عمّان –
تطرح قصائد الشاعرة العُمانية حفصة عبدالله في مجموعة “ديمة وودق” مجموعة من القضايا الوجدانية التي تتنوع ما بين مشاعر الحب والهيام، وعنفوان الأنثى أمام التحديات التي تواجهها، والموقف من الحرب وقسوتها، وشكوى الفراق والفقد، والقضايا الوطنية التي تبرز خلالها معالم المكان وتجلياته وسمات المجتمع الذي تنتمي إليه الشاعرة وتخاطبه بفيض من مشاعر التوقير والمحبة.
وجاءت المجموعة الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 88 صفحة من القطع المتوسط، وحظي العشق والهيام بقسط وافر منها، تؤكد حضوره في حياة الأنثى التي أرادت القصائد أن تكون ناطقة باسمها في كل زمان ومكان..
تقول قصيدة بداية التي جُعلت استهلالا لقصائد المجموعة:
أخشى إن رأيتُ عينيه لا أرى أفقًا سواه يعبرُني
ولا أرى بحرًا كعمقِهِ يأسرُني
كم أخشى ويذهلُني هذا المرام!
وكم أشقى ويحملُني هذا الجوى!
وإليكَ وحدكَ تركْنُ الأمنياتْ
وليتَ وحدَك من يستسيغ الذكرياتْ..
وتقول قصيدة أخرى تظهر الأنثى فيها منكسرة أمام “وعد كاذب” لم يتحقق:
لي سؤالٌ بين جوفي
قبل أن تخفيه ليتا
هل سيلقى منكَ أفْقًا
أم سيلقى منك صمتا
منذ عامٍ كان عهدٌ
هل سيغدو الآن موتا؟!
ليس لي إلا زماني
حينَ تبقى فيهِ أنتَ
ليس لي إلّاك جرحٌ
حيثُ تبقى الريح كنتَ
هل نسيتَ العهد بيني
منذُ عامٍ أنتَ قلتا؟
أم تركتَ العهد عندي
فاستحال الحبُّ مقتا؟!
ظلمةٌ دارت بدربي
مُذ تركتَ العهد خنتا
بلَّلَ الأوراقَ دمعي
هل نسيت الدمع حتَّى
بعد ذلك تنوعت المواضيع، لتطرح مجموعة من التأملات التي لامست قضايا الموت والحرب. تقول قصيدة “إلى أين يذهب الموتى”:
إلى أين يذهب الموتى وسط هذا الحشدْ؟
بعيدًا عن كل شيءٍ يرحلون بصمت يُوحيهِ لنا الغياب؛ أنّ ثمة لقاءً سيجمعنا بين الغمام
يسبقوننا ليُهيّؤوا لنا وسَطًا نستريح عليه في رحلة أبديةٍ
طالما هناك لقاءٌ فلا تحزنْ
فالحزنُ لصٌّ حقيرٌ
يسرق ضحكتنا في الخفاء ويملأُ جوفنا بالفراغ
وتخاطب قصيدة “ألم زائف” نهر دجلة في مشهد يشير إلى الويلات التي يعيشها الإنسان الذي اكتوت بلاده بنار الحرب:
يا نهر دجلة هل رأيت صغارا
يستنجدون ويصرخون فرارا
هلاَ لفظت نداءهم ورحمتهم
من جوف مائكَ قد لفظتَ مرارا
أم صيّرَتْ قطراتُ دمعٍ من أسى
روحَ الحنان فحوَّلته قَفَارا
بالله يسأل كل نجم هارب
لا تتركيه ليقتات الأسى أقدارا
رُدِّي عليه لباسه صُوني روحَه
قومي ارفعي عن هذا الدجى الأسرارا
لا غمزة تكفيهِ لا شيء يُرجعُه
هلَّا سيرجع بعد هذا الضيم أخبارا؟
وقد نوعت الكاتبة في موسيقى قصائدها، وتنقلت بين قصيدة النثر وشعر التفعيلة والشعر العمودي الملتزم ببحور الخليل، وكانت لغتها في القصائد جميعها هادئة رقراقة، تجسد طبيعتها الأنثوية، رغم ما يعتصرها من ألم واستنكار.
ومن الجدير ذكره أن حفصة بنت عبدالله بن علي الحضرمية كاتبة عُمانية وُلدت عام 1988. حصلت على بكالوريوس في العلوم التطبيقية من الجامعة التقنية بمسقط، ودبلوم تربوي في العلوم من جامعة نزوى، وتعمل حاليًّا معلمةً في وزارة التربية والتعليم العُمانية. وتهتم إضافة إلى كتابة النصوص النثرية والشعرية بالتصوير الفوتوغرافي والتسجيل الصوتي.
وسبق لها أن فازت بالمركز الأول عن مسرحيتها “لك يا وطن” في مسابقة الجامعة التقنية (2010)، والمركز الثالث في مسابقة منتدى السبلة العُمانية للشعر (2014).