ناولني كتابا وحدّثني في المجامع تارةً عن فرويد وتارةً عن أجاثا أو عن بيكاسو ، تحدّث معي دون تكلف أخبرني عما يجول في متاهات عقلك عن اهتماماتك الغريبة ، عن حبك للعناكب وعن محتوى الكتاب المُنزوي تحت فراشك. لنتكلم عن الفن أو عن الدين أو عن الفلك أو ببساطة دعنا نلقي الدُعابات ولنضحك بشدة؛ حتى تنكمش ملامحنا.
أنا حقاً لا أريد التحدث عن تلك التي صبغت شعرها أحمر أو عن ذاك الذي أصبح عاطلاً عن العمل أو عن سذاجة زوجته التي أصبحت تعيله هو وأولاده ، لا أريد أن أتحدث عن طرق إزالة البقع الصعبة ، وعن فلانة وفستان زفافها قديم الطراز، وعن جارتها المطلقة، وأيضاً لا تحدثني عما يقال عني من وراء ظهري. تحدثوا أنتم، وكلوا لحوم بعضكم إن شئتم ، ولكن لا تتعجبوا من تغيبي عن جميع مناسباتكم الاجتماعية فقط لأنني أفضل البقاء في غرفتي المكتظة بين ما هو أعمق واعظم ، بين اللوحات والكتب والمقالات، وفوق لحافي الملطخ ببقع الألوان.
“لم يخلق الله عقلك للفراغ، فلما تصر على إبقاءه فارغاً، ألم يحن وقت إطلاق العنان لروحك؟”