“لماذا نكتب ؟”نورالدين التيجاني الادريسي/المغرب

سؤال أصبح يطرحه العديد من المهتمين وخاصة بمجال الكتابة الأدبية والفنية والثقافية كتعبير عن مكنونات داخلية في ظل الوضع الراهن وتحدياته المتعددة التي أصبحت تغتال ما تبقى من إنسانية الإنسان أمام اكتساح شعارات النظام العالمي الجديد عولمة السلعنة و”التجرنة” إن صح التعبير في كل شيء حتى في القيم والجوانب المعنوية لثقافات الشعوب وهاته التحديات ربما وضعت الكاتب وخاصة المثقف الملتزم والمناصر لقضايا الإنسان وتطلعاته من أجل الحرية والحق والعدالة أمام العديد من مفترقات الطرق التي لا تؤدي جلها إلى المسار الصحيح وقد تسبب له انتكاسات معينة حتى لا نقول تراجعات أو استسلام للأمر الواقع ويصبح كالبعض مجرد كاتب استهلاكي لا يهمه سوى تسويق نفسه وكتاباته أو كقلم مأجور لمن يدفع أكثر وهاته الفئة وللأسف الشديد أصبحت هي السائدة والتي لا تعبر في إنتاجاتها  إلا على حب الظهور و الأضواء والبحث عن أكبر عدد من المعجبين افتراضيا عبر مواقع تواصلية افتراضية معينة للتفريغ الالكتروني أو عن فتات تجوده به بعض دور النشر أو مواقع ثقافية وأدبية وقنوات إعلامية رسمية وخاصة محكومة دائما  بخلفيـة ( الإحسان الأدبي والثقافي الملغوم ) .

فالكاتب يبقى أسيرا لتطلعاته في جدلية دائمة مع انشغالاته اليومية ما بين الرمزي وما بين الطبيعي والغريزي  ومعيشه  اليومي ، فالتطلعات تحتم عليه أن يجد أجوبة لها، هل هو محترف للكتابة ؟ وبالتالي يصبح كاتبا تحت الطلب ويخضع لمعادلة العرض والطلب عدائيا مع المختلفين الرافضين لمنطقه التكسبي ، أم هو عاشقا للكتابة ؟ وبالتالي يصبح كاتبا حرا وحقيقيا مبدعا مكتويا بنيران الحرف مستعدا للتصدي والمواجهة معلنا تمرده على الأنماط الاستهلاكية الرائجة حاملا بوهج الحقيقة مآسي موجعة في أن يصبح قلمه ذات يوم قيدا من حديد مأسورا بين الأصفاد وأقبية الظلام ، ورغم ذلك يبدع يفضح ينتقد بواقعية نازعا لجلباب الذات من أجل البناء لا من أجل التأزيم أو التبخيس والمثالية كما يراها الآخر ولا أريد هنا أن ابرهن بذكر نمادج وأشخاص بأسمائهم لأنهم كثر ونسيان شخص منهم يعتبر إجحافا في حقه ، فعلى العموم ذاكرتنا الثقافية والأدبية والفنية  والإنسانية… مليئة بهؤلاء الشرفاء  الذين لازالت إبداعاتهم  تشهد على سيرتهم ومواقفهم ..

والكاتب في كل حالته عموميا كان أم خاصا أم متورطا أم مؤدلجا أو تكسبيا… يجب أن ينتقد ذاته أولا في شقها الإنساني قبل الإبداعي ان يكتب لنفسه خطابا صريحا منتقدا ،هل هو منسجم فعلا مع نفسه ومع قناعاته هل يجسد كممارسة قيم الجمال والحق والحب التي ينشدها بين كلماته وكتبه وإبداعاته… أم مجرد خدع مستقطبة لقارئ يرى فيه مجرد مقتن لسلعته .

   فخلاصة الجواب أن الكتابة كإنتاج ذاتي فكري وثقافي وفني …موجه للآخرين هي أولا وأخيرا التزام مرتبط بالمسؤولية وليس هدفا لغرض الشهرة وتجمهر المريدين حول شخصية الكاتب ،هي البوح  بالمسكوت عنه ،هي رسالة مجتمعية إنسانية للتواصل والتقارب البشري عبر العصور ومهمة ضرورية وقيمة معنوية غير مادية بالضرورة مضافة للكاتب والمبدع الصادق ( المحترق بنار الكتابة )  ذو الحس الراقي … للقيام بمسؤولياته الحقيقية تجاه محيطه ووسطه البشري ولما يجري بكوكبنا وتأريخ لمصائر ومصائب البشر في تجلياتها المشرقة والحالكة أيضا و لإعادة الأفكار المرتبطة بالوجود إلى دائرة الانتظام والجمال….

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

قيم ” التسامح ” و” التعايش ” في الشعر العربي

د.حسن بوعجب| المغرب             لقد اضطلع الشعر منذ القدم بدور تهذيب النفوس وتنمية القيم الإيجابية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات