صلاح صديقي الذي كان يصاحبني في حصص الركض .رياضة عشقناها ومارسناها سويا لأكثر من عقد حين توقف هو واستمريت أنا. كان به حَوَل بعينيه سبب له متاعب داخل محيطه. كنت أقرف حين يناديه رفاقه بالحي ب ( لّبْصير) . صفة لم تكن تروقني لما تحبل به من خلفيات قدحية تشي بها نظرات هم الطافحة سخرية واحتقارا ، وقد ساهم طابعه الهادئ والمسالم في تماديهم وإمعانهم في غيهم مما سبب لي غبنا عارما و أسى ارتفع منسوبه و تضاعف دفعني للومه:
ــ ما تبقاش تسكت ليهوم . غادي يزيدو يدصرو.
ــ غي خليهم . ما عندي ما ندير بصداع.
لم تعد علاقتنا كالسابق يغمرها تواصل مفعم بنقاشات حول حصص الركض وما تعرفه من تغييرات ومستجدات بسبب توقفه عن الجري واستمراري.
لقاءاتنا غدت معلقة على أفق الصدفة حيث نستنفدها في ( نوستالجيا ) حديث يطفح حنينا وتوقا لزمن الركض الجميل. نسترجع بعض الذكريات التي ظلت راسخة في ذاكرتنا ووجداننا ونفترق على أمل لقاء قد يطول.
كثيرة هي المرات التي يخاتل فيها حضوره ذهني بصور ومشاهد جمعتنا ذات أمد مؤثث بنشوة جري استغرقتنا مسافاته التي استنفدت خزان جهدنا بتعب دب في مفاصلنا صرفناه في لهاث ارتفعت وتيرته باستنزاف لنسغ جلدنا ومقاومتنا ممتشقين رهان تحد عبر إيقاع منتظم في خطوات تنخرط ، بعزم وثبات، في غمار المسافة وامتداداتها .
صورة صلاح تخاتل ذاكرتي و كياني في مشاهد تزداد توهجا وإشعاعا دون أن تطمس تجليات صفة ( لبْصير)التي لاحقته طويلا بتبعاتها الساخرة المشينة.