“شعرية النص الموازي”.. غوص نقدي وراء ما يتوارى خلف الكلمات
مجلة عبور ـــ عمّان
يقدم أحمد الشيخاوي في إصداره الجديد “شعرية النص الموازي” رصدًا لتجارب إبداعية عربية متنوعة، ويخضعها لحسّه النقدي الذي مكّنه من الغوص في النصوص، واستكناه ما تنطوي عليه من دلالات وإشارات.
وقد جعل الشيخاوي من الشعر حقلًا للتجارب المختارة في هذا العمل؛ فالشعر هو المنجم الخصب الزاخر بما سمّاه الشيخاوي “النص الموازي”؛ ذلك أن وراء كل نص مقروء نصًّا يتوارى خلف الكلمات، وفي داخل كل مبدع مُفصَحًا عنه ومسكوتًا عنه، في الوقت نفسه.
وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 128 صفحة من القطع الكبير، واختيرت لغلافه لوحة من أعمال الفنان العراقي مهدي النفري. وأهداه الشيخاوي إلى روح والدته التي وصفها بأنها: “التي غذتني بأسمى معاني الأمومة والإبداع”، وإلى روح والده: “الثمانيني المقاوم الذي أعتز به مناضلًا”، وإلى قرائه الذين وثقوا بحرفه، وصديقاته وأصدقائه الأوفياء.
ويشيد الشيخاوي بالحرية الإبداعية في إحدى دراسات الكتاب قائلًا: “كلّما اتسع حيز حرية التفكير والتعبير لاح أفق التجديد والابتكار، والعكس بالعكس تماماً؛ أيْ كلّما ضاق معطى الحرية وغلب القيد، لاقى الإبداع ميوعة وركاكة وحصل التكرار والاجترار والاستنساخ”.
ويرى أن راهننا المعاصر أحوج ما يكون إلى هذا النوع من الكتّاب الذين يلامسون الصميم ضد ما أسماه “قبح وحديدية ولاإنسانية الذات والغيرية والعالم”.
وينبه في دراسة أخرى إلى أهمية الخصوصية الإبداعية لكل من يسلك هذا الطريق، إذ على ذات المبدع أن تتوسل “خصوصية البصمة وفرادتها، لا أن تذوب بين الأصوات وتتنازعها القواسم المشتركة في تجارب الآخرين”. بيد أن هذه الدعوى لا تعني برأيه “الهروب إلى عوالم الغموض والتعقيدات التي تزجّ بالشعر في قفص الاتهام، أكثر مما تقترحه في تجليات البراءة”؛ فالتاريخ عند الشيخاوي “صفحات بيضاء نقية، نحن من نلوّنها على سجيتنا، ونغتصبها بتجارب تفيض عن معاناتنا، مُنفّسة بذلك عن أسرار وأحلام جيل برمته”.
والتجارب التي تناولها العمل بالتحليل بحسب ترتيبها في الكتاب هي: مجموعة “الملائكة تعود إلى العمل” لعبدالعظيم فنجان (العراق)، مختارات من أعمال أحمد مطر (العراق)، مختارات من أعمال سعاد الكواري (قطر)، نص “أنا امرأة من غمامك يا حبيبي” ريما المبروك (ليبيا)، مختارات من أعمال نجد القصير (سوريا)، ديوان “ولاعة ديوجين” لعزّ الدين بوركة (المغرب)، مختارات لمحمد الناصر شيخاوي (تونس)، ديوان “لا تحزن” لأسامة الزقزوق (مصر)، مجموعة “استفاقات” لفوزية السندي (البحرين)، مجموعة “حياة صغيرة” لحسن نجمي (المغرب)، مجموعة “سناجب الشرق الأقصى.. مقاهي باريس” لسيف الرحبي (عُمان)، مختارات من أعمال فاطمة الزهراء بنيس (المغرب)، مختارات من أعمال محمد بنطلحة (المغرب)، مجموعة “تلالي تضيق بعوسجها” لعمّار الجنيدي (الأردن)، مجموعة “موجتان” للبتول محجوبي (المغرب)، ومجموعة “نقضت غزلها” لأحمد مصطفى سعيد (مصر).
وأحمد الشيخاوي هو شاعر وباحث مغربي من مواليد عام 1973.
له من الإصدارات في مجال الشعر:
“صهيل الهامش” (2008)، “صديق السنونو” مجموعة (2009)، “معها كما الشعر يظن” (2014)، “العزلة أمي” (2015)، “بأقل من شسْع كُليب” (2019)، ومجموعة قيد الطبع اسمها “مملكة السحرة”.
وله في مجال النقد:
“شعرية المعنى الجنائزي” (2019)، “سرد المرايا” (2020)، “دوال الاغتراب في الشعرية العربية الحديثة” (2020)، بالإضافة إلى مخطوطات أخرى قيد الطبع.