دارين المساعد

وفاء نصر| السعودية


يقلب المارة   تراب الأرض بين أقدامهم في الشارع القديم . محاصرون ضمن الحارة الشعبية حيث تجاري تعابيرهم رتابة الأيام . يسعى بين أيديهم طفل في السابعة ، بملامح المتوسل وخطوات التائه .  اخترقت الحشود وخطوتُ فوق كل بائع افترش الأرض وصولا له . هذا لأن انتهاك حقوق الطفل يؤلمني ، لقد أنقذت الكثير، لكنهم يتزايدون . هكذا كنت أردد وكل دائرة حول نفسي تعيدني طفلاً . افتش عنه و اغرق في شعور التوسل للملاحظة . صوتي يختنق وسط الزحام وجدال البيع والشراء ، لا أحد يراني . حتى لمسني من يدي ، ثم شدّ كمّي يرجو شراء بضاعته . نزلت الى مستوى عينيه وبلغته بخطورتها و بقدرتي على المساعدة . فهم أنني أرغب بشرائها فتهلل وجهه ولكنني بعد إيماءة رفض حازم عرفته بنفسي وقصصت قصتي من طفل مشرّد الى شرطي في مكافحة المخدرات . تفحص وجهي بعينيه البنية  ثم تحسس ذقني بيده الملوثة  . قربته وبجملة وعود زرعت الأمان في نفسه  . شعرت بالانتماء لرائحة الضياع التي تفوح منه . احتضنته وملئت صدري من قوته وصبره . كان هادئاً مطيعاً . طلبته عنوانه و اجاب برفع بضاعته مرة اخرى  يريد بيعها . ساءني اصراره ونهرته . وضع يده في صدره ومن جيبٍ جانبي مرقوع اعطاني قطعة نقود خشبية مصنوعة يدويا ، عرفتها لمّا أخرجت مثلها من جيبي . أنها ذاكرتي ! تجترّ كل ما يؤلمني وتمثله حياَ أمامي فهمت أن الماضي لا يغادرنا بالنسيان ويرحل للأبد بالتقبل والتشافي.


لوحة الفنان المغربي لحسن أوبزي

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

قيم ” التسامح ” و” التعايش ” في الشعر العربي

د.حسن بوعجب| المغرب             لقد اضطلع الشعر منذ القدم بدور تهذيب النفوس وتنمية القيم الإيجابية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات