“وسائل التواصل الاجتماعي مقاربة سيكولوجية”الدكتور إدريس الذهبي/المغرب

  1. توطئة:

إن للإنسان في الحياة دورا تواصليا في الجوهر، فهو يتلقى الرسائل ويرسلها، بل هو يجمع المعلومات ويوزعها، وبتعبير سابير (Sapir) فإن: “أي نموذج ثقافي، وأي فعل من أفعال السلوك الاجتماعي يتضمن التواصل، سواء أكان ذلك بالمعنى الظاهر أم بالمعنى الضمني”[1]، فالتواصل شرط مؤسس لكل حياة اجتماعية، إنه يتمثل بصفة عامة في تبادل البلاغات المجملة بالدلالة، ومن هنا؛ فإنه يمكن أن يأخذ مظاهر متعددة، حيث أشار نيلسن كودمان( N.Goldmen) إلى أنه: […]  بكونه هدف التعبير الرمزي، فالإنسان حيوان اجتماعي، والتواصل شرط للتعامل الاجتماعي، والرموز هي وسائل للتواصل[2].

وقد انصبت جل الدراسات اللغوية على دراسة مختلف مظاهر التواصل الإنساني، فانتبه الباحثون إلى أنه ينقسم إلى قسمين: أحدهما لغوي، والثاني غير لغوي، وأنه عملية لا تعتمد فقط على اللغة بصفتها الأداة الرئيسية للتواصل، بل تعتمد أيضا على أنظمة من العلامات غير اللفظية تخضع مثل اللغة لاتفاق وتواضع الجماعة، وتعمل متضافرة تارة، ومستقلة تارة أخرى، من خلال السياق الثقافي لكل مجتمع، كما تعمل هذه الأنظمة من خلال الحواس الخمس: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، التي تحدد بدورها نظاما للعلامات، ووظيفته[3].

  • تحديد مصطلح “التواصل”:

أ – التواصل لغة:

التواصل لغة هو الإبلاغ، والاصطلاح، والإخبار، أي نقل خبر ما من شخص إلى آخر، وإخباره واطلاعه عليه، وجاء لسان” العرب” بصدد كلمة “وصل” ما يلي وصل الشيء بالشيء، أي يصله وصلا وصلة ووصلة…والوصل خلاف الفصل[4].

هذا معناه أن فعلي وصل وأوصل يفيدان وجود علاقة توصيل أو ربط.

       في اللغة العربية نجد عددا من المفردات من قبيل: واصل، وتواصل [فاعل، تفاعل]، والمصدر من وصل الشيء وصلا وصلة، أي وصل = ربط =جمع = انتمى، والوصل ضد الهجران، وكذلك هو خلاف الفصل، والتواصل ضد التصارم[5].

فالتواصل إذن مصدر لفعل “تواصل” الذي يدل على معنيين: الأول: هو الربط بين شيئين أو شخصين، وعكسه الانفصال أو الانقطاع، فالربط يعني نسج علاقة من نوع معين تربط الطرفين، أما الثاني فهو الوصل إلى غاية معينة. وأيضا التواصل مصدر تواصل على وزن “تفاعل” فهو مزيد بحرفين هما: “التاء” و”الألف” وأشهر معانيه المشاركة بين اثنين فأكثر، نقول تواصل القوم: وصل بعضهم بعضا، وأوصله الشيء وإليه: أنهاه وأبلغه إياه، وهذا المعنى قريب جدا مما ذهب إليه بعض الغربيين، فقد أشار “جان كازنوفCazeneuve) ). إلى أن التواصل يعني عملية انتقال من وضع فردي إلى وضع اجتماعي، وهو ما يفيده فعل “اتصل” الذي يتضمن الإخبار، والإبلاغ، والتخاطب، ويتعلق بنقل الرسائل أو الرموز الحاملة للدلالات[6]. والملاحظ أن العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي وطيدة، إذ مبدأ التواصل فيهما يقوم على التفاعل بما يعنيه من تشارك، وتبادل[7].

ب – التواصل اصطلاحا:

  1. مفهوم التواصل:

وتشير الكلمة الفرنسية communication إلى معاني متعددة، ومتداخلة، فهي تعني حدثي التواصل، كما تشير إلى فعل التبليغ، أي توصيل شيء ما إلى شخص ما، وإلى نتيجة ذلك الفعل، كما تدل على الشيء الذي يتم تبليغه، والوسائل التقنية التي يتم التواصل بفضلها.

نلحظ أن المعاني التي تدل عليها كلمة communication، تتضمن بدورها معنى الارتباط، أي تؤكد وجود علاقة بين شخصين، أو بين شخص و شيء، والحقيقة أن تعريف التواصل أمر شائك للغاية، والسبب في ذلك هو الاهتمام الكبير الذي أصبحت توليه العديد من حقول المعرفة الإنسانية للدراسة والبحث فيه،(العلوم الإنسانية، العلوم البحثة، علوم الطبيعة، علوم التربية).

ويشير طلعت منصور في هذا الصدد، إلى أن هناك خمسة وعشرين تصورا مختلفا لمصطلح الاتصال يجري استخدامه في البحث…، ومنذ أن نشر شانون وويفر1949 نموذجهما الرياضي ظهر أكثر من 15 خمسة عشر نموذجا مختلفا في تفسير الاتصال[8].

ومهما يكن من أمر، وبما أننا بصدد مقاربة للتواصل وفضاءاته، خلصنا إلى قضايا عالقة وجوهرية، ففعل نقل معلومات من مرسل إلى متلق بواسطة قناة، بحيث يستلزم ذلك النقل من جهة وجود شفرة، ومن جهة ثانية تحقق عمليتين اثنين: ترميز المعلومات codage، وفك الترميز décodage مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طبيعة التفاعلات التي تحدث أثناء عملية التواصل، وكذا أشكال الاستجابة للرسالة، والسياق الذي يحدث فيه  التواصل[9]، وأيضا  إذا تعلق الأمر بأشكال التواصل غير المنطوق كالكتابة، والحركات الجسمية، ونبرات الصوت، وغيرها[10].

  وفي هذا المضمار يرى رولان بارت1957 (R.Barthes) أنه ليست هناك من قوة تمنع الأشياء من الكلام[11].

   يعتبر مفهوم التواصل واسعا، وفسيحا، فباب الاتصال مفتوح على مصراعيه لعلماء النفس بجميع تخصصاتهم المختلفة.­(علم نفس اجتماعي تربوي مرضي/التحليل النفسي ،أي العيادي الإكلينيكي). وقد أسهمت هذه العلوم الإنسانية، والبحثة في تعمق فهم التواصل.

    إن التواصل هو العملية التي يتم بمقتضاها تكوين علاقات بين أعضاء المجتمع بصرف النظر عن حجم هذا المجتمع، وطبيعة تكوينه، وتبادل (المعلومات، والآراء، والأفكار، والتجارب فبما بينهم، وهو عملية أساسية في حياة المجتمع،  فكل ما يتعلق بانتقال الأفكار والمعلومات من فرد لآخر، ومن جماعة لأخرى، يدخل ضمن هذه العملية سواء كانت تتصل بالناس أنفسهم أو البيئة التي يعيشون فيها أو حتى تجربة الفرد نفسه مع نفسه، الاتصال الذاتي  communication intra –personnel  هنا مرسلا، ومستقبلا في آن واحد ويصبح للموضوع نفسه[12].

   وقوام هذا التواصل الفكرة التي يكونها عن ذاته، وإدراكها لأفعاله، وأضيف إلى هذا التواصل الشخصي communication intra –personnel اتصال يتم بين فردين أو أكثر، أحدهما مرسل والآخر مستقبل للرسالة، أو قد يتبادلان مراكز بينهما، ويتم الاتصال عبر وسائل، ويقوم هذا التواصل على إدراك لأفعال الآخرين[13].

   إن معنى كلمة التواصل واضح وغامض في آن واحد، فهو واضح بما فيه الكفاية في حالة استخدامه الاصطلاحي، ولكنه غامض عندما نبحث عن حدود استعماله.

   يقول شانون وويفر:”إننا نستعمل مصطلح التواصل بمعنى واسع  جدا، يتضمن كل نسق من التصرفات التي يستطيع بواسطتها فكر معين أن يؤثر في غيره فلابد من أن يدخل في ذلك الكلام المنطوق والمكتوب، ثم الموسيقى، والفنون التشكيلية، والمسرح، والرقص، وكل سلوك بشري يتخذ طابع النسق”[14] .

  • أولا: البحث عن طبيعة الشخص المرسل أو المؤسسة على مستوى التكوين، والتنظيم، والسياسة.

– ثانيا: البحث في مستوى الرسالة، للتعرف على نوع أو مادة التواصل التي تتضمنها.

– ثالثا: دراسة طبيعة المرسل إليه، سواء كان فردا أو جماعة، ومدى سعة خصائصه الفكرية، والثقافية.

– رابعا: دراسة التأثيرات التي يراد إحداثها في المستقبلين، ونوع الاستجابة ورد الفعل عليها[15].

علما أن التواصل إذن هو جوهر كل شيء في الكون، ومحور الحياة…فهو يتخذ مجموعة أشكال والفعل واحد، حيث نجد ما يسمى ببيولوجيا التواصل، وهذا التواصل البيولوجي قد يكون تواصلا كهربائيا، يتم عن طريق الجهاز العصبي، حيث يقوم بإيصال الدفعات العصبية[16].

   وتعتبر أعضاء الحسsensés organes  امتدادا للجهاز العصبي فالخلايا الحسية تستقبل الإحساس، وتنقل المعلومات إلى الجهاز العصبي المركزي عن طريق الخلايا العصبية على هيئة دفعات كهربائية.

   إن التواصل إذن هو الذي يرسم خطوط السلوك السوي من خلال تفاعل الأفراد. وعلم النفس لم يعد اليوم مهتما بدراسة الظواهر، وملاحظة السلوك السوي، بل إنه أصبح يتعمق في دراسة الدوافع، والأسباب المؤدية إلى الظواهر[17].

وعليه؛ لا علم نفس بدون تواصل، المؤدي إلى التفاعل. ويتأكد هذا الطرح عندما نعلم مدى اعتماد علم النفس المعاصر على التواصل.

   فالاختبار النفسي والفحص النفسي كلها تستند إلى التواصل، وكلها تصبح عديمة الجدوى في حالة اضطراب الاتصال حتى إن بعض الاضطرابات النفسية باتت تسمى باضطرابات التواصل وفي مقدمتها الخجل[18].

ولقد كان لدخول الاتصال في الميدان النفسي أثره البالغ في تطوير النظرة لعلم النفس، ويتفرع علم نفس الاتصال إلى مدارس و اختصاصات فرعية أهمها:

   علم النفس اللغوي واللساني، يعتمد على الاتصال بواسطة الاختبارات لتحديد الحالة العقلية للشخص.

  • علم نفس الحوار الإنساني أو المقابلة.
  • علم نفس المرتبط بالإعلام.
  • علم نفس المؤسسات.
  • علم نفس التجسس.
  • العلاج النفسي العائلي.
  • العلاج النفسي الجماعي.[19].

   يعتبر الجانب النفسي مهما في عملية التواصل، فالرسالة يجب أن تكون ملائمة للمرجع، وللمخاطب، وللموقف الاتصالي وأن تكون مقبولة من طرف المخاطب[20].

2-عناصر التحديد التصوري للتواصل:

   في الاستعمالات المعرفية، والعلمية باللغة العربية هناك مصطلحا “تواصلا واتصالا”. يتم التعبير بهما كترجمة مرادفة للمصطلح اللاتيني communication ، وإذا كان هذا الأخير يتضمن عدة معاني، واستعمالات متنوعة بدون تميز سواء من خلال المجال الذي فيه، بحيث إنه كمفهوم يكون مرفقا في الغالب بمصطلح آخر لتوضيح حدود وسياق الاستعمال. أما بالنسبة للاستعمالات باللغة العربية، فإن توفر مصطلح” اتصال و تواصل “يسمح بنوع من التمييز على المستوى المفاهيمي، وذلك من حيث ما قد يفيد كل مصطلح في خصوصيته من ظواهر، وسيرورة، وتصورات على اعتبار أن بين المفاهيم والظاهرات علاقة متبادلة”[21].

 وبما أن التواصل علاقة تفاعلية بين نسق، ومحيط تتبلور من خلالها وسائل وقنوات، فينشئ التواصل تقطيعات وتنظيمات  وحدودا في المحيط، و يهيئ  الظروف لبروز وسائل جديدة من أجل تواصل أوسع و أوثق. ويؤثر في سيرورة الحوار، والاتفاق، والاختلاف، والخلاف، والحسم بين مكونات مجتمعية وثقافية محكوم عليها بالتواصل. ويمكن اعتبار النسق بأنه كائن حي أو دماغ أو لغة أو آلة مبرمجة، حسب المجال الذي يجري فيه التحليل، حيث إن التواصل ليس تبادلا هادئا دائما، بل هو أيضا تفاعل مخترق بين النسق والمحيط، ولا يخلو من صدام بين أجيال من القنوات أحيانا، وبين أنماط من التقطيع والتنظيم، ومن هنا خصوبة التواصل وإبداعه[22]. حيث قدرة الفرد على فهم الأقوال وإنتاجها في تواصلية، فنحن رغم توظيفنا للجمل في تبادلاتنا، فإننا نستعمل في الواقع نصوصا ،لأن هذه الجمل ليست معزولة، بل لها ارتباط بجمل سابقة أو لاحقة وتحيل على مراجع معينة.

كما تستخدم هذه الكفاية في اشتغالها محورين:

– محور خطي لتحقيق المتوالية الكلامية في شكل جمل.

– محور دلالي للعلامة اللغوية، أي قدرتها الإحالة على وقائع وأشياء توجد خارج اللغة. علما أن هذه الأخيرة تشكل بعدا أساسيا من أبعادنا الذاتية، والثقافية، وهي حلقة وصل تربط بين ماضي الإنسان وحاضره ومستقبله، وهي فضلا عن ذلك، تعتبر فضاء تفكيرنا، واللسان المعبر عن مشاعرنا وعواطفنا. ولأجل ذلك كله، نجدها ما فتئت، كظاهرة تخضع للبحث و الدراسة، تتسم بالتخصص، والتوسع، والتشعب، مما جعل مقاربتها تتم على عدة مستويات: مستوى التركيب والدلالة الصوتية، مستوى الوظائف المختلفة في تحقيق التواصل والتعبير، مستوى الوصف والتقرير ومستويات أخرى كثيرة، ذات بعد لساني ونفسي-اجتماعي، وتربوي، ثقافي… وهكذا دواليك، وحسبنا في هذا المقام أن نثير بعض القضايا المتعلقة بها من الزاوية النفسية-الاجتماعية، والثقافية التربوية[23].

1- وسائل التواصل الاجتماعي: المفاهيم والمنطلقات:

تعرف وسائل التواصل الاجتماعي، أو شبكات الإعلام الاجتماعي بأنها مواقع، أو تطبيقات أخرى مخصصة على وجه الأرجح لإتاحة القدرة لمستخدمي التواصل فيما بينهم من خلال وضع معلومات، وتعليقات، ورسائل، وصور، وهلم جرا.

وعليه؛ يغطي مفهوم وسائل  التواصل الاجتماعي المستخدم في هذه الدراسة جانب البرمجيات والتطبيقات، ولا يغطي جانب الأدوات المستخدمة، كالأجهزة المختلفة من الحواسيب المكتبية، والنقالة، واللوحية، والهواتف الذكية، وتقنية الاتصالات، مع ملاحظة أن التقدم التقني المتسارع في الأدوات، وإمكاناتها يعتبر من أهم العوامل الحاكمة لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضا ظهور الابتكارات المتتالية في مثل هذه الوسائل…، ونلحظ أن مفهوم وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية يعتبر من وجهة نظر كوكبة من الباحثين أضيق من مفهوم أعم، وهو مفهوم الإعلام الاجتماعي الذي يعرف بأنه المواقع والتطبيقات التي تتيح للمستخدمين أن ينشئوا أو يقدموا للغير محتويات معينة، أو أن يشاركوا في التواصل الاجتماعي[24].

  • أهمية وسائل التواصل الاجتماعي:

إن وسائل التواصل الاجتماعي تتيح لمستخدميها إمكانية التواصل مع الأشخاص الذين لديهم اهتمامات مشتركة، لتتكون بينهم علاقات قوية، فمنذ ظهور الهواتف الذكية، ومواقع التواصل الاجتماعي التي اجتاحت العالم أصبح من السهل ربط علاقات مع الناس، والتحدث معهم في أي مكان من بقاع العالم، وذلك عبر العديد من المنصات الاجتماعية؛ كالفايسبوك، والتويتر، وتقنية الواتساب، والتيليغرام، وهلم جرا…

     فهي تعمل على صقل فكر وشخصية الأفراد، وذلك من خلال تبادل الأفكار مع الآخرين من مجتمعات مختلفة، وبما أنها أداة تعليمية فعالة، فقد دفعت العديد من المهتمين بمجال التكنولوجيا إلى التأكيد على أهمية استغلالها، والاستفادة منها، وذلك من خلال التعرف على الثقافات الأخرى.

فالتواصل بين الأشخاص يسهم في تماسك المجتمع وتطوره ونموه، فهو حجر الأساس الذي يؤدي إلى تنمية المجتمعات ونهضتها.

وتتمظهر قيمة وسائط الاتصال المعاصرة أواخر القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، إذ كان الآخر يشكل حالة قصوى من الغيرية الجذرية، والتي لطالما عانت من الغموض والانغلاق، ناهيك عن الشعور بالنقص.

 ويمكن القول؛ إن لوسائط الاتصال المعاصرة في الأنترنت تأثيرا إيجابيا إذا كانت للشخص مناعة سيكولوجية واجتماعية، وأيضا تأثيرا سلبيا إذا غيبت هذه المناعة، ونلحظ أن الحصول على المعلومة أصبح ميسرا إلى أبعد حدود ممكنة وبأقل جهد، وأيضا في تحقيق السرعة مع الآخر في مختلف المجالات، لذلك أصبحت وسائل الاتصال تشكل نافذة فعالة للاستفادة من تجارب الشعوب، وتقوية التلاقح الثقافي، وتوظيفه في التنمية البشرية وتداعياتها. وإن لجوء الشباب إلى الأنترنت، والمجموعات الخاصة والمغلقة، وهذا راجع إلى أسباب نفسية، واجتماعية يمكن إجمالها في وجود الخجل عند بعض الأشخاص، وعدم الثقة في النفس، مما يجعلهم يراهنون على المستوى الافتراضي، ثم وجود فوبيا الآخر عند الشخص، وبعض الرجات النفسية، وكذلك الخوف، ناهيكم عن تضخم الأنا، ووجود نرجسية مطلقة، وانفصام في الشخصية، والإدمان على الممارسات التافهة كأفلام العنف، والخلاعة،… مما يؤدي حتما إلى انحراف الأشخاص ذوي الهشاشة السيكولوجية.

كما نلحظ استلاب الذات وغربتها عن الواقع الجنسي الفعلي[25]، وتوصل علماء النفس إلى مجموعة من الحلول الناجعة لتفادي الرجات النفسية، والإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، كأن يبتعد الشخص عن الهاتف، وعدم اللجوء إلى الحاسوب، وتعويضه بأنشطة أخرى كالموسيقى والرياضة، وأنشطة موازية، واستعمال تلك الوسائط بشكل عقلاني.

5– خلاصة تركيبية:

خلصنا أن سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي تكمن أساسا في الإدمان، ذلك أن المراهقين يقضون ما بين 9 ساعات يوميا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أكثر من ساعات النوم والطعام، والشراب، فضلا عن العزلة الاجتماعية، إذ نجد استعمال الهواتف بشكل لافت، وضعف تطور الشخص اجتماعيا، ومهنيا، ولمسنا أيضا تتبع عورات الآخرين، والنظر إلى مظاهر الترف مما يسبب حتما اليأس والإحباط، خاصة متابعة المشاهير والمؤثرين. فقد تعرض ثلة من مستخدمي التواصل الاجتماعي إلى الاكتئاب، والقلق، والعزلة، وأشارت دراسة بكندا أن المراهقين يتصفحون المواقع أكثر من ثلاث ساعات يوميا، دون أن نغفل التأثير السلبي على الصحة، خاصة الجهاز المناعي.

 ونأمل مستقبلا تفادي هذه الوسائط، واستخدامها بشكل ينوس بين طموحات الفرد، والجماعات، من أجل المضي قدما صوب شاطئ النجاة.

الهوامش:

  1.  ترنس هوكس، مدخل إلى السيمياء: مجلة بيت الحكمة، ص: 109.
  • 2-   بناصر البعزاتي، التواصل: المفاهيم والقنوات: المفاهيم وأشكال للتواصل، ص: 13
  • كريم حسام الدين زكي، الإشارات الجسمية: ص: 26
  • ابن منظور، لسان العرب: دار صادر، بيروت، المجلد 11
  • المرجع نفسه، ص: 11.

6 – جاكبسون وآخرون، التواصل نظريات ومقاربات، ترجمة عز الدين الخطابي، وزهور حوتي، منشورات عالم التربية، ص: 8

  • محمد الواسطي، قضايا في الخطاب النقدي والبلاغي، مطبعة آنفو- برانت، ص: 10

8 – طلعت منصور، سيكولوجيا الاتصال، عالم الفكر المجلد 11 العدد2، السنة 1980 ، صص: 104- 198.

9- المرجع نفسه، صص:104 .

10 -Edwards Sapir :Le langage introduction a l’étude de la parole ;Ed Payot 1953.P.23

11- Ralant Barthes :Mythologies ,Ed du seuil  coll. peint N° 10, 1957,p .p194.195

12- محمد الأمين موسى، العامل النفسي والاتصال فعالية الاتصال في الحياة اليومية وعبر الوسائل، دار النشر النورس للخدمات، الطبعة  الأولى، نونبر1994، ص:25 .

13- المرجع نفسه، ص:25.

14- Shannon et Weaver :théorie mathématique de la  communication  :F 😛 :l,1976 ;p:72 .

15- طلعت منصور: سيكولوجيا الاتصال، مرجع سابق، ص: 5.

16-المرجع نفسه، صص: 13- 16.

17- أحمد النابلسي، الاتصال وعلم النفس، دار النهضة للنشر،1991، ص:5.

18-المرجع نفسه، ص:6.

19-  الدكتورة عواطف عبد الرحمن، النظرية النقدية في بحوث الاتصال، مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، ط: 2.

20-  أحمد النابلسي، الاتصال وعلم النفس، مرجع سابق، ص:6.

21- ميلود حبيبي، الاتصال التربوي  وتدريس الأدب، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 1993، ص:41.

22- عبد الكريم بلحاج، علم النفس الاجتماعي بالمغرب، أسئلة الموضوع والممارسة في العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، المعهد الجامعي للبحث العلمي، الرباط 1998، ص:115.

23 – بناصر البعزاتي، المفاهيم وأشكال التواصل، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 92، مطبعة النجاح الجديدة،2001، ص:11.

24- مجموعة من المؤلفين، اللغة والتواصل التربوي والثقافي، مقاربة نفسية وتربوية، مطبعة النجاح الجديدة البيضاء، ط: 1، 2008، ص: 5

25- جمال سند السويدي، وسائل التواصل الاجتماعي، ودورها في التحولات المستقبلية من القبيلة إلى الفايسبوك، ط.3، 2014، صص:20-22.

26 -www.levantcenter-net


*-أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عن عبد العزيز الطوالي

شاهد أيضاً

المشهد

عبد الرحيم جداية| الأردن ضعفت خطايَ.. وخطوتي فوق التراب تجرني في إثرها أمشي ثقيلا كلما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات