أحقاً تصدّقين ما كتبْتُ طوال هذه السنين ؟
أعترفُ
لم أكن يوما كاتباً
أنا آلةُ طباعةٍ عتيقةٍ أطقطقُ أصابعي وأكرُّ الكلماتِ على شريط يكرجُ بلا وعيٍ ولا إدراك
إبهامي مهباجٌ تفوحُ منه مساحيق الحياة
وسبّابتي مطرقةُ أنفاسي العفنة
قلبي نيليٌ داكنٌ مفخوت ٌينزُّ صديداً وزيتاً محروقاً يرشحُ من مفاصلي من مشاعري ،
لم أكن يوما شاعراً
إنما صوتي بقبقيُّ النّهر
وعقيرتي من فصيلة الحيتان
من حيّز مرجانك الى الشردقة بمحارات مِزاجك اشتهيني
لا تصدّقي قصيدةً كتبتُها
القصائد التي لا تُحدثُ جلبةً بلبلةً ثورةً إنقلاباً فضيحةً هزّةً حول سفح الظّهر
محضُ هراء
لو اعتليتُ المنابرَ وبسملْتُ على ملمس يديكِ
لو صعدتُ القبابَ وسلّمتُ على عذارى الحمام ونتفتُ رياشَ قصائدي وجعلتها قمحاً
فقط صدّقيني،
الكتابة اختلاقٌ هرطقةٌ نميمةٌ
طقُّ حنكِ الكلماتِ التي لا تُستبدَل ولا تُردُّ
كزجاجة بيرة فارغة تركتْها المبولةُ على قارعة الطريق
فأعادوا تدويرَ حروفها حبّةً حبّة لكتاب قادم
الشِّعرُ دمُ البقِّ
عَرقٌ مالحٌ نَزِخٌ بحريّ
سوائلُ حارَّةٌ تملَعُ عنقَ الرّحمِ تمرمغُ جدرانَه
تفتعلُ إشكالاً يتطوّرُ رويداً رويداً الى تضاربٍ بحروف حادّة
لا تصدّقي شيئا مكتوباً ولو موقّعاً
التوقيعُ قَسَمٌ باسم الله بالباطل
حلفان برحمة جميع الموتى
انتقالٌ من مقعد الى مقعد
من حجرة الى حجرة أخرى
من عالم الى عالم آخر
حين أتأتىء وأبلعُ لساني أمام جمالك
حين ينقطع نفسي الى آخر خرزة
فقط
صدّقيني …