سي عبد السلام رجل وديع ومتزن ويملك نصيبا من الرزانة والتعقل والمنطق الحكيم،حياته موزعة بين أربعة أماكن:منزله ومقر عمله والمسجد وقاعة رياضة كمال الأجسام التي يرتادها خمس مرات في الأسبوع ،يعتني بنفسه كثيرا لايشرب دخانا ولا يعاقر خمرة ولا يجالس أشرارا،جميل في هندامه وسيم في وجهه لبق في حديثه لطيف في معاملاته خفيف في ظله،
الجميع يحبونه ويحاولون التقرب إليه،أما عن حالته العائلية فهو متزوج من امرأة قلما يجود الزمان بمثلها زوجة عفيفة وطاهرة تلبي كل رغباته،وتقضي كل حاجياته،همها الوحيد هو إرضاؤه والسهر على راحته.
في القاعة الرياضية تعرف على ممرضة لا تقل عنه حماسا في مزاولة الأنشطة الرياضية،أعجبت به من أول نظرة بل شغفت بوسامته وحلاوة كلامه وقوة جسمه وطول قامته،فقررت إغراءه وإثارته لإسقاطه في حبائلها رغم علمها بأنه رجل متزوج ومستقيم،صارت تتقرب منه مستعملة كل أسلحة الأنثى للإيقاع به،بل بلغت بها الجرأة والوقاحة إلى أن طلبت منه مساعدتها القيام ببعض الحركات الرياضية من قبيل:”ارفع يدي!امسكني من خصري!باعد بين رجلي؟”وما إلى ذلك من أساليب الإغراء الجسدي,ولم تكتفي بذلك بل كل ما لمسها تبدأ تتأوه آهات كلها غنج ودلال والمسكين غافل أو متغافل عما يحاك له،مع مرور الأيام أضحى السي عبد السلام يشعر بميل غريب نحو هذه المرأة،حاول تجاهل هذه المشاعر التي جثمت على نفسه لكنه لم يفلح،ازداد ميله إلى هذه المرأة وسرعان ما تحول هذا الميل إلى حب جارف لا يبقي ولا يذر…
أحست الممرضة بنشوة الانتصار وأنها تمكنت من إسقاط رجل كان يحسب له ألف حساب،راح السي عبد السلام إلى صديقه المقرب والحميم السي عبد الصمد التاجر المعروف في المنطقة ، وحكى له قصته بالتمام و الكمال ،قال له بأنه دخل في علاقة غرامية مع الممرضة،إنه صديقه المقرب والحميم لا يخفي عليه شيئا ،جحظت عينا صديقه لما سمع الخبر ، وسأله قائلا:”أي شيطان أغراك بهذا الغرام ؟الم تكن تعرفها مسبقا؟الم تكن تدري بأنها امرأة لعوب وخطيرة ومتمرسة وفنانة في الإطاحة بأقوى الرجال وأعتاهم .. ماذا دهاك؟رد السي عبد السلام مستسلما مهما يكن ،فات الأوان فأنا اليوم أصبحت أحبها حتى لو كانت ماردا من الجن!اسمع يا صديقي فات أوان النصيحة كل ما أطلبه منك الآن أن تعيرني مفتاح شقتك الفارغة وليكن ما يكون!تردد عبد الصمد قليلا ثم ما لبث أن سلم له المفتاح وهو يقول :أنت صديقي لا أستطيع أن أرفض لك طلبا أو أعصي لك أمرا…
لأول مرة في حياته يعاقر السي عبد السلام الخمر رفقة الممرضة،عاد إلى داره مخمورا وهو يتمايل ذات اليمين وذات الشمال،عندما شمت زوجته رائحة الخمر التي تفوح من فمه ولولت وصرخت ولطمت خدها،وضع يده في فمها وقال لها متوعدا:”إما أن تسكتي وإلا طردتك من البيت فورا،فغرت فاها ونظرت إليه مستغربة ثم سألته قائلة:”أي شيطان أغراك بهذا؟حدق فيها مطولا وأجابها بأغنية:”قولو لها الممرضة يالال يالا لا هي داوي فالمرضى وحبيبها مجروح”هرعت إلى بيتها وأغلقت عليها بابها وانهمكت في نوبة من البكاء. لم تكتف الممرضة بعلاقاتها العابرة والحميمية مع السي عبد السلام أرادته كله ، وضعت خطة محكمة وجهنمية لتطليقه من زوجته ،استغلت فرصة لقائه في شقة صديقه عبد الصمد وقالت له”اسمع السي عبد السلام سأبوح لك بسر طالما كتمته عنك لكن قبل البوح به عدني ألا ترتكب حماقة تندم عليها طوال حياتك…
اقتربت الممرضة من السي عبد السلام،وضعت يدها على رأسه، نظرت إليه نظرة فيها الكثير من الخبث والمكر وسوء النية ثم قالت له:اسمع السي عبد السلام أنت رجل محترم ،الجميع يقدرونك ،لن تجد امراة تحبك وتغار عليك مثلي،لم أكن أنوي البوح لك بهذا الخبر لكن رائحتها فاحت وانتشرت سمع بها الداني والقاصي ،الصغير والكبير،نظر إليها مستغربا وقال:”من هي هذه التي فاحت رائحتها وسمع بها الكبير والصغير؟قالت له:”إنها زوجتك التي طالما تباهيت بعفتها وطهارتها!قال لها مندهشا:”ماذا فعلت؟قالت له :”إنها تخونك مع صديقك عبد الصمد،لقد رأيتها بأم عيني متلبسة معه في مكتبه داخل المتجر،وهي ترتدي تبانها الأحمر وصدريتها الحمراء وإذا شككت في كلامي اذهب الى بيتك واطلب منها إن تخلع ثيابها فإن لم تجد اللون الأحمر في ثيابها الداخلية اعلم بأنني لست كاذبة ،لكن أرجوك إياك ثم إياك أن ترتكب حماقة ،طلقها وكفى…
لما سمع السي عبد السلام كلام الممرضة ثارت ثائرته واستشاط غضبا ،أظلمت الدنيا في عينيه وتساءل بينه وبين نفسه:”أيعقل هذا أيعقل أن تخونني زوجتي التي كنت أتباها بعفتها وشرفها أمام الناس؟إنطلق مسرعا إلى بيته ، أمر زوجته بخلع ملابسها ،استغربت لهذا الأمر، قال لها بصوت مرتفع:”قلت لك اخلعي ملابسك!استجابت لأمره وهي حائرة، عندما رأى تبانها وصدريتها الحمراوتين تأكد من كلام الممرضة،لم يتردد ،دلف إلى المطبخ وأخرج منه سكينا كبيرا ،وقف خلفها وأمسكها من شعرها، ثم نحرها من الوريد إلى الوريد،دس السكين في جيبه الذي قتلها به وهو لا يزال يقطر دما ، وتوجه إلى صديقه عبد الصمد وجده في متجره،بادره بالسؤال قائلا:”أهذا هو الملح والطعام الذي بيننا، أهكذا يفعل الخل بخليله، كنت أظنك صديقي بل أخي وفي الأخير طعنتني في ظهري وفي شرفي ،استغرب عبد الصمد من كلام السي عبد السلام، أراد سؤاله عن ماذا يقصد بحديثه ،لكن السي عبد السلام لم يمهله ،استل السكين من جيبه وغرسه في بطنه حتى تيقن من موته، وهو يهم بالخروج من المتجر صادف الخادم سأله قائلا:”من هي المرأة التي زارتكم هذا الصباح؟اجابه الخادم:”الممرضة وكانت تضع منديل الحمام على رأسها…
لما سمع السي عبد السلام كلام الخادم استفاق من غفلته وعلم بأنه قتل زوجته وصديقه ظلما وعدوانا وأنه كان ضحية لمؤامرة افتعلتها الممرضة،توجه مباشرة إلى المستشفى نادى على عشيقته،أحست بوجود خطب ما ،لكنها تجاهلت الأمر ،عندما اقتربت منه استل الخنجر من جيبه وطعنها في بطنها، لم يكتف بذلك، بدأ يسحبه يمينا وشمالا إلى أن خرجت أمعاؤها، فر كل من كان بالمستشفى بمن فيهم الطبيب،ترك أداة الجريمة مغروسة في بطنها وتوجه إلى مصلحة الدرك الملكي سلم نفسه واعترف بكل شيء.