كم يفرح المرء ويطرب عندما يعلم بميلاد مجلة أو جريدة ورقية أو إليكترونية جديدة قادرة على الانفتاح على آفاق تزاوج الكلمات وتلاقح الأفكار وتوالد التجدد والانبعاث السابر للأمزجة المتباينة الجامع لشتات القناعات المختلفة وحتى المتناقضة المتناثر بين سماء الروح وأرض العقل، واستعراض أسرارها العامة والخاصة، في مجتمع يُصنف في أسفل مراتب سلالم التأليف ، ويعجّ بمظاهر الأمية والتخلف والنكوص والعزوف عن القراءة التي تزداد حدّتها مع الأيام ولا تنقص ، انسجاما مع الطبيعة الكسولة للنفسية العربية عامة والمغربية المغرمة بالخمول والتكاسل العقلي ، والتي إذا تغلب بعضهم على نفسه الأمارة بكراهية القراءة ،
وقرأ ، فإنه لا يقرأ إلا تلك التفاهات التي تغزو الأسواق وتلوث العقول، بما تتناوله من قضايا السحر والجن والشعوذة وتفسير الأحلام ، من شاكلة ” أهوال القبور” و” المسيح الدجال “و” هاجوج وماجوج “و” كبائر النساء” و العريضة أطول من يحيط بها مقال أو مقالين لكثرتها.
وفي هذا الجو الموبوء، وأمام ما يعرفه عالم تطويع الحرف المتعب، تبزغ مجلة”عناقيد” في شجاعة عظيمة ، ومغامرة عارمة، كمشكاة رقمية ، ساطعة كالشمس تحمل في طياتها قلق البحث عن إنارة عتمة الأكوان ، خدمة للمجال الثقافي والكتابة ، وتعزيزا لإنتاجياتها المعرفية العلمي والأدبية ، حاملة راية الأمل والكفاح والنبوغ والألمعية، بما يشبه “الوحي” الذي لا تحجب حقائقه، ولا تغشي آياته ، ولا تحجز حكمته، وتعبده لسبل العلم والتنوير والمعرفة والانفتاح والاعتدال والتسامح، في وجه كل المتفاعلين ، وإثراء مخزونهم المعرفي، وتمتيعهم بحقهم في الكلام والتعبير والمعرفة والترفية والتثقيف حتى لا يبقوا هملا زائدا ، ما جعل من “عناقيد” صوتا مسموعا مشاركا يثبت الذات والوجود والخلود ، ويغير واقع الحياة والبيئة والسياسة وكل عوالم الفكر من حولها على وجه الخصوص ، ويحولها من مجرد وسيل إعلامية عادية محدودة ، إلى مجلة تستخدم كافة المضامين الإعلامية المتعددة والواسعة من خلال المشاركة والتفاعلية والنقاش والحوار في الحياة العامة والخاصة وتبادل الآراء حول كل القضايا التي تمكن من حرّية الفكر والتعبير وممارسة الديمقراطية وإرساء قيم المجتمع المدني من العدالة الاجتماعية والمساواة ، للقضاء على احتكار الحرف ودكتاتورية الكلمة ، وتسلط المتسلطين من نخب الإعلام التقلًيدي الذين تزعجهم دمقرطة الكتابة والمعرفة ويعتبرون كل من يتجرأ على رفع القلم لكتابة حرف مهما كان متسواه اللغوي والفكري، دخيلا مرفوضا ، تلصق به وبكل سهولة وتلقائية تهمة التطفل ويحكم سلفاً بتغيبه، وفقكم الله وسهل مأمورتكم.
حميد طولست hamidost@hotmail.com
مدير جريدة”منتدى سايس” الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر “منتدى سايس” الإليكترونية
رئيس نشر جريدة ” الأحداث العربية” الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ “لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان .