مهند النابلسي: فن الرواية لكونديرا

*الدليل العتيد لفن كتابة الرواية الأصيل2/6

مع اضافات ذات علاقة لكاتب المقال لا تعبر عن رأي “كونديرا”!

إنني أبني رواياتي دوما على مستويين، في المستوى الأول، أقوم بتأليف الرواية الحكائية، ثم فوق هذا المستوى أطور موضوعات في المستوى الثاني: فعندما تتخلى الرواية عن موضوعاتها وتكتفي بسرد الحكاية، فإنها تصبح سطحية: وهذا ما ألاحظه في الكثير من سيل الروايات العربية المتدفق، حيث يبدو وكأن الكاتب نسي موضوعه،  وانغمس بلاهوادة بالاستطراد والهذيان، والولع الزائد بالشخصيات  وقد نسي ربما عنصر “الموتيف” البالغ الأهمية…

فروايات كافكا على سبيل المثال هي التحام تام بين الحلم والواقع، إنها تجمع في الآن ذاته النظرة الثاقبة عن العالم الحديث الواقعي والتخييل الأكثر جموحا، لذا فهي تعد ثورة سردية جمالية تجذب القارىء لمتابعتها حتى النهاية….أما دوستوفسكي، فيعرف تماما كيف يخلق شخصيات عوالم ثقافية غنية ومستجدة على نحو خارق.

هناك أنماط مختلفة من الروايات: مثل المعرفية، والتهكمية، والسياسية، وأزيد عليها “الخيال علمية والفانتازيا” الغير دارجة في مجتمعنا الثقافي وإن وجدت فهي تسمى روايات اليافعين والتي لا يقرأها عادة اليافعين وإنما مؤلفيها أنفسهم ويكتبونها طمعا بحصد الجوائز الأدبية وحسب التي تترافق مع مكافاة مالية مجزية! (وهذه وجهة نظر شخصية جدلية قابلة للنقاش والانكار)، وصولا للاجتماعية، كما يوجد ما يسمى الرواية التراسلية “السيكلوجية”، التي تستند للبوح والتصريح بالمشاعر والانطباعات: وأنا (نعم أنا الكاتب الانطباعي مهند النابلسي) أكتب نمطا جديدا من الكتب /كما أعتقد/، وأسميه اصطلاحا  بالرواية “المعرفية-الهاجسية-الصورية- المتنوعة”، حيث أجمع بقصد ما بين المقالات المعرفية (سواء بالسينما أو بالجودة) اللافتة الهادفة  والتي تحفل بالهواجس الفيسبوكية وملخصات الكتب  مع مقتطفات شيقة من اقتباسات ذات مغزى ومدلول “ثقافي/سياسي مشاكس “، ثم أعجن كل هذا الخليط مع صور سينمائية وتعبيرية جمالية  وأحيانا سياسية تستعرض  أحداث الوضع السياسي العالمي المضطرب  لأخرج بالمحصلة بكتاب كبير متنوع ومفيد  ويصلح للقراءة المعرفية المفيدة (التي تضيف قيمة جديدة )،كما للتصفح الهادف السريع ، بلا ملل وتكرار واجترار ،والله أعلم!

يتوجب عليك عند فراغك من قراءة رواية ما أن تكون قادرا على أن تتذكر البداية، وإلا غدت الرواية بلا شكل، وصار وضوحها المعماري غائما ومبهما وعبثيا!

يمكن أن تكون الرواية النموذجية كمثال خليطا غير متجانس مؤلف تشكيليا من خمسة عناصر غير متتابعة: كالحكاية الروائية التي هي بمثابة الهيكل العظمي للرواية، ثم القصة القصيرة الداعمة، والريبورتاج، والطرح الشعري الملائم، ثم تضع في الثنايا المقالة الفلسفية، ووفق تناوب هارموني مستمر وجاذب لا يبعث على الملل…

ثم إني أعالج كل الأحداث التاريخية باختصار شديد للغاية. وأتصرف تجاه التاريخ مثل “السينوغرافي” المسرحي المعروف، الذي يرتب مشهدا تجريديا  بواسطة صنعه أشياء  وديكورات ضرورية لإظهار الحدث بشكل مقنع ومبهر.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

تذبذب معالم الشخصية البونابرتية من الضعف الذاتي الى الحالة النرجسية

*بونابرت /3/ سكوت 2023/: عقدة نابليون والزعيم المجنون وجوزيفين الساحرة والمعارك الطاحنة ومقتل الملايين وتفاصيل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات