“ثمامة أمام محكمة التاريخ” و”عقيق منثور” إصداران يتناولان التراث من وجهة جديدة

عمّان-

يعيد الدكتور حسن محمد الصباريني في كتابيه: “ثمامة أمام محكمة التاريخ” و”عقيق منثور” قراءة التاريخ وتقديم رؤى جديدة تتصل بأعلام التراث الإسلامي ونتاجه الفكري والثقافي.

ويرى الدكتور الصباريني أن “العودة للوراء محمودة وضرورية لاسترداد الذات، وأخذ دفعة قوية إلى الإمام، فالحداثة تقتضي الارتباط بالماضي، والتجديد لا يُلغي مقومات الهوية الخاصة”. ويشر إلى أنه “لم يتصل تراث أمة كما اتصل تراث أمتنا، فرغم تقلبات الزمان والسياسة، لم تندثر ثقافتنا وحضارتنا ولم تتغير لغتنا، وتراثنا فيه التنوع واتساع النطاق والتسامح واحترام العقل، متناغمة فيه أحكام الدين والعلم، منسجمة كنظم عقد صاغته يد صائغٍ محكمة صنعته”.

وصدر الكتابان عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن، وجاء الأول منهما “ثمامة أمام محكمة التاريخ” في 128 صفحة من القطع الكبير، واستعرض المؤلف خلاله الملامح الشخصية والفكرية لشخصية ثمامة بن الأشرس؛ الذي يعد أحد أعلام الفكر المعتزلي في العصر العباسي الأول، وأحد الأشخاص الذين تبوؤوا مكانه عالية في سلم الدولة العباسية وكانوا على اتصال مباشر بمؤسسة الخلافة. 

وبرَّر المؤلف السبب الذي دعاه إلى الكتابة عن هذه الشخصية رغم أنه ليس من السهل تناولها؛ وهي الشخصية الجدلية التي ما يزال الخلاف حولها قائما؛ بالحاجة “إلى محكمة عادلة تنظر مجددًا في تفاصيل الأحداث نَظر القضاة، خاصة بعد ظهور وثائق أو العثور على مخطوطات قديمة، فما أكثر من ظُلموا في تاريخنا ورُسمت صورتهم بوحي الخيال بعيدًا عن حقيقتها”. 

ورأى أن كثيرا من الآراء التي وصلت إلينا من كتب التاريخ المختلفة كانت متحاملة على من يخالفها، وثمامة بن الأشرس لم يسلم من ذلك؛ لا سيما وسط حالة العداء التي واجهها المعتزلة، ووصلت إلى درجة تكفيرهم في أحيان كثيرة. 

وقدم الكتاب سيرة ثُمامة الشخصية والسياسية والفكرية بأسلوب منهجي، بدأ بأصله ونسبه، ثم جمع ما توفر من شعره الذي ارتبط بحوادث تاريخية، وعناوين تصانيفه التي لم تصل إلينا. 

وتناول بعد ذلك فكره وآراءه الكلامية والفلسفية التي دار حولها جدل كبير. ثم عرض لحياته السياسية ووجوده في بلاط الخلافة واتصاله بالخلفاء، وعلاقته المضطربة مع الخليفة الرشيد، ودوره التاريخي الهام في عهد المأمون. 

وفند المؤلف كثيرا من الطرائف والمُلح واسعة الانتشار عن شخصية ثمامة، وبيَّن أن الكثير منها نسبت له زورا، ثم تحدث عن الشبهات التي لازمته وردَّها بالتحليل والأدلة. 

أما كتاب “عقيق منثور” فجاء في 306 صفحات من القطع الكبير، ووصف المؤلف عمله فيه بأنه التقط خلاله ما راق له من المكتبة التراثية، فاختار مجموعة من الكتب، وأفرد لكل واحد منها فصلا عرَّف فيه بالكتاب وبمؤلفه وسيرته وثقافته ومنهجيته وأهم تصانيفه، فنقلَ شذرات مقتطفة من كل كتاب وعززها بشواهد تؤكد المقصود.

وأكد أن في تراثنا كنوزا تستحق العناية، و”هي كالعقيق الذي يتميز بجاذبية تريح النفس، وله رونق خلاّب يبعث على الهدوء والتوازن، وعلاج للروح”.

أما الكتب التي تناولها المؤلف بالدراسة والتحليل فهي: كتاب (كليلة ودمنة) لعبد الله بن المقفع، وكتاب (الحيوان) لعمرو بن بحر الجاحظ، وكتاب (العِقد الفريد) لابن عبد ربه الأندلسي، وكتاب (المكافأة وحُسن العُقبى) لأحمد بن يوسف بن الداية، وكتاب (نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة) للقاضي أبي علي المُحسن التنوخي، وكتاب (الإمتاع والمؤانسة) لأبي حيان التوحيدي، وكتاب (خَاص الخَاص) لأبي منصور الثعالبي، وكتاب (جمع الجواهر في المُلَحِ والنّوادر) لأبي إسحق الحصري القيرواني، وكتاب (مصارع العشّاق) لجعفر بن أحمد السراج، وكتاب (الفلاكة والمفلوكون) لأحمد بن علي الدلجي، وكتاب (اللمعات البرقية في النّكَت التاريخية) للمؤرخ محمد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي، وكتاب (ابتلاء الأخيار بالنساء الأشرار) لإسماعيل بن نصر السلاحي (ابن القطعة).

ومن الجدير ذكره أن الدكتور حسن محمد الصباريني حاصل على درجة دكتوراة الفلسفة في أصول التربية من جامعة بخت الرضا في السودان، وصدر له إضافة إلى هذين الكتابين: كتاب “الكونفوشيوسية”، وكتاب “واحة المعتزلة”.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

هَجَرَتْ بَحْرَ الْهَوَى

سالمي عبد القادر| المغرب هَجَرَتْ بَحْرَ الْهَوَى مِنْ هَوْلِ الْمَوَاجِعِ وَالْهَوَى يَمٌّ مِنْ الْهُمومِ الْفوازِع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات