في إطار العمل الدبلوماسي الموازي الذي يهدف إلى تقوية انفتاح المغرب على العالم، وإلى تعزيز علاقاته الخارجية بالدول الصديقة، نظمت جامعة سدي محمد بن عبد الله وكلية الآداب سايس بتعاون مع السفارة الكولومبية بالمغرب يوم كلومبيا بفاس، وذلك صبيحة يوم الإثنين 07 يونيو 2021 ابتداء من الساعة العاشرة، وقد احتضن مركز التكوينات التابع لجامعة سيدي محمد بن عبد الله فعاليات هذا اللقاء.
سيرت اللقاء الدكتورة “لويزة بولبرص” فعاليات هذا اللقاء، حيث افتتح بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وإنشاد النشيد الوطني المغربي، وبعد ترحيبها بالضيوف والحضور، ناولت الكلمة للسيد رئيس الجامعة الدكتور رضوان لمرابط الذي ترأس اللقاء، وألقى كلمة افتتاحية رحب فيها بالسيدة سفيرة دولة كلومبيا ” Madame Maria del Pilar Gomez Valderrama” والوفد المرافق لها، وبالحضور أساتذة وطلبة باحثين ورجال إعلام وغيرهم ممن حضر هذا اللقاء، كما ذكّر فيها بكون جامعة سيدي محمد بن عبد الله في إطار عملها الدبلوماسي الموازي دأبت على تنظيم أنشطة ولقاءات متنوعة حضرتها شخصيات دولية وازنة منها: سفراء إندونسيا، و الصين، والتشيك، والاتحاد الأوربي، والهند، وكلومبيا، وكذلك سفراء معظم الدول الإفريقية، كما أكد السيد الرئيس على أن البعد الجغرافي بين المغرب وكلومبيا لم يكن عائقا في تعزيز علاقتهما، ولم يضعف التقارب بينهما، كما أنه لم يضعف الإرادة القوية التي يمتلكها البلدان للتعاون والتآزر في سياق معولم، ذلك لأن المغرب تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، قد حدد خياراته من أجل تعميق الانفتاح، وتعزيز العلاقة جنوب – جنوب، حيث إن الخطب الملكية حافلة بالتوجيهات المولوية للحكومة التي تؤكد التزام المغرب بالسلام العالمي والدفاع عنه، وتعزيز القيم النبيلة التي تخدم الاعتدال، وهي قيم ومبادئ عززت العلاقة بين كولومبيا والمغرب برلمانيا ودبلوماسيا، كما أثمرت شراكات بناءة في مجالات متعددة كالمناخ، وحقوق الإنسان، واستعمال التكنولوجيا وغيرها. فالبلدان يتقاسمان قناعتهما لتعزيز العلاقات جنوب – جنوب وتشجيع التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، واحترام سيادة الدول. وقد أثمرت – مؤخرا- العلاقة بين البلدين توقيع اتفاقيتين ومذكرتي تفاهم خلال شهر أبريل 2021 ، مما سيسمح بالانفتاح التدريجي للأسواق، ويسهل الحركية بين البلدين على مستوى السفر، ويجعلهما حليفين استراتيجيين.
أما عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس الأستاذ الدكتور “سمير بوزوتة”، فاستهل مداخلته بتوجيه كلمة ترحيبية حارة للسيد رئيس الجامعة، ووسيطها، والسيد النائب الجهوي لأعضاء المقاومة وجيش التحرير، والسيدة السفيرة والوفد المرافق لها، والسادة الحضور من عمداء ونوابهم وكتاب عامون وإداريين وأساتذة وطلبة باحثين ورجال الصحافة.
بعد ذلك عبر السيد العميد عن سعادته العارمة بمناسبة انعقاد يوم كولومبيا بفاس، وتحديدا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، فحضور السيدة السفيرة، في نظره، دليل على العناية الكبيرة التي تحظى بها العلاقة بين البلدين، وهي علاقة تضرب بجذورها في عمق تاريخهما، حيث كان المغرب سباقا إلى مساندة دول أمريكا الجنوبية/ اللاتينية في مسارها النضالي، وفي سعيها للحصول على الحرية والاستقلال، وخير دليل على هذا، هو تلك المراسلات التي كانت قائمة بين السلطان مولاي عبد الرحمان وزعيم التحرير بكولومبيا سيمون بوليفار وكان الهدف منها دعم المغرب لكولومبيا على المستوى الدبلوماسي والعسكري، فكان للمغرب أثر طيب في نفوس الكولومبيين آنذاك، وما زاد من توثيق عرى التعاون بين البلدين هو تفويت المغرب إحدى السفن الحربية لكولومبيا التي اقتناها من إيطاليا، والمسماة “بشير إسلام لخوافق الأعلام”، فهذه علامات مضيئة وسمت العلاقة بين المغرب وكولومبيا تاريخيا، وقد حرص سلاطين المغرب على تقويتها إبان القرن 19، والقرن العشرين، وهي مستمرة إلى اليوم مع جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وبناء على هذا الأساس، فقد أكد السيد العميد على أن الجامعة مدعوة على تعميق سبل البحث في هذه العلاقة النموذجية، وتوظيف المشترك التاريخي بين البلدين الشقيقين، وذلك من أجل الاستثمار في مختلف حقول المعرفة بربط الجسور بين الباحثين ومختبراتهم، والمساهمة في بلورة آليات لمواجهة تحديات العولمة، وما يعرفه العالم من تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وقد أبانت جائحة كوفيد 19 مدى الحاجة الملحة إلى هذا التعاون المتعدد الأبعاد خارج السياجات وأشكال الحدود الجغرافية والثقافية والسياسية.
كما أشار السيد العميد إلى ما حققته جامعة سيدي محمد بن عبد الله من إنجازات بفضل المجهودات التي يبذلها السيد الرئيس رضوان لمرابط، وكافة العمداء، وأطقمهم الإدارية ،وكذا الأساتذة والطلبة الباحثين باتباع نهج يتسم بالحنكة والرزانة سعيا لخدمة الوطن تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وبعد هذه الكلمة التمهيدية انتقل السيد العميد إلى تقديم عرض موجز حول تاريخ العلاقات المغربية الكولومبية. حيث أكد في عرضه على أن بوادر هذه العلاقات قد بدأت مع اندلاع الحركات الثورية في كولومبيا والتي نشطت ما بين 1808م و1824م، إذ راهنت كولومبيا في استقلالها من إسبانيا على بعض الدول لمساندتها عسكريا أو دبلوماسيا، وقد وجدت كولومبيا في المغرب سندا كبيرا لها، حيث بين السيد العميد بشكل كرونولوجي كل أشكال المساندة التي قدمها المغرب لكولومبيا، والتي أدت إلى زيادة تمتين العلاقة بين البلدين، مقدما عدة أمثلة من تاريخ البلدين تدخل في إطار تعزيز العلاقة بينهما عسكريا ودبلوماسيا واقتصادية واجتماعيا وثقافيا، كما استعرض بعض الاتفاقيات والزيارات المتبادلة بين الشخصيات والوفود الدبلوماسية التي تمت بين البلدين في عهد الحسن الثاني رحمه الله، وعهد الملك محمد السادس نصره الله. ليختم السيد العميد كلمته داعيا إلى اعتماد يوم 6 أبريل يوما كولومبيا بالمغرب وبجامعة سيدي محمد بن عبد الله.
وعبرت السيدة السفيرة في كلمتها عن سعادتها الكبيرة بمناسبة حضورها يوم كولومبيا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وشكرت الجهتين المنظمتين للقاء، لأن ذلك يعكس في نظرها، الاهتمام الكبير الذي توليه هذه الجامعة لعلاقة البلدين، فمدينة فاس التي تتوفر على طابع خاص، وعلى أقدم جامعة في العالم، تجمعها علاقة خاصة ومتميزة بمدينة كولومبية تسمى” كارتاخينا Cartagena” ، كما تجمعهما اتفاقية شراكة وتوأمة منذ سنة 1993 ، وقد أكدت أيضا على أن كولمومبيا والمغرب تربطهما علاقات صداقات عريقة، وتعاون لأكثر من أربعين سنة، تكللت بمبادلات في مجالات سياسية وأكاديمية وثقافية وتجارية، فالمغرب بالنسبة لكولومبيا دولة مهمة، وشريكا استراتيجيا تعتبره كولومبيا دوما بوابة لولوج القارة الإفريقية والعالم العربي.
وشددت السيدة السفيرة في كلمتها أيضا على وجود قواسم مشتركة كثيرة بين البلدين، تتجسد في النتاج الموريسكي والإفريقي، مما يوجب تقوية الروابط بين البلدين والتحامهما أكثر للتعرف على مقوماتهما الثقافية والسياحية.
وللتعرف أكثر على كولومبيا من الناحية الطبيعية والسياحية، اقترحت السيدة السفيرة على الحضور مشاهدة فلم وثائقي من إنتاج ناسيونال جيوغرافيك يسمح للمشاهد بالتجول عبر مختلف مناطقها السياحية ومنتجعاتها ومحمياتها من خلال الطيور، حيث تحتوي كولومبيا على طبيعة غنية نظرا لموقعها المنفتح على المحيط الهادي.
وعقب نهاية كلمتها قدم السيد رئيس الجامعة درعا تكريميا للسيدة السفيرة، كما سلم السيد عميد كلية الآداب سايس فاس بدوره درعا تكريميا لها تثمينا لمجهوداتها في سبيل الارتقاء بالعلاقة بين البلدين، وبدورها سلمت أيضا درعا شرفيا للسيد رئيس الجامعة تقديرا لجهوده في سبيل مد جسور التواصل والتقارب والتعاون بين البلدين على المستوى الثقافي والدبلوماسي والأكاديمي. وبعد ذلك تم عرض الشريط الوثائقي المقترح من لدن السيدة السفيرة حيث تعرف الحضور من خلاله على ما تتميز به كولومبيا من مناطق سياحية جميلة وخلابة تستحق عناء السفر والزيارة والاكتشاف والاستجمام.
هذه الصور توثق لفعاليات هذا اليوم الكولومبي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، وقد تمت استعارتها من صفحة الدكتور رضوان لمرابط على الفيسبوك.