“مسرحية ( خروج ابن عربي)”مودنان مروان ـ المغرب

لازالت مسرحية “خروج ابن عربي” للكاتب المسرحي المسكيني الصغير تثير تساؤلات عميقة و تطرح مجموعة من النقاط الجوهرية المتعلقة بالتاريخ و الهوية و العدالة و الحقيقة و التراث.

تدور أحداث المسرحية في مجموعة من الأمكنة ذات الدلالات الإيحائية العميقة، يتصدرها في المشهد الأول المتحف، ذلك المكان الرمزي الذي يضم كل آثار الأمم ومنجزاتها و مفاخرها، وفيه يقف تمثال محيي الدين ابن عربي، تلك الشخصية التي لطالما خلقت جدلا واسعا ، وشكلت أفكارها و تساؤلاتها وأقوالها مادة دسمة للنقاد و الفقهاء، و ذهبوا فيه مذهبين، فبعضهم قدسه و بعضهم كفره.

لكن العجيب في المسرحية هو أننا نحس أن ابن عربي يتبرأ مما نسب له من تهم، ذلك أنه أراد الإصلاح ما استطاع، في أمة غابت ثقافتها و غيبت دينها، لتتحول بؤرة الأحداث إلى الحارس العربي، الذي صارت تربطه بالشيخ علاقة المريد بشيخ الطريقة، وما يثير في هذه الشخصية، أنه أقدم على إخراج تراث محيي الدين، من على الرفوف إلى الشارع و الحياة، فما كان من المجتمع إلى أن استنكره واستهجته، وكادوا له التهم، معتبرين إياه سارقا فمجنونا.

و مما هو إشكالي في المسرحية، محاكمة الحارس العربي لسرقة التراث، وهي تبدوا جادة من أجل إرث حضاري و ثقافي في مجتمع لا يعير الثقافة و الحضارة و التاريخ أي اهتمام.

لتنتهي المسرحية بمشهد يفتح المجال لتساؤلات عديدة تتعلق بعلاقتنا بالمريدين و الأولياء داخل الثقافة العربية، و كثرة استخدام بعض الألفاظ حتى فرغت من دلالاتها كـ”الشهداء”، و تفاهة الحروب التي يتوحد أطرافها على نفس الهدف و الملة و الفكر، فما صرت تميز الحق من الباطل فيها.

إنها مسرحية قصيرة بلغة بسيطة واضحة تحمل في طياتها عمقا وجوديا و أسئلة جوهرية حول الحقيقة و التاريخ و الهوية، وهي عناصر لنا فيها امتداد كبير و باع طويل، ولكن تمثلنا لها يبقى ضئيلا إن لم نقل معدوما في واقعنا الراهن.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

تذبذب معالم الشخصية البونابرتية من الضعف الذاتي الى الحالة النرجسية

*بونابرت /3/ سكوت 2023/: عقدة نابليون والزعيم المجنون وجوزيفين الساحرة والمعارك الطاحنة ومقتل الملايين وتفاصيل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات