فتحي مهذب| تونس
أن تموت
وأنت تسقط من برج إيفيل
مثل كرة من قماش رديء
معلولا بنقصان فادح
أن يفترسك أسد القلق اليومي
يرمي خاتمك في البركة
ثوبك المرقوع لشبح بدائي
أن تخذلك عربة الجسد
ناس كثر يعششون في مفاصلك
سرب من الجوارح
تعبر مخيالك المترامي
أن يتقاتل الماضي والحاضر والمستقبل
فوق شجرة عمرك
وفي قاع جنازتك
يرمي النسيان دلوه
ويكون تابوتك مرصعا بذهب الأرامل
أن تخذلك عيناك الجميلتان
في حرب الإبادة الجماعية
لا تبصر عدوك جيدا
وهو يتسلق ظلك
مسددا رصاصة حزينة
من شرفة الأمس
إلى ذؤابة رأسك
مطلقا طوفانا من الضحك
موجة من الدموع العذراء
بينما ثمة جبل شاهق من الجثث
يتهاوى على ظهرك المحني
بينما ثمة مهرج من حضارة المايا
يكنس يراعات فراغك النافقة
أن تكسر آلة الزمن بفأس
ترمي كيس متناقضاتك للأشباح
وتختفي داخل دغل من اللامبالاة
مطوقا بستين مترا من الغيوم
أن تستلقي على سرير الأبدية
تتلاشى أمام زمرة من الأصنام
يؤبنك الفلاسفة والكلاب الضالة
المجانين وطيور الفلامنجو
تسقط من نعشك فراشة الهيولى
شاة الجاذبية بثغائها المريع
أن يكون الله في صفك
أو عدوا يختبىء في حديقة رأسك
أن تكون زهرة مضيئة بيد ملاك
أو عربة متناقضات يجرها شيطان
أن تكون مكسوا بريش الأسئلة
أو هنديا أحمر يرتقص حول نار الكلمات
أن تحنط الموسيقى روحك الهرمة
في دار الأوبرا
ويكفن جسدك الهش قائد الأوركسترا
بينما طيور الهواجس
تنقر عينيك الفارغتين
بشراهة فائقة
أن تكون أو لا تكون
أن تكون ساحرا بمزمار
يستدرج العميان إلى اجتياز الميتافيزيق
على أطراف الأصابع
أن تكون دموعك من ورق النعاس الخالص
أو من شؤبوب الهاويات
أن تروض عاصفة الفقد
تلقي عصا موسى في المقبرة
ليقوم خالصتك القدامى
سعداء بهذه القيامة الأثيرة
تدعو عالم (النومن) إلى سلام دائم
أن تعي روحك بلاغة الضوء
زئير المحايث ونأمة المتعالي
وتكون الغابة المطيرة
بيت المستقبل
وأنت ملك الدلالة مستفردا بمطرزات الأقاصي
أن تكون قناصا ماهرا لإيقاع الظل
أن تكون مرتفعا حد الإغماء
تحج إلى سدرتك الكلمات
أن تكون بعيدا من السماء
بعيدا من الأرض
في اللامكان
تسحبك ثيران مجنحة باتجاه البدايات
أن تكون أو لا تكون
تلك هي المسألة.