عمّان –
تحفل مجموعة “عُري” للشاعر الأردني سمير القضاة بعدد كبير من القصائد والمقطوعات التي تتنوع في موضوعاتها، فتأخذ القارئ نحو حالات وجدانية تظهر فيها تفاصيل المرأة الحبيبة، والصديق الغائب، والوطن الجريح، والقريب الراحل الذي ترك ذكريات لم تبرح قلب الشاعر وخياله.
وجاءت المجموعة الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في عمّان في 160 صفحة من القطع المتوسط، واختيرت لغلافها لوحة من أعمال الفنان الأردني زياد الزعبي. وأهداها القضاة لوالده مخاطبًا إياه بالقول:
مُتشبّثًا بك، كأنكَ أبي الوحيد..
نفختَ في روحي لحنَ القصيدة، فرأيتُ وجهكَ في كل معنى..
ووعدتَني أن نظلَّ معًا، لنكملَ هذا السطرَ على صفحةِ العمر الجميل،
يا أبا سمير..
وحرص القضاة على تدوين تواريخ معظم القصائد الواردة في المجموعة، وهي تواريخ تشير إلى أن القصائد كُتبت خلال السنوات الممتدة بين العامين 2009 و2020. والتزم خلالها بالنمط الموسيقي الذي يعتمد على التفعيلة. وأورد في أحد المواضع مقطعًا مكتوبًا باللهجة الدارجة، ما يشير إلى تنوع المسارات الإبداعية عنده.
وحضرت الأمكنة في عدد كبير من القصائد التي توجَّهت إلى القارئ بالحديث عن القاهرة وسورية والعراق وعمّان، فعبرت عن خلجات الشاعر تجاه قضايا وطنية وقومية كبيرة، وحافظت في الوقت نفسه على خصوصيته الشخصية، وعلى نكهة تجاربه اليومية البسيطة.
يقدم القضاة رؤيته الخاصة لمدينة عمّان قائلًا عنها:
كم هيَ رائعةٌ فيلادلفيا القديمةُ،
كم شاعرٍ مرَّ بين التلالِ الجميلةِ،
ثمَّ مضى..
بعدما خطَّ نقشاً لها،
في كتابِ الحجرْ
ويبدو بأني أطلتُ التأمُّلَ،
في صفحاتِ المدينةِ..
أينَ فتاتي؟!
تُرى غادرتْ..
بعد أن يئستْ من شجاعةِ قلبي؟
ويخاطب مصر في مكان آخر قائلًا:
إلى مصرَ،
تحفظُكِ الأُمنياتُ،
ويحفظكُ الحبُّ..
في قلبِ شعبٍ مُحِبٍّ لطفلتِهِ الوادعهْ
ولكنْ إذا شئتِ أن تكبري،
فبلادُكِ سوفَ تعدُّ الثواني..
لضمِّ أميرتِها الرائعهْ
وحضر محمود درويش في قصيدة جُعلت كلماتها وفاء لذكراه، فخاطبه القضاة في أحد المقاطع قائلًا:
ستصيرُ يوماً رحلةً،
وتَحجُّ فيها نحوكَ الأقلامُ،
يا حبرَ الحنينِ إلى الجليلِ..
ويا نزوحَ الزيتِ عن زيتونَةِ الأجدادِ..
يا مفتاحَنا السحريَّ
لِلباب الذي..
أضناهُ طولُ الاغترابْ
واختتم القضاة قصائده بمقطوعة أهداها إلى عمِّه الشهيد الذي حمل اسمه نفسه، تاركًا له مع الاسم ذكرى ملحمية تظهر فيها قيم البطولة والكرامة:
في غفلةِ الذكرى..
تصحو مشاعرنا حرّى
وتنقلُنا،
للحب والأملِ المزروعِ في الصحرا..
الليلُ لا يبقى،
والقادمونَ إلى شمسِ الرجوعِ إلى أوطانهمْ،
عِشقا..
جباههمْ سَمرا..
عمّي،
نَحتَّ على صخرِ الحقيقةِ اسمي،
فابتدا سطرا..
لكنهُ باعَ في ساحِ الوغى عُمْرا..
كي لا يكونَ اسمهُ يوماً،
مع الأسرى..
ومن الجدير ذكره أن سمير القضاة ولد عام 1970 في مدينة عجلون الأردنية. وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين والعرب، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من الجامعة الأردنية.
وصدر له قبل هذه المجموعة: ما أشهى طعم الحرية، شعر (2007)، هنالك مرة أولى، شعر (2009)، هذا صباح آخر من دونها، شعر ونصوص (2020).