عمّان-
يقدّم نوزاد جعدان في مختاراته الشعرية التي ترجمها عن الأردية “منزل العيون الفارغة”، مجموعة كبيرة من القصائد التي تمثل مدارس شعرية متعددة، وتطرق مواضيع متباينة تحتفي في مجملها بالإنسان والجمال والحب.
وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 198 وتسعين صفحة من القطع المتوسط، واستُقيت مادته من الأدب الأردي والبنجابي، ومثَّلت بانوراما زمنية رُتبت ترتيبًا تاريخيًّا مع الأخذ بعين الاعتبار أنماطها وأغراضها الشعرية؛ بدءًا من الأعمال المبكرة المتمثلة بقصائد الغزل، مرورا بقصائد ما بعد الحداثة وما وصفه جعدان بالعصر الذهبي للشعر الأردي خلال مطلع القرن العشرين.
وأشار جعدان إلى أن النصوص المختارة تتباين “من ناحية الشكل والمضمون المقدم، لكن تتفق جميعها في صيغتها الجمالية على الرغم من اختلاف المشارب الشعرية، فمن النصوص الكلاسيكية، مرورا بشعراء الحركة التقدمية، إلى القصائد العبقة بالصوفية، ونهاية بنصوص الحداثة الشعرية والشعر الغنائي والشعر الشعبي، إلى قصيدة النثر وما بعد الحداثة، بالإضافة إلى الشعراء الذين نظموا قصائدهم باللغة البنجابية”.
وأشار إلى أعلام من الشعراء الذين عُرفوا في كل غرض من الأغراض الشعرية، فهناك شعر الغزل الذي ظهر في القرن السابع عشر مع أشعار ميرزا غالب، وزوق، وسيماب، ومير تقي، وهناك الشعر الملتزم بالمعنى الوطني وبقضايا تحرر الشعوب، وهناك الشعر الحر والمرسل كما هو عند شعراء الحركة التقدمية أمثال: فيض أحمد فيض، وفراز أحمد فراز، وزاهر كشميري.
ومن أمثلة الشعر الكلاسيكي الواردة في المجموعة، قصيدة للشاعر ميرزا غالب يقول في أحد مقاطعها:
“الطيرُ لو اشتّدَ جناحاهُ
طارَ ولمْ يعدْ إلى مهدِ سكناه
وكأنَّه ليسَ هو،
ولأنني أرى مَا لا يراه مَن يرى
وحدهُ حبّكَ يا اللهُ
يجري ولا يفْنى مجراهُ”..
أما نصوص الحداثة فيمثلها نص للشاعر عزرا عباس يقول فيه:
“قد تظهرُ النقطةُ من مكانٍ مَا
من مكانٍ لا يمكنُ به وضعها على أيِّ كلمةٍ
وحيدةً تقابلُ نفسَها
تقفُ هكذا مدعمةً بالوهمِ
والانتظارِ
ربَّما تأتي كلمةٌ قادمةٌ
لتجدَ لهَا مكانا،
يمكن أن يحدثَ أيضا
أن تنتظرَ هذهِ النقطةُ تلك الكلمة لقرون،
ومنَ الممكن أنْ يحدثَ أيضًا
أن تمرَّ القرونُ
وتتحللَّ كل الكلماتِ وتتعفنَ بعيدًا
تُستهلكُ كثيرا حتى لا يبقى لها أثرٌ،
وحدها فقط
تبقى تلكَ النقطة”.
وحرص جعدان على تقديم مختصر لحياة كل شاعر وردت له نصوص في المجموعة، كما أنه قدَّم للكتاب نفسه بمقدمة شاملة وضعت القارئ في صورة الجو الشعري السائد في تلك الثقافة، ومراحل تطوره ونضوجه.
ومن الجدير ذكره أن نوزاد جعدان شاعر وكاتب سوري، من مواليد العام 1984، وقد درس الإعلام في الجامعة السورية وتخرج عام 2008، وهو يكتب الشعر والقصة القصيرة، وقصص الأطفال والمقالة الصحفية، ويعمل صحفيًّا في إمارة الشارقة..