عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدرت الأعمال القصصية الكاملة للقاص الكردي ” خيري بوزاني”. وتضمنت خمس مجموعات قصصية صدرت باللغة الكردية هي:
– موجة الرمال السوداء، 2019. ترجمة: شمال أكريي.
– سهم وهدفان، 2020. ترجمة: فائز حراقي.
– قناديل الحب والحياة، 2021. ترجمة: لورين جتو.
– كان ولم يكن. ترجمة: لورين جتو.
– رسائل الشفق. ترجمة: بسام مصطفى.
تتسم قصص “خيري بوزاني” بكونها قصيرة مكثَّفةٍ، غَنيَّةِ الدَّلالاتِ، مفتوحة على قراءاتٍ متعددةٍ، واسعةٍ وبعيدةِ المقاصدِ، كأنها لوحات تشكيلية يُكمِّل بعضُها بعضًا في معرِضٍ متكاملٍ يمكن استشفافُ فلسفةِ مؤلِّفها ونظراته وعُصارة فِكرِه في الكون، الحياة، المجتمع والإنسانية عامّة، حيث اتخذ الكاتب من مكان رؤيته القريبة للأحداث مرصدًا يتتبعها من خلاله ساعيًا إلى صوغ الحِكمة/ الحِكَم التي توصل إليها بعد تجربة عميقة، غنية وبعيدة المدى.
وقد آثرَ المؤلفُ في هذه (القصص القصيرة جدًّا) أن يحترز من الإغراق في الرمزية التي وظَّفها بعيدًا عن التكلُّف والتعقيد، وتوسل بها أحيانًا لترجمة حالة مستعصية على التعبير المباشر، بل حاول كثيرًا أن يعتمد الأسلوب الواقعي من مبدأ أن تكون قصصه القصيرة جدًّا؛ مرايا تعكِس مساحاتٍ واسعةً جدًّا ومآسيَ عميقة جدًّا وواقعًا مريرًا عاشه شعبه الكورديُّ عامَّةً، والكورد الإيزديون خاصةً، على مَرِّ أزمنةٍ طويلة ومراحلَ تاريخية تكثَّفت صورُها في هذه القصص، مستغرقًا في نقل الأحوال النفسية لشخصيات وظَّفها بعنايةٍ وإدراكٍ مستعينًا بأسلوب غنيٍّ بالتكثيف والاقتضاب والإيجاز. فكلُّ مجموعة منها، عبارة عن مقتطفات قصيرة كأنها تلك المرايا التي تروي تاريخًا مليئًا بمعاناة أُناس لا ذَنْبَ لهم سوى اختلافهم عن الآخر بانتمائهم القومي أو الديني أو الفكري، ولم تكن الضريبة يسيرة، بل كانت إبادة / إباداتٍ جماعية تراكمت على صفحات التاريخ الإنساني.
وتكمُن جمالية السرد في هذه القصص في سِمة التكثيف التي تشتمل على سِمتي الاختزال والإيجاز أيضًا، إضافة إلى قدرتها على خلق التساؤل والدهشة لدى القارئ، واشتمالها على وحدة الموضوع وشعرية اللغة المستخدمة فيها، حيث نقل الكاتب ما أثار دهشته وتأمله إلى نصوص سردية شديدة التركيز والتكثيف، مع الحفاظ على خصائصها الفنية والجَمالية، من حيث البداية والنهاية وما يجمع بينهما من مفردات أو جُمل قليلة، في حجم محدود.
أرادَ الكاتب «خيري بوزاني» أن يكونَ أدبُه حاملاً رسالةً إنسانيةً واضحةَ الأهدافِ، بعيدًا عن اِدِّعاء الانزياحات العبثية والتكلُّف المصطنع والتصويرات الخاوية والجَرْيِ وراءَ أساليبَ تقتصرُ فيها عمليةُ الإبداعِ على شعار (الفن من أجل الفن) مجرَّدًا من أبعادِه الإنسانيةِ ورسالته في خدمة قضايا المجتمع والوطن والإنسان، بل أراد أن تكون قصصه القصيرة جدًّا، في هذا المستوى من الإبداع الواقعي أو الواقعية الإبداعية، مشتملةً إلى جانب عناصرها الأدبية، الجَماليَّة والفنية؛ عناصرَ تُضفي على تلك القصص سِمتين واضحتين، هما: سِمَةُ الأدبية وسِمَةُ الإنسانية، تحقيقًا لدور الأديب في مجتمعه على مرِّ العصور والأزمان، حتى كادت هذه المجموعات من (القصص القصيرة جدًّا)، أنْ تكون خُلاصةً فَنّيَّةً أدبيَّةً إبداعيَّةً لأحداثٍ جرت في مرحلة تاريخية سَطّرها الإرهاب بكلِّ مسمياته بكلماتٍ من دَمٍ، قَتْلٍ، ترهيبٍ، اغتصابٍ واعتداءاتٍ وحشيةٍ، وأن تكون نتاجَ حِكمَةٍ استنبطها الكاتب من واقع لصيق به وبحياته وبالمجتمع الكوردي الإيزدي.