مقدمة:
قرأنا الكثير عن ملحمة النصر { سيف الأقصى}، وكل شاعر وكاتب وأديب أدلى بدلوه من اشعار الحماسة او الحزن على الدمار او استنهاض الهمم وبث روح االمل في الشعوب العربية واإلسالمية المقهورة منذ أمد ، احباطات اصابت االمة بعجزها وقلة حيلتها ونهجها الطرق السلمية للتحرير أو ما يسمى بالقانون الدولي الرجاع الحقوق ، ولكن هيهات هيهات، كل المفاوضات تمر بطرق طويلة ومتعرجة ولم يشفع لدم الشهداء والشيوخ والنساء واالطفال احد ،
فالدم المراق على شرفات القدس لم تشفع له الدول الكبرى ،والتي تفرض وجود الصهاينة وتمدهم بالمال والسالح والعدد ليصبحوا أكثر نفيرا.
هو قدرنا ووعد هللا لهم في القرآن الكريم بان يفسدوا في األرض مرتين، مرة سبقت ومرة اختلف العلماء في تحديدها، علما ان الدالئل تشير الى عصرنا الحالي.
نشبت هبة الأقصى ، وهب الفلسطينيون لنصرة الأقصى من الاعتداء الغاشم عليه، قدموا الروح رخيصة فداء ثالث الحرمين وهبت غزة العزة نصرة إلخوانهم، واججت الثورة العارمة في كل المدن الفلسطينية من شمالها وحتى جنوبها. وضربت بيد من حديد كبرياء العدو الصهيوني فكسرت أنفه و اجبرته على االنحناء مستسلما تحت وطأة القصف، صحيح ان هناك دمار وضحايا، ومن قال ان الحرب نزهة؟.
فمن الطبيعي أن يحدث دمار ويسقط شهداء وتترمل النساء . ولكن العبرة في النتيجة، حتى وإن كانت معنوية من المقاومة الباسلة والشعب الفلسطيني.
لم نتوقع ان تتحرر فلسطين هذه المرة ، ولكنها خطوة كبرى على الطريق..كسرت شوكة الجيش المغتر بانه لن يهزم وتحققت شروط افضل من موقع القوة وليس كما قيل بسالم الشجعان .
السيرة الذاتية للشاعر:
الاسم : زيد الطهراوي
كاتب وشاعر أردني، من مواليد عمان عام 1971 ،يعمل في وزارة األوقاف األردنية منذ 20 عا ما، سبق وصدر له أربعة دواوين شعرية؛ هي “هتاف أنفاس”، و”سكوت”، و”سنديانة األشواق”، و”حلم جريء”. و كتاب مقاالت أدبية بعنوان ”بلسم المسافات“للكاتب مشاركة في كتاب “بوح الصحبة” الذي جمع نخبة من الكتاب والشعراء ، و في كتاب خطوات طموحة الذي صدر عن جريدة الخبر المصرية يكتب القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر. و يكتب مقاالت نقدية أدبية في دوريات عربية عدة.
مدخل القصيدة:
من العنوان “نصر من الرحمن “تاتي هذه القصيدة لتأطر المشهد وتصف هبة االقصى بجمال نسجها . فقد كتبت على البحر الكامل الذي يكتمل به الجمال .
شاعرنا من االردن الحبيب ينسج أبيات نارية تشرح نفسها من جمال البيان والبالغة وتحض على الرجوع لإليمان واليقين ليعمر قلوبنا ولنلبي دعوة الحق اما النصر او الشهادة فالجرح ينزف والدماء تغلي من الغضب ،
ينهانا الشاعر عن البكاء والعويل ويقول بإستحالة البكاء عندما ينتشي القلب بنيل امال المجد الذي طال انتظاره، وتتم الفرحة بعد التضحية مهما كانت.
يتطرق الشاعر إلى تمرد اللئام على أرضنا السليبة ويأكد لنا بان الفجر قريب وان عودة الغائبين والمهجرين اصبحت قريبة ايضا.
ويذكرنا بان االيام دول بين الناس. فالعدو يعتدي على الشعب الفلسطيني ويساعده خوان خائب فاقد الضمير والنخوة.
يتحدث الشاعر عن االخوة واالشقاء الذين لديهم الحرقة على االقصى ويتمنى لو فتحت الحدود لينطلقوا وحتى بأيديهم ليهبوا في نصرة الأقصى،
يقول الشاعر بان القضية التي امتدت لسبعين عاما والتي تغطرس فيها الغاصب وتبجح بالقوة والهيمنة برغم النضال غير المتكافىء بين المقاومة وبينه ، هذه القضية ما زالت حية .
شبه الشاعر الوطن بطيف يزورك في المنام وفي اليقظة ويؤجج فيك الحنين كسفير شوق عزيز وجميل ، فيجدد فيك الدماء وتجدد فيه المطالبة ، ولهذا فليعمل العاملون.
ويختم الشاعر قصيدته بالنصر المبين الذي جعل العدو يشكو بذلة ويهرب من النزال لجبنه وخنوعه .
التحليل :
إيقاع البيت الشعري،وهي القافية التي تمنحه وظيفة جمالية بترديدها في العجز بوصفها مظهر من مظاهر اإليقاع في البيت الشعري إذ يصل اإليقاع واللحن منتهاه بما توفره من انسجام صوتي جميل بين حروفها التي تشكل الروي والردف والتأسيس من أبرز مظاهرها، فتشترك مع إيقاع البيت وتتجاوب معه في النسق العام، واإليقاع الشعري ال يمكن أن يحصر الشحنات الوجدانية للشاعر ما لم تتفق القافية معه، فهما المنظمان النفعاالته والسيما القافية، بيد أنَّها ال تحول دون انطالق االحاسيس والعواطف ضمن المعاني واالفكار
التي تنتظمها، واأللفاظ والتراكيب الفنية عندما تتشكل مقومات العمل الشعري، أو تقيدها، وانما هي الضابط الذي يحصر الشاعر ساعيا في تنظيم المكونات الشعرية إلى آخر وحدة موسيقية في البيت، ثم يعود لتنظيمها، في البيت اآلتي بعده وهلم ج ّرا؛ ألن هذه المقومات الشعرية ممتدة إلى آخر القصيدة، أو المقطوعة بنظام فني متالحم ينساق الشاعر وراءه ليشكل خطا البداعه الشعري ال خيار له في سواه.
واستعمال حرف الباء وهو من األحرف االنفجارية الطنانة والفخمة والتي غالبا ما تستخدم للمدح والفخر والحرب ، استخدامها في الروي للبحر الكامل يضفي جماال على الوزن وصخبا في االيقاع الشعري.
قصيدة جميلة الحبك راقية المعنى وافرة البيان ، سلمت يداك اخي الرائع و شاعرنا المبدع زيد الطهراوي.
من قلم مصطفى البدوي.
النص للقصيدة:
نصر من الرحمن/ زيد الطهراوي
ِّيا إمأل فؤادك باليقين
ملبّ
فالجرح فَّوار الدماء و غاض ب
و القدس ميراث يسيل أريجه
فتنير في عمق الظالم مسار ب
أِّل المروءة و ارتقى ف يا قل ب من
ع ّما قليل سوف يفنى الغاص ب
إن البكاء هو المحال و أنت في
آمال مجدك تنتشي و تحار ب
األرض أرضك و اللئام تمردوا
و الفجر فجرك كي يعود الغائ ب
تتلون الدنيا فهذا يعتدي
و ي ؤ ُّزه خَّوا ن عهد خائ ب
أما الصديق ففيه حرقة ساكن
ت ئِّد العدى لو طلقت
أ و تغال ب
سبعون عاما في النضال مت يَّما
و عدّوك المأفون ِّكبْ ر ذائ ب
و سجالك الممتد وضحا في المدى
هو للنفوس غمامة و أطاي ب
ِّصد ق المسيرة ليس يدرك كنهه
زو ر و ال يرنو إليه الكاذ ب
وطن يزورك في المنام و يقظة
كسفير شو ق ن َّض رتْه مناق ب
و يضخ فيك دماءه و تضخها
و لهامة المطلوب يسعى الطال ب
نصر من الرحمن يكتسح العدى
فيضج بالشكوى الذليل الهار ب.