نظمت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، عدداً من اللقاءات والفعاليات الثقافية في نيجيريا، وذلك في إطار جولة للفريق الإعلامي للجائزة للتعرف على واقع الترجمة بين اللغة العربية ولغة يوربا، بمناسبة اختيار “يوربا” ضمن اللغات المختارة في مسار الإنجاز للموسم العاشر من الجائزة.
والتقى الوفد خلال زيارته ممثلين عن المؤسسات الأكاديمية ومعاهد الترجمة في نيجيريا وذلك بتنسيق من المركز النيجيري للبحوث العربية. وأوضح وفد المعهد النيجيري للترجمة أن المعهد يشتمل على أكثر من 400 مترجم بين لغات العالم واللغات النيجيرية، وأن العمل يجري لوضع معجم ثنائي بين اللغتين، ولكن استكماله يحتاج إلى دعم. وأشار المتحدثون إلى إنجازات في الترجمة بالمجالين الأدبي والديني حققها مترجمون هم في معظمهم أكاديميون منتدَبون للعمل في المعهد.
كما التقى وفد الجائزة ممثلين عن مركز الدراسات الدولية بجامعة إيلورن العريقة. وتحدث د.عبد اللطيف عميد المركز الدولي للّغات ود.عبد الحكيم زبير وعدد من خريجي اللغة العربية عن معهد الترجمة الموجود بالجامعة إلى جانب أقسام اللغة، وبينوا أن لديهم حوالي عشرة أعمال مترجمة، آملين التعاون مع الجائزة لتأسيس قسم للترجمة الفورية.
وعقد الوفد الإعلامي لقاء مع القائمين على إذاعة صوت نيجيريا الدولية، التي تبثّ باسم نيجيريا بعدة لغات، منها السواحلية ويوربا والهوسا والإنجليزية. وكشف المشاركون باللقاء أن عدد المتحدثين بالعربية في نيجيريا كبير، لكون المسلمين يشكلون 68% من السكان، ومنهم ما يُطلق عليهم “شوا عرب” (شبه العرب) ويعيشون في منطقة تقع بين نيجيريا وتشاد والسودان.
وخلال لقاء الوفد الإعلامي ممثلين عن مجمع البحوث والتدريب بولاية لاغوس، جرى التعريف بهذه المؤسسة العلمية التي تسهم في تدريب الأساتذة في مجال اللغة العربية.
وأشاد د.منير الدين الرياضي، رائد منتدى المترجمين بالمجمع، بمبادرة جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في إدراج لغة يوربا ضمن اللغات المختارة بمسار الإنجاز للموسم العاشر.
وقال مدير المنتدى د.أحمد يوسف إن المنتدى يعنى بترجمة ونسخ مصطلحات فقهية ولغوية وكتب تراثية من اللغة العربية إلى اللّغات المختلفة بنيجيريا. وأضاف أن المنتدى يضم 50 عضواً، فضلاً عما يزيد على 2000 من المنتسبين عبر الوسائط الذين يستفيدون من خدماته.
ثم عُقد مؤتمر صحفي افتتحه منسق هيئة الصحافة والصحفيين بحضور مندوبي عدد من الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية، تلاه انطلاق أعمال الندوة العلمية والثقافية التي نسّق لها المركز النيجيري للبحوث العربية.
وقال رئيس المركز، البروفيسور الخضر عبدالباقي محمد، إن لغة يوربا تعكس ثقافة قديمة، لكن المترجمين يعزفون أحياناً عن الترجمة منها خشيةَ الوقوع في مزالق عقدية.
واستعرض د.علي الدبيبسي، رئيس المعهد النيجيري للترجمة، معاناة المترجمين بين اللغتين وما يواجهونه من صعوبات بخاصة في ما يتعلق بضبط المصطلحات.
وألقى مندوب رئيس مجمع البحوث والتدريب بولاية لاغوس كلمة عرّف فيها بأهداف المجمع وطموحه بأن يصبح معهداً عالمياً في الترجمة، وتحدث عن الحاجة لتطوير مباني المعهد ومعداته لأغراض التوسعة، وتعزيز المناهج التعليمية، وربط التعلم بالعمل.
ووجه الرئيس العام لمجمع دار النعيم للعلوم الشرعية، الشيخ عمران عبدالمجيد إيليخا، الدعوة للمترجمين لاختيار الأعمال المناسبة عند الترجمة من لغة يوربا إلى العربية.
وقال د.منير الدين الرياضي إن الترجمة تعتمد بشكل أساسي على شخصية المترجم وقدراته، وتوقف عند محطات رئيسية في تاريخ الترجمة بين العربية و”يوربا”.
وأكد الشيخ محمد ثوبان آدم عبد الله الإلوري، أن فن الترجمة مهم للمجتمع الإنساني، وأن هناك حاجة إلى إيصال اللغة العربية إلى العالم، وهذا يتطلب مترجمين أكفياء ينقلون ما هو مفيد. وأشار إلى خطورة الترجمة غير المدروسة لأنها تنشئ أفكاراً قد تكون مدمرة للفكر والأخلاق.
وتحدث الشيخ إسحق مصطفى الزغلول عن المهارات اللغوية؛ كالاستماع والكتابة والقراءة، وأوضح أهمية جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في تشجيع المترجمين وتعزيز الحوار الإنساني.
وفي اليوم الثاني من الجولة، زار الوفد الإعلامي للجائزة مدينة إبادن، التي تعد معقل لغة يوربا، والتقى القائمين على جامعة إبادان التي تضم أقدم قسم لتدريس اللغة العربية بنيجيريا.
وتحدث عميد كلية الآداب البروفيسور سليمان أويتاني عن أهمية تدريس اللغتين العربية والفرنسية وغيرهما في الجامعة التي تأسست عام 1948، واستعرض إسهاماته في الترجمة بين الإنجليزية و”يوربا” وفي ترجمة القانون النيجيري إلى العربية.
وأكد أويتاني أن جامعة إبادن رائدة في تدريس اللغة العربية، ودعا إلى التفريق بين الترجمة والتأويل، مؤكداً أن العمل في الترجمة مهم في مجال العلاقات الدبلوماسية والحكومية والسياسية والثقافية. وتحدث عن جهود نيجيريا في خدمة اللغة العربية وعن القرية الجامعية التي أنشئت في شمال البلاد لتدريس اللغة العربية، مشيراً إلى ضرورة دعمها لتكون الدراسة فيها جزءاً من متطلبات التخرج في قسم اللغة العربية بالجامعة.
والتقى الوفد بالبروفيسور عثمان إبراهيم، رئيس قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية. كما التقى برئيس قسم اللغويات واللغات الإفريقية ومن ضمنها لغة يوربا الذي أوضح أن القسم يدرّس خمس لغات إفريقية منها هوسا ويوربا والسواحلية، وإن هناك تعاوناً مع قسم اللغة العربية.
وخلال زيارة الوفد للمعهد العربي النيجيري، أوضح مديره د.أحمد أولايولا عبد السلام، أن المعهد الذي أُسس على يد العالم المرتضى عبد السلام سنة ١٩٥٨ جامعاً بين الأصالة والمعاصرة والعلمَين الديني واللغوي للمعهد، يدرّس اللغة العربية للصفوف الابتدائية والإعدادية والثانوية، وأن أكثر من أربعة آلاف طالب التحقوا به، وأنه يخرّج ما يزيد عن مئتي طالب سنوياً.
وفي اليوم الثالث من الجولة، زار الوفد الإعلامي للجائزة دار الدعوة والإرشاد التي أسسها الشيخ مصطفى زغلول السنوسي، صاحب كتاب “أزهار الربا في أخبار بلاد يوربا” باللغة العربية، الذي يعد مرجعاً أساسياً في تاريخ بلاد يوربا وقبائلها وعشائرها.
والتقى الوفد عدداً من علماء الأزهر الذين جاءوا في بعثات متصلة لتدريس اللغة العربية وأصول الدين، ود.معروف الدين نائب رئيس جامعة ولاية لاغوس، والشيخ فيصل السنوسي، والشيخ إسحق السنوسي.
وأوضح المتحدثون خلال اللقاء إن دار الدعوة تأسست عام ١٩٧٠ لنشر الإسلام في أرجاء نيجيريا، وأشاروا إلى أنها تتيح للطلبة تلقي العلوم اللغوية والشرعية، وتعمل على تسهيل التحاق الطلبة بالجامعات العربية.
وأوضح الشيخ إسحق السنوسي أن طلبة الدار الذين يزيد عددهم عن ألف طالب وطالبة يتعلمون العلوم اللغوية والشرعية، وأن رسوم الدراسة فيها رمزية لتشجيع الطلبة على الالتحاق بها.
واستعرض السنوسي عدداً من المؤلفات التي تخدم الثقافة الدينية، وبيّن أن حركة الترجمة متواضعة بين العربية و”يوربا” لأسباب منها: سيطرة اللغة الإنجليزية على المشهد الرسمي واليومي، وارتباط ثقافة “يوربا” القديمة بالوثنية؛ مما يجعل المترجمين غير متحمسين للترجمة منها إلى العربية.
وفي اليوم الرابع من الجولة، زار الوفد الإعلامي للجائزة إذاعة “صوت نيجيريا”، والتقى مديرها العام جبرين بابا انديس، الذي وصف اللغات بـ”العربات” التي تحمل الثقافات”، مثمناً الدور الذي تقوم به جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي لتعزيز التواصل بين أبناء البشرية.
والتقى الوفد المدير العام لقناة (NT 2) الرسمية في لاغوس. وقال مدير القناة إن نيجيريا تعد متحفاً لغوياً بوجود أكثر من ثلاثمئة لغة فيها، وأشاد بالتعايش السلمي بين أبناء المجتمع النيجيري رغم تنوع المرجعيات وتعددها، موضحاً أن قبيلة يوربا التي تشكل 60% من المجتمع النيجيري، تمثل الخيط الناظم للتعايش في البلد.
بدورها، استعرضت د.حنان الفياض، المستشارة الإعلامية للجائزة، غايات الجائزة التي تأسست عام 2015 وفئاتها ومعايير التحكيم فيها. وأوضحت خلال الجولة أن اهتمام الجائزة بلغة يوربا ومثيلاتها جاء بهدف منح كل ثقافة فرصتها في مد جسور التثاقف، مؤكدة أن الجائزة تهدف إلى نشر السلام والتفاهم الدولي والاهتمام بجودة الأعمال المترجمة بين اللغتين.
وأشارت الفياض إلى أن إدارة الجائزة سبق أن أدرجت لغة هوسا المنتشرة في نيجيريا ضمن فئة اللغات الفرعية، وفاز بالجائزة محمد ثاني عن منجزه “صحيح البخاري”.
وقدمت د.امتنان الصمادي مداخلات خلال الجولة عن دور الترجمة في تحقيق المثاقفة بين اللغات، داعيةً إلى زيادة الاهتمام بترجمة الأعمال الدينية والأدبية من لغة يوربا إلى اللغة العربية للتعريف بالثقافة النيجيرية.