لحسن أيت بها: تأملات في مجموعة” مملكة السحرة”

يواصل الشاعر المغربي أحمد الشيخاوي، العمل على صياغة قصائده، بما تحمله من دلالات، وما وصل إليه من حدود أسلوبية، لغوية، ومن خلال مكنوناتها المجازية، واستعاراتها، لكنها لا تتجاوز واقع الإنسان العربي الحديث، يظل الشعر، هو السبيل الوحيد نحو معانقة القيم، الأدبية والإنسانية، قيم التسامح والحب، ذاك هو شاعرنا، يظل مرتبطا بهذه القيم.

الشاعر والناقد المغربي لحسن أيت بها

الغربة في الكلمة، تأملات في قصائد المجموعة الشعرية: مملكة السحرة، للشاعر أحمد الشيخاوي

من يعرف الأستاذ أحمد الشيخاوي، سيقول لك، أن شعره وكلماته، هي انعكاس لثقافته، لفكره لأخلاقه، لكلمته، لا يتراجع، لا يغير المواقف، ولا يتغير، يظل الشاعر احمد الشيخاوي، هو نفسه الإنسان المتسامح المتواضع، المنفتح، لا يتغير ابدا مهما تغير الناس، بأخلاقه بلغته، وبكلماته، وما هذه القراءة الموجزة، إلا إطلالة وتعريف بديوانه الجديد: مملكة السحرة، إذ سنعرض بعض مقاطعه الشعرية، لعلها تسعفنا في عرض عوالم شعره.

يقول الشاعر:

الكلام إن نطقنا ترنم

أو صمتنا، جهنم

هو الشهيد أكرم، محمول على الكتف.

……. …………

الشعر تغريدة برزخية

تناغي ورود القلب.

وتعلم أسمى معاني الحياة.

…….. ………….

زأر الزمان فاختارت الكلمة سماء الجنون

قد يخون الوتر فيسقط نشيد الفردوس في رماد الخيبات

تدروه تأوهات مومس

بين إغفاءة ومتاهات طلامس.[1]

بالشعر وحده يمكن للكلمة أن تتجاوز الصمت، والجنون.” فإذا نحن نرى الكلام من كلم ومن دلالات هذا الجذر اللغوي ” جرح”، وإذا نحن نتحدث عن مضارعة جرح الكلام لجرح السيف، وجرح الكلام كجرح اليد، والكلمة في تاريخ الفكر الانساني عامة، لا الفكر العربي وحده، ذات شأن رفيع في البدء كانت الكلمة، واقرأ باسم ربك، والتعاويذ والرقى، والسحر”[2]

إن الكلمة الشعرية، ستعوض جرح السيف، ستكون المفتاح، لنهضة العرب، للتخلص من القيود، للارتقاء إلى القيم المثالية، ولن تعلم أسمى القيم إلا بوجود، الشعر والارتقاء بالكلمة. فالشاعر إذا كان يحلم منذ بداية رحلته الشعرية، بكلمات سحرية، تنقله إلى عوالم مملكة السحرة، لتحقيق رؤيته الشعرية، المصحوبة بشهوة تغيير العالم، ومحاكاة نبضه وايقاعاته، الكلمة هي سلاح الشاعر كما كانت سلاح صوفي ينشد أناشيده، بالكثير من الترنم، والكثير من الخشوع، وأي شعر لم يصاحب الحياة ويتطور بتطور الذات ولم يعبر عنها فهو بعيد عن الشعر, ويدور في رؤيته مغلقة.

يقول :

ذوبان الكلمة في الدم اشهى وردا

مما تناقله عصافير أحلام تدغدغ زجاج الغيب.

….. ……

آه الكلمة صبيحة من فراشات قزحية

فوق نهر وثني تطير، ترنو إلى فحولة ما ، تسنو

ترتجل خيوط الصمت الفصيح، تستمطر نبوءة الجب.

…… …….

للكلمة سحر الشرفات حين تتدلى

متباهية بآياتها الأسحار، متماهية في اللايقين

…… ……

الكلمة زخات تخدش فتخجل السبات الأخير آه….

الوتر الآدمي قد يخون مرة

فتغتصب الأغنية المتسربلة بغبار السنين.

…….. …….

قد يخون فيصيب الحول غصن الحياة، لكن

مملكة السحرة يا صاح، أبدا، لن تخون.

لن تخون.[3]

هي قصيدة تنبني على سحر الكلمة لتغوص في كنهها لعلها تكون السحر والمفتاح التي تتيح للشاعر التعبير عن أفكاره ومشاعره الذاتية، بأسلوب جميل يحقق التأمل في كل كلمة قادرة على وصف احاسيس الناس والمجتمع، وتكون بسحرها قادرة على التغيير وبعث الأمل، والحب، تلك إذن هي مملكة السحرة التي تنتفض لكنها لا تخون أبدا،

الهامش:

  1. ـ الشعر والناقد، من التشكيل إلى الرؤيا، د وهب رومية، سلسلة عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد 331، 2006, ص: 16.

ـ أحمد الشيخاوي، مملكة السحرة، مؤسسة الموجة الثقافية، ص: 20ـ 21ـ  49ـ  


                ـ أحمد الشيخاوي، مملكة السحرة،  مؤسسة الموجة الثقافية ص 20ـ 21 [1]

[2]ـ الشعر والناقد، من التشكيل إلى الرؤيا، د وهب رومية، سلسلة عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد 331، 2006, ص: 16.

                ـ أحمد الشيخاوي، مملكة السحرة، مؤسسة الموجة الثقافية، ص: 49ـ   50.[3]

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

المعرفة الأدبية : الخصوصيات والوظائف

د.حسن بوعجب| المغرب إذا ما اتفقنا على أن المعرفة من حيث التصنيف مقسمة إلى ثلاثة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات