دس بجيبه قطعا نقدية صفراء وبيضاء ، هي بقايا المال والأعمال ، دسّها عساها تنفعه في يومه الأسود ، وفي مقام آخر تكوي جبهته العريضة يوم لا ينفع لا قرش .. ولا قرش . توارى عن الأنظار إلى أن طالعتنا أخبار سنواته الدراسية قرب شالة .. وشايلاه أ لالة . حينما كان يمارس فن الوصولية ، ولعبة الدسائس ، حتى أصبح يعرف بين زملائه بالثرثار .
اليوم الأحد .. لا أحد . توقفت الحياة صباحا ، وحدي بالمقهى ، سأرمم نصاً .. أجمع انشطاره ، وأقدمه هدية العيد لأصدقائي الذين أراهم الآن يجلسون أفق الانتظار . يسائلون الكلمات ، يلتقطون ما تناثر من معاني و مْعاني .. لا تنشغلوا كثيرا ، فاليوم الأحد ، ونص الأحد قلَّما يُعْتَدُّ به .
سعيد سعيد على غير عادته ، بين الفينة والأخرى يحضر كوب ماء بارد ، فحرارة فاس مفرطة ، وحرارة الخيبات أشد مضاضة . كم الساعة ؟ لا مواعيد بعد اليوم ، وزَّعونا والمقاهي ، ألبسونا السراويل القصيرة ، بعدما قالوا لنا : وقِّعوا .. واخرجوا من زمننا . فأنتم الطلقاء …
رويدا سأعد حقيبتي ، وأحط الرحال حيث لا أدري .. حيث لا قطع نقدية صفراء ، حيث تقام حفلات الحياة .. وإن طالعني ثانية ، سأهديه قول الشاعر :
لما وضعت على الفرزدق ميسمي
وضغا البعيث جدعت أنف الأخطل .
أو في مقام آخر، ومما رواه الفِلِزُّ عن النواة أنه قال : ” خَرِّجْ فيه عيْنيكْ يزْگَا ( يجمد بمكانه ) ،راهْ خَوَّافْ ” انتهى الكلام ، وعليهما العهدة .
فاخرجوا من فضاء النص ، فاليوم الأحد . رويدا أضع نقطة النهاية ، وأخشى أن يتيه بعضكم مثلما حصل لصاحب القطع النقدية الصفراء ، حينما تاه بشوارع العاصمة عندما كان يهوى جمع بقايا الخبز ليبيعها ثانية ، لتأمين زمنه الدراسي .