرد صدى له ، في مطلق المنظومة ، بما في ذلك الوجودية أو الهوية الإبداعية.
بدل أن يبدّل هذا الجيل جلده ،باجتراح كتابة انقلابية وخوض ثورة ثقافية تترجم صوته هو ،بكل استقلالية ومن دون تبعية ولا ابتداع، ها قد انساق وراء ما يورث هذه النمطية والتقليد والتقمُّصات الحرفية المفتقرة إلى روح الثورة الإبداعية في أدنى تجلياتها ومعانيها.
في شعرية الجزائرية آمال زكريا ، ألمس بعضا من ملامح الكتابة الانقلابية المنتصرة لحرية الأنثوي كمتن لا يمكن فصله عن مفهوم الانتماء.
من طقوس ما أبدعت ، نورد لها الآتي:
بمرآة شفافة
إياك والهواجس والرحيل
أن تشرب ماء جفوني
وترمد ملحا جراحي
دع ظلك يستطيل إلى ما بعد القرص
ولا تقصل رأس السؤال عنك
حتى يروي فضولي
وأرسخ بعمقك أكثر.