ــــ 1 ـــــــ
قبلةٌ أخرى وبعد ،
ماذا عن شاري الحديد العتيق ، عن بائع الكعك ، عن الرصيف ،
عن مخالفة الفلاسفة لمظهر الحيِّ الجديد ،
ماذا عن كراسي القشِّ في المقهى الشعبيّ ، عن مذاق الشاي السميك وقهوة المصبّعات في أفواه الفقراء .
عذرا للخطأ هذا جزء من رسالتي لشخص آخر .
ماذا عنكِ ،
الحمامُ لم يَرَكِ هذا الصباح ، سكْسَكَ ببلادة ، ومضى يفتّشُ عن نافذةِ عينيه .
ماذا عن عينيك ،
قيل أنّ حزناً شوهدَ متثائباً في البؤبؤين ، مضافا إلى رموشٍ مضافةٍ إليه كجملةٍ زائغة .
ماذا عن فمك ،
أما زال الصراع قائما بين شفتيك من القعار إلى قرص الشمس .
ماذا عن كلّ عضوٍ بك ،
ماذا عني .
الآن أكتب نصًا آخرا ليبتلعَ القطُّ لساني ،
لتطلعَ الدخنةُ من نافوخي ،
أيضا
لا علاقة لهذه الكلمات بالنصّ ،
هذه تحميةٌ ، تمارينُ ، حركاتٌ سويديّة كيلا يترهّلَ وَعيِي ،
أنا شاعرٌ بكاملِ لياقتي لأرفع العشرة مستسلماً ، وعاشقٌ بكل جنوني لأزحفَ الى مروجك ،
لا أؤمن بالجملة اللّماحةِ ، بالعبارات على مؤخّرات السيّدات الجميلات المحمّلة بالعيون الحاسدة المبليّة بالعماء .
أيضا
لا علاقة للكلمات أعلاه بالنصّ ؛
هذا لفٌ ودوران على كعب اللغة ، لأنَّ أحداً في هذه الأثناء يحاول اقتلاعي من حوضِ جمالِك ، لأنّكِ في هذه الأثناء تحاولين إزاحةَ بضعَ شعراتٍ عن دربِ فمي ؛
وُلِدْتُ مُفَشْكَلاً ، قيلَ بأنَّ الخبرَ تأخَّرَ عن أنفاسي مسافة جملتين وأكثر ، ربما لأجل ذلك كلما اقتربتُ من شحمات أذنيكِ يعتريني الذهول .
هذه الكلمات أيضاً وأيضا وأيضاً لا علاقة لها بالنصّ .
الحقَّ الحقّ أقول لكِ :
الآن أشتهيكِ فحسب .
ـــــــــ 2 ـــــــــــ
ماذا أفعل بتيك النساء اللواتي يتبعْنَكِ كلما مررْتِ في خاطري ،
ماذا أفعلُ بلعابِ الشعراء حين يخالون شفتيك عوارضَ الوِحام ، ينتظرون خلاصةَ الصُّورةِ المقطعيّةِ لذكورتي :
الآتيةُ أنثى ، نصفُها ساحرٌ ، نصفها شاعرٌ وما تبقى من أنصافها :
سبحان من ألقى بها في عروقه .
ماذا أفعل بأبخرة لساني حين يمرُّ به اسمك ،
هذا الغيمُ غُنجَةُ السين من رقّتها ، هذا الخبزُ من قمحِ الزَّيْنِ في فمها ،
لو كانت لهجتي كما الفِدْرُ الذي تُجَنُّ الشمسُ لرؤيته ، لجعلتُ السلامَ عليكم شعراً .
السلام عليكم من أفيائها ،
السلام عليكم من الأرقطِ من نداها ،
أنا بين يديها نبيٌ أليف .
أوضحُ :
أنا الأقنوم الأصلُ بين أحضانك
أوزّعُ جمالك على المستعمرات وعينيك على الأقاليم ، أعسكر ، أحتلّ ، أنتدِب ، أقطع الطرق المؤدية الى استيطان المحملقين بك ، أغزوهم كأسا كأسا قبل عودتك مطلية بالغار والصوف ،
من علّمكِ حُرفة حياكة النار ومن وهبك فنَّ الحفر في تفاح الجنة ؟
أوقفي الوقتَ ، إرمه في البحر،
هذه اليابسةُ اليابسةُ الناشفةُ المقرمَشَةُ المتشقّقةُ لا تَتِكُّ لا ترِنُّ، تخشخشُ ، تخربشُ كالجرذ في كيس الإعدام ، تخرفش كالحكمة في الشِّعر ،
أوضحُ
أنا بين ذراعيك نبيٌ داجنٌ ،
مزروكٌ بك مع الله تقرئين على قرينتي سِفر الياسمين ، أقرأ عليك سورة الفاتح من إسمي ،
بلبلٌ لا يبتعد عن نهديك أبعدَ من شجرة ، وأكثرَ من طابعِ تين ،
حين تعتريكِ حكّةٌ في كفّ يدك ، دعيها مطبقة على جسدي ،
أوضحُ
ما دخّنتُ تبغاً شقياً أكثر جمرا ورمادا، كما ذاك الذي يحمل طعمَ لعابِك ونكهةَ شفتيك وضراوةَ الأنثى منك ،
أيتها الضارية كما اللبوءات في الفيء ، ضعي ظلَّك القديم في حقيبة وارمِها في فمي ،
ظلُّك أنا ، والقمرُ الصناعيّ الذي يسهر على أحلامك أنا ، وسعادينُ أغصانِك أنا ،
حين أعصرُ المياهَ عن خصلات شعرك ، من يكشح الضجرَ عن أجنحة الفراشات ، والسقسقةَ عن بدَنِ الصخرة الوحيدة ، والجِذْرَ التربيعيَّ عن ضرب وردة بقمر ،
أوضحُ
لا أبوابَ للغابة العذراء ،
أدقّ على الأشجار ،
يفتح النهر .
أدقّ على ضفّة النهر،
تسمعني الحصى .
أدقّ وشماً على رفّ البجع ،
تزداد السماء وسامةً ،
يا شامةَ الأيْنَ بالضبط ، كوني زهريّةً واشتاقي إلى شقرتي ، لا دربُ احتملتْ خطواتِ أصابعي إلا أوصلتني إلى حيثُكِ من برهةٍ صغيرة ،
ربما أحتاج لقراءةٍ صامتة لأسمعَ وقعَ عينيكِ على إناء الكلمات ،
ربما أحتاج لسيكارة خفيفة طويلة رفيعة لأشعل غابةَ الشّعر ،
ربما
تبغكِ لم يكن كافياً لإحراق قصائدي .
أنا التّمثالُ الألدُّ بين مفصلين من ساقٍ واحدة، لا ترموا بذورَ الشمس حول قاعدتي ، الحمامُ لن يقربَ رائحةَ عرقي ،
أزركُ جسدي في جِبْسِ الساحة ، وقصائدي بين أصنامِ الشعراء ، ماذا أفعلُ بجبيرة أنفاسي حين تمتطين صهوةَ شوقي ،
أنا في العشق حديثُ النعمة ، أحترق بِشَرقَةِ شايٍ من سيلان ، وشفّةِ قهوة من جنّةِ عدن ،
لا تتّسع المقاهي لشارد الذهن ، لصافنٍ ، لمُحتارٍ ، لتمثالٍ شفتاه من جفصين وعيناه من كستناء ،
لا تحتملُ المدنُ صمتَ الدوريّ في أعشاشي ،
أَعذِروا الحدبةَ في ظهري ، عشتُ مقرفصَ العمر ، قادما من أرياف النعناع البرّي ، لأدقّ الأجراسَ بقنّبِ الكلمات ،
لا تقربوا الصلاةَ وأنتم حيارى ،
بين الشّعر والنثر ،
لا يسلمُ إيقاعٌ من عيب خُلقي ،
لا تصحُّ الأدعيةُ إلا بذِكرِ فقراتِ ظهرها ،
لا تُطوى ركبتان خارجَ مشيمةِ فتنتها ،
أنا التمثالُ الأحمقُ في هذه المدينة ، تبوّلوا خلفي ،
ثمّةَ كلمات لا تنمو من دون فضلات .