“شغفت بالموسيقا مبكرا وتأثرت بالمدرسة الغيوانية”عبد المالك قندوس / المغرب

من بين القامات الإبداعية التي شقّت مشوارها الفني بعصامية ونضال كبير . تعرفت عليه في إحدى أنشطة الجمعية التي يرأسها ، ويعتبر من الأوائل الذين يبادرون إلى الاحتفاء بمواهب وطاقات هذه المدينة العميقة ، يقدم لهم الدعم ويوجههم بقلب كبير وعقل متفتح . والحقيقة أن غيرته على الإبداع بمختلف أشكاله متوهّجة دائما .
يسعدني أن أقاسمكم تجربته الفنية والجمعوية من خلال هذا اللقاء .

أرحب بك أخي المبدع عبد المالك قندوس ، وفي البداية أرجو أن تقرّبنا من عبد المالك الإنسان والفنان على حد سواء .

عبد المالك قندوس ،مواليد 27/03/1975، بــ “ميبلادن”ضواحي مدينة ميدلت ، حيت كان يشتغل والدي رحمة الله عليه ، في أحد المناجم والذي تم إقفاله في السنة ذاتها ،ما اضطر أسرتي للرحيل إلى مدينة المناجم “جرادة ” حيث تلقيت تعليمي الإبتدائي والإعدادي .
وفيما يخص علاقتي بالموسيقى فهي متجذرة  ، فقد عشقتها وملت إليها منذ نعومة أظافري ، وكان أن التحقت بالمركز الثقافي التابع لمناجم جرادة سنة1988 إلى حدود 1995 ؛بحيث سُجِّلت عضوا في الفرقة الموسيقية التابعة لهذه المؤسسة . ومما يؤسف له أنه في هذه السنة بالضبط تم إغلاق شركة مفاحم المغرب داخل حدود الجوهرة السوداء.ما دفع بالأسرة من جديد إلى العودة إلى المنبت والأصل  اوطاط الحاج مدينة استقراري منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظات.

أعرفك مبدعا يتسم بالإصرار والمسؤولية والالتزام ، ما هي الأسباب أو العوائق التي حالت دون تأسيسك لفرقة موسيقية ؟

والله هي فكرة جميلة طالما راودتني ، غير أن الإكراه مادي بدرجة أولى ، كون هذا الهدف يتطلب إمكانات مادية هائلة ، علما أني في مسيرتي الفنية والجمعوية ، قابلت العديد من الطاقات والمواهب المحلية التي هي بأمس الحاجة لنفض غبار النسيان عنها وتشجيعها ودعمها لوجيستيكيا وماديا .

فضلا عن بعض الملاحظات العالقة في ذهني بخصوص العديد من فرق الموسيقى الوطنية ، والتي تفتقر إلى النضج سواء فنيا أو فيما يرتبط بمحتوى الرسائل التي تحاول تمريرها.

قضية أخرى فرضتها الظرفية ، وآثرت ألاّ أفوتها دون أن أعرف رأيك حولها ،قضية دعم نخبة من الفنانين المغاربة ، مؤخرا ،والأكيد أننا لسنا ضد ذلك ، بقدر ما نُقرّ بضرورة تخليق عدالة اجتماعية تنصف جميع الشرائح وعلى رأسها الطبقة الكادحة والهشة ، ما رأيكم ؟

أعتقد أن طريقة توزيع الدعم تلك والتي مرّت في مثل هذه الأجواء المشحونة ، تلفّها الضبابية والغموض ،كما أنها غير بريئة ولا تخلو من شوائب ، بحيث أنه وبناء على تصريح أحد الفنانين الذين لم يستفيدوا هذه المرة من الدعم ،وكان دعّم السنة الفارطة ،ومما صدمه وهو خصم النصف من المبلغ الذي كان من المفترض أن يتلقاه ، وهنا يُطرح تساؤل كبير حول الجهات المسؤولة عن نظير  هذه الاختلاسات .

أتوجه إليك بسؤال عن العمل الجمعوي في منطقة موغلة و هامشية ،مثل أوطاط الحاج ، هل تراه مقنعا أم أن هناك تقصيرا في الفعل الجمعوي والتنموي عموما بالمدينة ؟

أرى أن العمل الجمعوي تمّ إفراغه من محتواه ، حيث عاد بلا مضمون أو أهداف جلية ، فقد بتنا نشهد تهافتا غير مسبوق في الآونة الأخيرة ، على تأسيس ” جمعيات ” وتفريخها بدوافع استرزاقية ، مع أن الدعم في مجمله جد محدود وتهيمن عليه الزبونية والمحسوبية .

هل ثمة مدرسة فنية تأثرت بها وتشبعت بخطاباتها ؟

يجذبني أسلوب بعض المجموعات المتشبعة بفلسفة ” الجذبة ” والثقافة الجادة والرصينة المنتسبة إلى الذاكرة الإنسانية وتاريخ الملاحم المناهضة لكل فكر عنصري وقمعي واسعبادي ، فأنا أزعم أن مثل هذه الخلطة الفكرية هي التي أنجبت كهذه مجموعات أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ” لمشاهب ” و” ناس الغيوان ” و مجموعة ” السهام “.

أي نوع من الأغاني تفضّل ؟

أقدّر الأغنية التي تحترم العنصر الفني والرسالي ، كلاهما ، بما يمنحها طابع الالتزام ويؤهلها لاحترام ذائقة وعقل المتلقي ، سواء أكان مستمعا أم مشاهدا .

في اعتقادي ، أرى أن هذا الجيل في سواده الأعظم ، ينزع نحو صنّاع التفاهة ،  رأيكم  ؟

قد يكون انفتاحنا الأعمى وغير المقنن على ثقافة الآخر ، أحد هذه العوامل ، كما أن الثورة الرقمية خلقت جيلا ممسوخا بلا ذائقة وقد يكون متنكّرا لأصوله في الكثير من الأحيان .

اقتراحكم للتخفيف من هيمنة المركزية الثقافية ، التي تكابد ضرائبها المدن المعزولة والضاربة  بجذورها في عمق الوطن؟

في غياب جهات قادرة على النهوض بمثل هذه المناطق المذكورة ، والإقلاع بها ثقافيا واجتماعيا وتنمويا ، أرى بضرورة إتاحة الفرصة للجمعيات وفق إستراتجية أكثر تحررا وبتصورات على نحو من الموسوعية والعمق .

رسالتك إلى هذا الجيل الذي اختار التفاهة فيما زهد بثقافة الجدية والرصانة والالتزام؟

في الحقيقة ، لا ينبغي لوم هذا الجيل ، لأنه ثمرة  السلف ، لهذا سأتوجه إلى الآباء وأولياء الأمور بمحاولة إعادة ترتيب الأوراق وإنقاذ ولملمة المتبقي .

أترك لك مساحة للتعبير ، فلتتفضل بقول ما تريده :

أريد إيصال هذه الكلمة إلى كل الفاعلين الجمعويين الجادين ، فأغتنمها فرصة وأدعوهم إلى تصحيح المسار ومظافرة الجهود من أجل وضع الأمور في نصابها.

كلمة أخيرة :

على الرغم من ظرفيتنا الكارثية ينبغي أن نتفاءل بغد مشرق وأفضل.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

“حوار مع الشاعر المصري عبد الناصر الجوهري”رانيا بخارى/السودان

ذا كان " الموروث  الذاتي " هو ما خلَّفه القدماء وتوارثته الأجيال، وإذا كانت اللغة ذات التكثيف هى العنصر المهم في تشكيل الأمة؛ إذَا لتحقق التماهي بين الهوية واللغة، و الشاعر الحقيقي هو من يمتلك ناصية اللغة وأنا أنحاز للدكتور" يحيى الرخاوي" فيما ذهب إليه أن اللغة هى إبداع الذات المتجدد كما أنها أيضا تجلِّي المعنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات