نفحات على مقربة
من ساحل
واد
نزفت عباب الذكريات،
تمسحت بالقصب
أليفا
وألثم الحجر المبارك
نزيفا،
قديسا أنت أيها الحجر
تنزف روحي التي سلبت
وشمرت ساعديك،
فعلق يداك الكبيرتان
على أستارها الجرافة
في الساحل هنا جنب المدينة
الطين كان قديسا،
التراب صار يبسا،
الديس غدا حصيرا،
الكلب الأرعن،
بح منه الصوت
الحجر والمطر الشحيح،
والعود القصي وأوتاده المتجدرة
تحت الماء،
ريشته الصغيرة، لون قسماته
الضجرة
الفتى المتوسط، يلوك فيما يلوك
ثمرة،
يلعب، يقفز،
يجري،
كسنبلة، كنبتة، ألقتها الريح…
يحمل لفافة كرنب،
يلقي عضمة ثمرة،
يجمع الحطب،
يجمع الحصى،
يمد إليه يداه الطلقتان،
الجدار الطيني تصدع،
كقلبي الموسوس،
حزني أصبح ميتما
تصدع أكثر فأكثر
مثل جلد أهل قريتنا،
تجاعيده غسلتها الأسنة بالضربات،
رأس الفأس التي تهوى تكسير الحطب
يداه الطويلة،
عصا ادم ونوح وموسى والأسباط
ليس بها ثعبان، ولا لدغة،
هو يحترف الفلاحة،
كأبناء يعقوب
ويستتر بها حاجته،
يكف بالورقات ناره،
يلمس الضياء،
جدارا،
دربا،
نافذة،
بيتا،
سقفا،
شمعا،
فنارا،
برجا،
صار كالندى، قطرة زعفران،
يداه كانتا معلقتان،
ألوانه جياشة،
حلمه تليد،
أطلقوا عقال الحلم
دعونا نمضي، سنمزق الأربطة
نرتاد الأرصفة
كيف نرى الحياة من أعلى؟
فقد ضقنا بها هاهنا أسفل،
نحن الحصى، نحن الحطب،
نحن سياج الريح،
وسياط العدم
ومطايا القياصرة
كنت أرثي برجك المزين
كما ترثي الخنساء أخاها صخر
ألقي الحجارة الصغيرة
على مياهك الراكدة،
غربة،
رهبة،
طقسا،
خنجرا،
برجا،
زاوية،
رحبة،
كي تتحرك،
لعله يبعث،
يصبح عنقاء رماد، ويصبح لفافة تبغ،
ووسادة قش،
كنت أرثي ماضيك
كما ترثي الحمامة ابنها
ويرثي اليتيم أباه،
كنت إذا مضيت، أعتكف تحت الأشجار
أناجي النبتة العجيبة
والرمال
والشدى،
وصدى الجبال،
أغازل الطير،
ولا أهجوا
فأنا أحب الطبيعة
أنا أحب رموزها
وأهلها.
كنت ألمس الصبار وأشيح بالوشاح
على القطيع
وأناجي الناي بلا موسيقى
يذبل جدار الطين
يصبح من العدم
تذبل الحنايا والتصورات
وردة مقننة
ونبتة سحرية
وأعواد كسيرة كالشرخ
..