قبل بزوغ الفجر بقليل،تدثرت كنزة في عباءتها الرمادية،وتأبطت كيسا رثا ،به رقع كأنها بقع من البرص…ثم اندفعت بولدها نحو البركة المباركة…واو اللوت…وهي تتمتم…باركتك أللا واو اللوت …كررتها عدة مرات،ثم تلتها بسورة الفاتحة…يا شافية ،يا كافية…ثم أغمست ولدها ،ذو الخمس ربيعا في جانب من البركة،بعد أن جردته من جميع ملابسه …هكذا قيل لي…لكي يشفى ولدك من مرض التوحد…لا بد أن تحافظي على جميع هذه الطقوس وإلا فإن عيشة قنديشة وزوجها مسعود، سيغضبان غضبا شديدا…تذكرت كنزة هذه الطقوس دفعة واحدة كأنها شريط مسجل ..ثم أعادت غطس ابنها في جوف البركة مرة أخرى،لكن المفاجأة أن يد ولدها انفلتت من يدها،وهام في أعماق البركة ،والشمس لا زالت لم تفتح مقلتيها بعد…رمت بنفسها وراءه لعلها تدركه،لكن البركة ابتلعتها هي الأخرى…
وتداول الناس قصتها يبكون ويتباكون إلى يومنا هذا،بل أضافوا لها أساطير أخرى ..إلا أن عيشة قنديشة وزوجها مسعود لا زالا يظهران بين الفينة والأخرى على صفحة البركة… يتبادلان الضحكات الصاخبة،مرددين…ماأغباك يا إنسان…تركت الشافية الكافية وعانقت البركة الدامية.
شاهد أيضاً
قيم ” التسامح ” و” التعايش ” في الشعر العربي
د.حسن بوعجب| المغرب لقد اضطلع الشعر منذ القدم بدور تهذيب النفوس وتنمية القيم الإيجابية …