“تهمة التخصيص في التدوين” عصام زروالي ـ المغرب

تهمة التخصيص في التدوين،هذا موضوعنا،الآن فلنبدأ من أرض مستوية منبسطة إلى أعلى قمة الجبل والذي يشكل حلا أو جوابا لموضوعنا هذا، أولا فعقولنا مهما اختلفت أفكارها إلى أن العوامل المشتركة تجعل الأفكار مشتركة وبالتالي فالنتيجة مشتركة، أكتب نصا إن قرأته من منظور أنه خاص بالكاتب،بسطحية ودون أن تحاول الغوص في الكلمات والحروف فأكيد لن تفهم وستتهم الكاتب بالغموض والغوص فيما هو خاص ومبهم للعامة ،لكن ما أطلب من القارئ إلا أن يقرأ أي نص يبدو على أنه خاص بكاتبه بمنظوره الخاص أقصد هنا أن القارئ يجب عليه أن ينسب النص إلى نفسه لحظيا يقرأه كما لو أنه هو من كتبه وكأنما هو من عاش أو يعيش تلك الأحداث أو تلك الأفكار ،وعلى الكاتب أن يلمس النقاط المشتركة الأفكار المشتركة بينه وبين الناس جميعا ،فبصفة عامة ولنخصص الحديث فالطبقة الكادحة لها واقع مهترئ مشترك فكيف لا تكون جل أو بعض تفاصيله مشتركة،لا أتكتب لمن هب ودب وإنما أكتب لمن لا قيد يمسكه ولا أصفاد تعرقل سيره ولا ولا ولا فقط ثائر يحكي ما يمر به أو يعيشه أو يحلله أو يستنتجه، بهذه البساطة فكيف لك دون هذا أن تتهم البساطة بالغموض، الغموض فينا فقط لأننا نصنع واقعا ذهنيا وحرفيا ليكون قابلا في يوم ما لكل شخص أن يجعل منه تطبيقا ماديا نافعا يأتيه فرجا ولو ضئيلا ،فلا الكاتب الحق يكتب لتراه أنت فخما ولا هو يكتب ليكون فخما لشخصه بل يكتب ليساهم ولو بمثقال ذرة في أن يكون الواقع فخما، هذا ما يصبو إليه الكاتب الحق، وهنا الكاتب العظيم هو في الأصل قارئ عظيم.

وبذكر هذه المعايير الذهنية ،يلج عقلي إلى الذاكرة لينتشل فذاذة السرد من روايات لروائيين كبار أمثال فيودور دوستويفسكي، وكابرييل كارسيا ماركيز،وكذا نجيب محفوظ ،ومحمد شكري،ومحمد زفزاف،وكذا الأستاذ مصطفى الغتيري، فرغم بساطة السبك والمعنى في اعمال هؤلاء،إلا أننا نجدهم في بعض اللحظات من الرواية يلجون عالما غير عالمنا ، من قبيل الغوص في خطاب مع الذهن باستراتيجيات التدوين الفذ والجميل الرصع والعميق المعنى، والمراد يختلف من كاتب لآخر، فهنالك منهم من يريد اختبار قابلية القارئ على الفهم والتعمق والتعلق بالسبك السردي وتتبعه دون الإنشغال عنه،السبك السردي الذي يربط الواقع الحسي والذهني للكاتب بالرواية، أو لجعل القارئ يطرح علامة استفهام في النقط المعمق فيها بالضبط، والتوقف مع نفس طويل لمعاينة الأفكار المطروحة، أو لسبب أن الكاتب يتعمد أن يجعل نصه في قمة الجبل السردي من أجل أن يتسلق إليه فقط القارئ العظيم، وفي أغلب المرات تجد هذا التعمق ناتج عن سيكولوجية الرواية وبالتالي ولأنها ترسب لعقلية الكاتب فإن التسمية الصحيحة هي سيكولوجية الكاتب، في أغلب الأوقات تظل خواطر ذهننا مرتبطة بجانبنا السيكولوجي، وناذرا ما يتم طرح النص دون اللجوء إلى خطاب ذهني سيكولوجي بين الكاتب وذهنه، وبين الذهن والنفسية، وخصوصا إن كانت النفسية متعددة التجارب الحساسة والمرهفة، وإن كان ذهن الكاتب متعدد التجارب العملية، نتاجا لهكذا خطابات مع الذهن والنفس الإنسانية ينتج الإبداع المنقطع النظير خلف المبهم للمشكك بالتعقيد، والبسيط للقارئ العظيم.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

قيم ” التسامح ” و” التعايش ” في الشعر العربي

د.حسن بوعجب| المغرب             لقد اضطلع الشعر منذ القدم بدور تهذيب النفوس وتنمية القيم الإيجابية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات