“ربشون وحارس الجبال” حكاية الطبيعة وقدرة الإنسان على تطويعها

عمّان-

تدور أحداث رواية “ربشون وحارس الجبال” للكاتبة العُمانية طفول سالم، في بيئة تجمع بين الخيال والواقع، جاعلة من الطبيعة في ظفار مسرحا لأحداثها المتعاقبة.

وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 128 صفحة من القطع المتوسط، واستمدَّ -بالإضافة إلى الطبيعة ومعالم المكان في ظفار- كثيرا من سمات الحياة الاجتماعية هناك، وألحق الأساطير بالواقع، والشخصيات المتخيلة بتلك التي يمكن للقارئ أن يصادفها في كل مكان من مسرح الحدث.

وتدور أحداث القصة حول شابٍّ يُدعى ربشون، يقرر، حين يتعرض قومه لفيضانٍ عظيمٍ يهدد حياتهم واستقرارهم، أن يذهب إلى الجبل لمعرفة سبب التهديد، فيحاول أهله وأقاربه أن يحولوا بينه وبين هذا العمل الخطير الذي قد يعرضه لغضب الوحش العملاق حارس الجبال، لكن ربشون يمضي في ما عزم عليه، ويلتقي بالحارس المخيف الذي يبدو له في صورة مختلفة عن الأساطير التي نُسجت حوله، وتنشأ بينهما علاقة طيبة، فتتوالى بعد ذلك أحداث ومغامرات كثيرة وتستمر إلى نهاية الحكاية.

تصف الرواية مشهد لقاء ربشون بحارس الجبال على النحو التالي:

“أمسك غُصنا كبيرا، وحاول أن يتسلق إلى أن وصل إلى قمة الجبل. أذهله ما رأت عيناه. كاد لا يصدق عندما رأى حارس الجبال الذي طالما سمع عنه يصارع نفسه ودموعه تنهمر بغزارة من شدة الألم. تسمَر ربشون لبعض الوقت خلف الأشجار الكثيفة وهو يرى ذلك الشيء الضخم المكوَّر على نفسه يصارع اختناقه في هدير وأنين عجيبين. كان منظره مخيفا جدا، أمسك الأوراق الطويلة الكثيفة، ولفها ببعضها بعضا، وتغطى بها لكيلا يراه الحارس أو يشم رائحة أنسيٍّ”.

واهتمت الرواية بإظهار معالم الطبيعة في ظفار بما فيها من تضاريس ونباتات وكائنات:

“في اليوم التالي من وجود شيرير في القرية ذهبت إلى الجدول القريب من بيتها لتغرف منه بعض الماء، كان الجو هادئا جدا خاليا من معالم الحركة، حتى من تغاريد العصافير وهمسات الأشجار. يبدو المكان كأرض مهجورة تماما أو أنه يُمسك أنفاسه خوفا من أن يفجع شيرير. أخذت تجول بنظرها يمنة ويسرة على طول الطريق بين أشجار الغاف الكثيفة. مرورا ببعض الأعشاب ذات الرائحة الفواحة التي يضوع عطرها بالأجواء، كانت هناك ينابيع صغيرة بالجهة الغربية، لفت انتباهها صفاؤها وعذوبتها، هرعت إليها تجر القربة، كان ضوء الشمس المنعكسة بين فروع الأشجار يُضيء أحجارا صغيرة وسط الينابيع”.

وحرصت كذلك على تقديم مزيج من اللغة العربية الفصيحة ولغة السكان المحليين، فحفلت بمجموعة من الأمثال والأقوال المأثورة هناك، وتعددت الهوامش التي مكنت القارئ من فهم العبارات التي قد يغمض عليه معناها..

ومن الجدير ذكره أن طفول سالم كاتبة عمانية، وهي عضو في مجلس إشراقات ثقافية، وفي إدارة الجمعيّة العمانيّة للكتّاب والأدباء- فرع محافظة ظفار، وفي ورشة أبجديّات القصّة القصيرة.

وقد صدر لها قبل هذه الرواية مجموعة قصصيّة بعنوان “في قلب أختي يسكن مسعود القزم” في العام ٢٠١٩.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

قيم ” التسامح ” و” التعايش ” في الشعر العربي

د.حسن بوعجب| المغرب             لقد اضطلع الشعر منذ القدم بدور تهذيب النفوس وتنمية القيم الإيجابية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات