كان عيد الأضحى قد شارف على المجيء ومن عادات الأم سما، أن تصحب ابنتيها سمية ومنى للمحال التجارية لشراء الملابس الجديدة والألعاب . لكن مع جائحة كوفيد 19 والقيود التي فرضتها على الحركة لم يكن أمام الأم من سبيل سوى الشراء أون لاين عبر المتاجر الإلكترونية أعجب سمية فستانا جميلا لونه زهري لم يكن بالمتجر منه سوى قطعة واحدة، مما آثار غبطة منى الصغيرة التي أرادت فستانا بنفس اللون ، فحاولت الأم أن تبحث عن نفس الطراز من الفستان وبنفس اللون لدى متاجر إلكترونية أخرى فلم تجد سوى فستانا بنفس الطراز ولكن بلون أرجواني !!.. حزنت منى، لكن الأم التي كانت تحب هذا اللون جدا قصت على ابنتها قصة تاريخية شيقة فقالت: أتدرين يا منى أن اللون الأرجواني الذي لم تفضليه كان لون الملوك والنبلاء والوجهاء ؟ اندهشت الفتاتين :كيف يا أمي؟ قالت الأم :كان الحصول على اللون الأرجواني صعب المنال وقد تم استخلاصه من قبل الفينيقيين الذين سكنوا ساحل بلاد الشام منذ ما يقرب السبعة آلاف عاما. عن طريق الرخويات الصغيرة، وكانت تكلفة استخراجه ونقله للتجارة باهظة . فقد كان نادر جدًا ومكلفا للغاية، وذلك نظرًا لأن اللون البنفسجي أقل شيوعًا في الطبيعة نفسها” بل ينبغي صنعه وإنشاؤه ولذلك كان من الصعب جدًا الحصول على الموارد اللازمة لإنشاء صبغة بهذا اللون، وعليه ارتبط اللون البنفسجي بالثروة والملوك لأنها الطبقة الوحيدة في كثير من الأحيان التي تستطيع تحمل مثل هذه العناصر باهظة الثمن. ثم أكملت بعد أن رأت تعابير التشوق لسماع بقية القصة من قبل الفتاتين: لهذا كان هو اللون المميز لأباطرة الرومان وبعض حكام أوروبا، وقد سادت بعض القوانين التي تمنع وتجرم ارتدائه بين طوائف الشعب. قالت سمية : معلمات شيقة يا أمي ثم سألت منى :ولكن كيف تحول هذا اللون ليكون لونا شعبيا ومتوفرا للجميع ? . قالت الأم : الصدفة يا منى عقدت منى حاجبيها في دهشة :كيف يا أمي ؟ قالت الأم : كانت مصادفة سعيدة تلك التي باغتت الكيميائي البريطاني ويليام هنري بيركن وهو يحضر مادة الكينين التي تستخدم في علاج الملاريا ، ونتيجة لخطأ كيميائي وقع فيه أنتج مادة صيغية ذات لون أرجواني ثابت، صار بعدها نبراسا لصناعة الصبغات، وتلوين القماش في العالم . قالت الفتاتان :جميل يا أمي قالت الأم موجهة حديثها إلى ابنتها الصغيرة منى :الآن يا منى ما رأيك في اللون الأرجواني قالت منى :أنا أميرة يا أمي وسيكون هذا لوني المفضل ضحكت الأم واشترت لمنى من المتجر الالكتروني الفستان ذو اللون الأرجواني وهي فرحة وسعيدة
استاذه رؤى مسعود جوني كاتبة سورية
د.محمد فتحي عبد العال كاتب وباحث وروائي مصري