عمّان-
يتضمن كتاب “الصحة والتربية الصحية في المناهج الدراسية” للدكتور سيف بن سعيد الحجي، جانباً مهماً من جوانب حياة الطالب، هو الجانب الصحي، مبيناً الأبعاد الصحية في المناهج الدراسية وما تقدمه من تربية صحية، وتأثيرها على اتجاهات الطلبة وسلوكياتهم لدعم وتعزيز الصحة.وتكمن أهمية الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في كون التربية الصحية بالمناهج الدراسة موجهة لفئة طلبة التعليم المدرسي التي تُعد من أهم الفئات العمرية بالمجتمع.يقدم الكتاب الذي جاء في مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، عدة إسهامات على المستويين النظري والتطبيقي.
فعلى المستوى النظري، يلقي الباحث الضوء على أهمية التربية الصحية في المناهج الدراسية، ودورها في تعزيز السلوك والاتجاهات الصحية لدى الطلبة. أما على المستوى التطبيقي، فيوفر الكتاب وثيقة معايير مقترحة للتربية الصحية يمكن لواضعي المناهج الدراسية الاستفادة منها عند إعادة بناء المناهج، وخاصة مناهج العلوم؛ لدعم أهداف التربية الصحية، وتطوير مخرجاتها، وتعزيز الاتجاهات والسلوكيات الصحية لدى الطلبة.
وتناول الباحث في الفصل الأول الذي يحمل عنوان “الصحة والتربية الصحية”، أهمية رفع المستوى الصحي للأفراد عبر تغيير سلوكهم واتجاهاتهم إلى أنواع من السلوك والاتجاهات التي تؤدي للوقاية من المرض، والمحافظة على الصحة، والعودة سريعاً إليها في حالة الوقوع في المرض، موضحاً أن المناهج الدراسية جاءت لتكون الوسيلة المثلى لتحقيق أهداف التربية الصحية لدى الطلبة، إذ يجب أن تركز المناهج على تدريس المعلومات الصحية الوظيفية، وتكوين القيم والاتجاهات الشخصية التي تدعم السلوك الصحي، وتنمية المهارات الصحية الأساسية اللازمة لتبني الممارسات المعززة للصحة والحفاظ عليها.
ويركز الفصل الثاني المعنون “الاتجاهات والسلوكيات الصحية والمناهج الدراسية” على التدخلات الصحية المبكرة في المدارس من خلال برامج التربية الصحية ومخرجات التربية الصحية في المناهج الدراسية بما فيها مناهج العلوم، الهادفة إلى الوقاية، وتعزيز أنماط الحياة الصحية، ومحاولة إيجاد طرق لتشجيع الطلبة على تحسين صحتهم، كمساعدتهم على الحفاظ على الوزن، والابتعاد عن التدخين، وتناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة بانتظام، وتجنب السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وتشجيع السلوكيات التي تعزز الصحة مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة، وغسل اليدين.
وفي الفصل الثالث “النظرية السلوكية ونظريات التعلم والمناهج الدراسية”، يرى الدكتور سيف الحجي أن عملية تعديل السلوكيات والاتجاهات الصحية تعتمد أساساً على نظريات التعلم السلوكية؛ لأن عملية التعلم تعتمد على السلوك المشاهد، ويتم تعلم السلوكيات الصحية من خلال البيئة، وتعدّ المدرسة أحد أهم المصادر في تعلم هذه السلوكيات بما تقدمه من تربية صحية في المناهج الدراسية، وخاصة مناهج العلوم.
فالطالب وفقاً للباحث، يتعلم اكتساب السلوكيات الصحية من خلال الخبرات التعليمية التي يمر بها تبعاً للنماذج التعليمية، فتنشأ الاستجابة للسلوكيات الإيجابية المرغوبة، والتي تعد ناتجاً للتعلم، وتصبح هذه السلوكيات فيما بعد عادات تتكرر في المواقف التي ترتبط بها.ويشدد الحجي على أهمية أن يدرك مطورو المناهج هذه النماذج وملاءمتها في المناهج الدراسية بما يحقق الهدف المنشود، كما أن على المعلمين مراعاة الأخذ بها في تنفيذ المناهج الدراسية؛ ليكون الطلبة قادرين على اكتساب الخبرات التي تساعدهم على تبني اتجاهات، وسلوكيات صحية صحيحة.
ويتحدث الفصل الرابع عن “معايير ومخرجات التربية الصحية في المناهج الدراسية”، إذ يتم بناء مناهج العلوم وفقاً لمصفوفة المدى والتتابع التي تتضمن مخرجات التعلم للصفوف من الأول وحتى الثاني عشر، بشقيها المعرفي والمهاري، وتضم من بينها مخرجات التربية الصحية، وتتوزع هذه المخرجات عبر المجالات الصحية المختلفة وعبر الصفوف الدراسية، ويفترض أن تحقق هذه المخرجات الأهداف المرجوة من التربية الصحية من خلال إبراز موضوعات في محتوى مناهج العلوم لها علاقة بالصحة والمحافظة عليها، بما يكسب الطلبة السلوكيات والاتجاهات الصحية.وفي الفصل الخامس والأخير يقدم الباحث “وثيقة معايير مقترحة للتربية الصحية في المناهج الدراسية”، موضحاً أن التربية الصحية جزء لا يتجزأ من التعليم الكلي لكل طالب في المدرسة من مستوى الروضة وحتى الصف الثاني عشر، وأن الطلبة بحاجة لبرامج التربية الصحية الجيدة؛ لزيادة معرفتهم بالقضايا الصحية المعاصرة المناسبة للعمر، وتطبيقها بشكل مناسب، واكتساب المهارات اللازمة لاتخاذ إجراءات تعزز الصحة، مؤكداً أن التربية الصحية تساعد الطلبة لأن يصبحوا مثقفين صحيين، ومفكرين وناقدين، وقادرين على حل المشكلات بطريقة إبداعية، وفي النهاية مواطنين، ومسؤولين، ومنتجين.
من الجدير ذكره أن د. سيف بن سعيد بن سليمان الحجي من مواليد سلطنة عمان، حاصل على درجة البكالوريوس في الأحياء، والماجستير في التربية، والدبلوم في الإشراف التربوي من جامعة السلطان قابوس، وحاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة في التربية من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية (USIM)، له مساهمات في تنفيذ العديد من البرامج التدريبية وورش العمل المتعلقة بتدريب المعلمين والمشرفين، اشترك في لجان مراجعة المناهج الدراسية، وترأس الكثير من اللجان وفرق العمل التربوية.