التصوير البورنوغرافي في الشعرية العربية الحديثة

المرأة بدءاً من العصر الجاهلي حتى عصرنا الحديث تعتبر عنصرا مهما من عناصر اللوحات الشعرية لدى الشعراء وقيمة إنسانية كبيرة تلهم الشعراء كذلك بالنسبة للرجل فهو أيضا محور اهتمام المرأة في أشعارها ونصوصها

وإن قارننا بين تلك الفترتين الزمنيتين نجد أن الرابط يبقى على اختلاف من حيث تداول العبارات فنجد فرقا شاسعا في العبارات مرتبطا بمدى التغييرات التي طرأت خلال تلك الفترتين الزمنيتين المتباعدتين فلقد تغيرت نظرة الرجل للمرأة عبر العصور كما تغيرت نظرته للعديد من المفاهيم فخرج من بوتقة القبلية المتزمتة ومن عادات غيرت في مسيرته واتجاهاته ومبادئه ،كان الشاعر إن شهر بحبيبته في أشعاره يعاقب بحرمانه من الزواج بها لما ألحقه بقبيلتها وعائلتها من عار أما حديثا فقد تغيرت معه أفكاره ومشاعره وطريقة طرحه التي أخذت فيها الإباحية حيزها الأكبر في أشعاره ولم يعد التصريح باسم ملهمته عملا مشينا، كذلك نجد أن المرأة تحررت أكثر ولم تعد أشعارها

منبوذة كما في العصور الماضية حيث هضمت حقوقها كشاعرة فلم يردنا الكثير من أشعار المرأة بيد إلا القليل منه نذكر منه ديوان الشاعرة الخنساء، هناك تفاوت كبير بين أشعار المرأة المعاصرة التي تحررت من التابو الذي فرض عليها قديما بالاعتكاف وعدم التصريح بكوامن قلبها هي حقا أصبحت أكثر انفتاحا وجرأة عن ذي قبل ولكن يبقى الرجل لديه جرأة أكبر من المرأة في إظهار نوازعه الجنسية والتعبير عنها للأسف بعض الشعراء في العصر الحديث يصورون المرأة بأسلوب فج وسافر نسبة إلى ما كان يصورها الشعراء في العصر الجاهلي بشفافية ورقة حيث كانوا يبرزون أنوثتها بما يليق بها كامرأة عفيفة حتى في أشعار عمر بن أبي ربيعة الذي كان شاعر الإباحية حينها لم يصور المرأة بما يقلل من شأنها ومكانتها أو يشوه من أنوثتها ورقتها وجمالها بل كان يصورها تبعا لمقاييس الجمال حينها فيربط جمالها بالناقة وبعيون المها وهي نوع من أنواع البقر كان العرب قديما يتغزلون بالعيون قائلين: ” عيون مثل عيون المها صارت في قلبي رميه” أما حديثا فنجد أن تلك المقاييس تغيرت مع تغير المفاهيم والتغير البيئة كما وصارت المرأة أكثر تحررا وبالمعنى الأدق أكثر انفلاتا بسبب تأثيرات العولمة التي هدمت لدى البعض منهن حياءها فلم يعد لدى الرجل من حاجز يمنعه من تصويرها كمومس في شعره وذلك بالتأكيد لدى البعض من الشعراء وليس جميعهم وربما أن أشعار نزار قباني الغزلية البورنوغرافية المرمزة بالكثير من الرموز الجنسية والتي نالت صدى كبيرا لرمزيتها وإبقاء مظهر المرأة الأنثوي أنيقا حبب المرأة والرجل في آن واحد بأشعاره لأنها تقرب بين الرجل والمرأة بعيدا عن فجاجة التعابير وبعيدا عن تداول جسد المرأة وكأنه سلعة أو أداة للاستثارة الجنسية والكل يدرك أن ملهمته في أشعاره هي حبيبته وزوجته بلقيس وإذا عدنا لشعر السياب نجد في قصيدته حفار القبور الرغبة الجنسية المكبوتة بالحرمان وإن قرأنا للشاعر محمود درويش وجدنا ملهمته ريتا التي نرى اسمها الوهمي في بعض قصائده ريتا والبندقية وشتاء ريتا الطويل وهو الاسم غير الحقيقي لحبيبته اليهودية الراقصة الاستعراضية تامار والتي انتهت علاقتهما بعد التحاقها بخدمة سلاح البحرية الإسرائيلي،ومن منا لا يعرف قصة الحب العذري للأديبة مي زيادة التي كانت ملهمة الكاتب والشاعر والرسام اللبناني جبران خليل جبران واستمرار هذا الحب زهاء عشرين عاما رغم المسافات بينهما ورغم التقاليد المختلفة بين مجتمع أميركا حيث إقامة جبران خليل جبران وتأسيسه هناك مع ثلة من الأدباء العرب للرابطة القلمية التي ترأسها وإقامة مي زيادة في مصر والمعروف عنها أنها كانت تفتح صالونها للأدباء والمفكرين، تلك الأديبة ألهمته بكتابة أجمل الرسائل التي لم تصرح عنها إلا بعد وفاته بشهر واحد ،كذلك الأديبة غادة السمان التي ألهمت حبيبها بكتابة رسائل كانت متبادلة وحبيبها هو الأديب والقاص والصحفي الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني ملهم الثورة الفلسطينية المرأة تبقى ملهمة الشاعر كذلك الرجل ملهم الشاعرة مهما اختلفت العصور وتقلبت الدهور المرأة تبقى شريكته صديقته حبيبته عشيقته أمه وأخته لذا ستبقى محورا أساسيا وعنصرا فعالا من عناصر أشعاره تتماوج في قيمتها مع تقلبات العصر وتغيراته وتنجذب مع تيارات أحلام الشاعر ونوازعه ولكنها أبدا لا تختفي عن عالمه لأنها قيمة معنوية ووجدانية في حياته، هي نصفه الآخر في واقعه وخياله ،هي المرأة في شعره الملهمة ، في فكره المتجذرة كما النخلة ،في روحه المعطاءة بلا حدود كما الأرض.

سامية خليفة| لبنان

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

إشكالية المثقف

من المفارقات العجيبة في هذا الوجود الاجتماعي المعقد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات