الدكتور قزو ينفض غبار التجاهل عن كنوز معرفية وثقافية أوشكت أن تصبح في طي النسيان
عمّان-
حرص الدكتور محمد قزو في بداية دراسته القيمة الموسومة بـ”القيم التعبيرية للموسيقا في شعر الغزل الأموي” على التأصيل لما يسمى الإيقاع في الشعر إذ استعرض أهم الكتب والدراسات التي ناقشت هذا الموضوع، قبل يحيل إلى الإضافات التي يقدمها في دراسته هذه مبينا أنها استقرائية جاءت لتسلط الضوء على ما تضمنته موسيقا شعر الغزل الأموي من معان ودلالات. مؤكدا أنه التزم المنهج التحليلي الذي أسفر عن إطلاق بعض الأحكام التي وصفها “بالمعيارية” التي قد تختلف مع ذلك في بعض مواقف، لتوافق آخر في مواطن أخرى. مبرزا تقسيماته للدراسة في فصول انتقلت من الموسيقا الداخلية للقصيدة إلى المستوى المعنوي معرجة على الوزن والقافية.
وفي الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، في 288 صفحة من القطع المتوسط لا بد أن يلحظ القارئ المتأمل لهذه الدراسة المجهود القيم والعمل الجبار الذي قام به الكاتب من أجل أن يوصل للناس القول في ما تميزت به القيم التعبيرية للموسيقا في شعر الغزل الأموي من تعبير من خلال لغة سوية، وإيقاع يظهر مشاعر الإنسان بحسب رقة الصوت وخشونته.
ومن خلال إيضاحه للموسيقا وتعريفها أبرز الباحث قزو كيف أن الموسيقا جامدة لا روح فيها ولا حياة بحسب التعريفات المتداولة لها، والتي توضح كيف أن تردداتها وذبذباتها لا يمكن أن تعبر عن حالة وجدانية ما دامت تلتزم بالتنسيق والتوافق بين ضربات تختلف بحسب القوة والشدة لتتبلور في قالب معين منسجمة في ما بينها. مبرزا كيف ارتبطت الموسيقا بالإيقاع المعتمد على التكرار الذي ينتج ترصيعا وتجنيسا لا يخفى على المتلقي.
واستفاض قزو في كل ما سبق دون أن ينسى أن يلحظ أهمية التعريج على البيئة الاجتماعية الحاضنة لهذا المنتج الثقافي ودورها في صقل موهبة المبدع وإحساس المتلقي وقابليته للتفاعل ما منتوج الشاعر أو الموسيقي.
إن القارئ المتبصر لا بد أن يلحظ بشكل جلي أن هذه الدراسة أضافت الكثير إلى حقلها المعرفي وأبرزت مكنونات شعرية بما تضمنه من لطائف موسيقية وطرائف معرفية جعلت القارئ يجد في تصفحها متعة وفي قراءتها إفادة وزيادة ثقافة في باب من أبواب المعرفة قل من يطرقه ، وهو حري بأن يفتح من أجل أن نكتشف ما خلفه من نوادر ومعارف لا شك أن الثقافة العربية اليوم هي إليها أحوج من أي وقت مضى.
يذكر أن د. محمد قزو حاصل على شهادة الدكتوراة في اللغة العربية وآدابها من جامعة حلب في سوريا. لديه العديد من الأبحاث والأوراق النقدية.