صدرت مؤخراً عن “الآن ناشرون وموزعون” قصة للأطفال بعنوان “سارة جناحها مكسور” لمؤلفتها بلقيس العجارمة، ومن رسوم الفنانة شيرين الخاني.
في القصة نقابل فرخ الإوز الداجن “نسيم” الذي يحاكي وعي الطفل في المرحلة (6-8) سنوات، ثم نفهم مشكلته المتمثلة في بحثه عن إجابة لسؤاله الطفولي البسيط، الذي يحمل دلالات كبيرة: “لماذا الإوز لا يطير؟”. بعد توالي الأحداث التي جاءت تلبي رغبة الطفل في المعرفة، وتنمي لديه ملكة الفكر والقدرة على التخيل، وبعد عدد من المحاولات يصل “نسيم” للإجابة وبطريقة اتسمت بالذكاء والابتعاد عن المباشرة. لتختتم القصة بنهاية سعيدة على ما هو متفق عليه فيما يقدم للأطفال في هذه المرحلة العمرية من قصص.
قدمت العجارمة قصتها وفق ضمير الغائب مختارة الزمن الماضي لسرد الأحداث، لكنها لم تعتمد السرد حسب بل كان تلجأ أكثر للحوار الذي تميز بالطرافة والتعبير عن عوالم الطفل وأفكاره بلغة سلسلة وبسيطة.
تقع أحداث القصة ضمن ما يسمى القصة الخيالية المستندة للواقع، وميزتها أنها تساعد الطفل على التعرف على حياته الخاصة من خلال المحاكاة لما يحبه من موجودات الطبيعة، وفي هذه القصة كانت “الطيور”، سواء تلك الداجنة التي تعيش في المزرعة أو البرية والتي تمثلت بشخصية الإوزة “سارة” التي أُجبرت على الهبوط في المزرعة نظراً لإصابة في جناحها، والتي ستقود مع “نسيم” القصة حتى النهاية.
تمكنت الأحداث من إضافة أفكار جديدة للطفل حول العالم من حوله، وقاربت مشاعره من حب وفرح وكره وحزن… وكانت الرسوم المرافقة للقصة موفقة في التعبير عن الكثير مما لم تقله الكلمات.
وحول تجربتها في الكتابة للطفل ترى العجارمة أن الكتابة للأطفال كاللعب معهم، فهي عبارة عن هالة كهرومغناطيسية تغمر معتنقها فتحرره من قيود الواقع ومرارة حقيقته، وهي خيال يراه الأطفال حقيقة جميلة تكبر معهم وتشكل أجمل لحظات طفولتهم، مضيفة: “نسمع تعبيراً يقول (الزمان الجميل) فلا يدغدغ الوجدان حينها إلا قصة الجدة التي تستظل تحت شجرة تحفظ الحكايات لتصبح نفسها رمزاً لأجمل الذكريات”. مؤكدة: “أن تكتب للأطفال يعني أن تساهم بتشكيل ذكريات سعيدة للأطفال، يعني أن تساهم في تنمية الخيال وتعزيز القيم، يعني أن تكون مخيلتك قد غمرت صغيراً أو كبيراً بطاقة سعيدة”.
وحول هذه القصة تشير بلقيس إلى أن الألهام في كتباتها جاء عبر سؤال أحد أطفالها لها بعد أن فتح باب الخم للإوز الداجن: “أمي هل ستطير فراخ الإوز وقد فتحنا لها باب السماء؟”، وبعد طول انتظار لم تحاول الفراخ الطيران وفضلت أن تجري خلف أمهاتها. تقول الكاتبة: “واقع الإوز الداجن يمثل واقع الآباء والأمهات المنصاعين للفكر الأحداي لمجتمعهم، دون التفكر والتبصر بمدى نجاح المجتمع ومدى تمثيلة للقيم والحريات الفكرية”.
وحول رؤيتها لواقع النشر الخاص بأدب الطفل تشير العجارمة إلى أنه يمثل واقع القراءة في العالم العربي، فالأطفال يقلدون الكبار، وإن رأى الطفل أبويه يقرآن فسيقرأ، ولكن الحال غير ذلك في المجتمعات العربيه بشكل عام. مضيفة أن العديد من قصص الأطفال تتناول واقع الحياة اليوميه بهدف التوعية وتقويم السلوك، ولكن التركيز بشكل ملحوظ على هذا النمط يجرد المخيلة ويفقد الطفل متعة القص والإقبال عليه، مؤكدة: “الطفل يستهوي الجديد لا المألوف، ونستدل على ذلك بالقصص العالمية التي طرقت خيال أصيل لم يطرق من قبل، وللأسف الكثير من القصص اليوم تعيد كتابة الشخصيات نفسها والفكرة نفسها مع بعض التغييرات التي يجدها الأطفال مملة و مستهلكة”، مشيرة إلى أن طريقة النشر والتوزيع تحتاج لإعادة دراسة تتوائم مع هذه الحقبة الزمنية، وتراعي الفروقات المجتمعية والطرق الأمثل التي تلائمها.
يذكر أن بلقيس العجارمة خبيرة في مجال الجودة والتميّز المؤسسي والابتكار.
كانت مؤلِّفة مشارِكة مع مجموعة من الكتاب في رواية “حكايات المقهى العتيق” التي تدور حول تاريخ محافظة مادبا. “سارة جناحها مكسور” إصدارها الأول في مجال أدب الطفل.
أما الفنانة شيرين الخاني فهي مواليد حمص/سوريا حاصلة على شهادة البكالوريوس تخصص معلم صف. دفعها حبها لقصص الأطفال والرسوم المتحركة لاحتراف هذا الفن. عملت مع عدد من دور النشر العربية والبريطانية ورسمت منهاج لتعليم اللغة العربية في هولندا.