لا أدعي في هذا السبق ولا ارجو تضخيم الذات ، وانما اجدني وقد اشتغلت في قطاع التعليم الخصوصي ردحا من الزمن ( 15 سنة ) كحارس عام ومدير تربوي معية فريق اداري وتربوي وتحت امرة مدير مؤسس، أقل ما يقال في حقهم أنهم ونحن منهم سعينا جميعا لنكون اكفاء وفي مستوى تطلعات جميع شركاء المؤسسة من متعلمين واباء وفعاليات مدنية محيطة ومهتمة بالشأن التربوي، فقد وجدت ان لا اترك ما تعلمته هناك يتلاشى ويتساقط فكرة فكرة مع تراخي الزمن وسيولته، لذا آليت على نفسي ان اتقاسم معكم خبراتي في المجال، دون ان ادعي كمالها او شموليتها، ولكنها بحق كانت فارقة في تكويننا وتدبيرنا للعملية التربوية، ذلك ان المدير المؤثر هو صلة الوصل ونواة المؤسسة بمختلف اطيافها وجب عليه التحلي بجملة من السمات وفنون التدبيران كان يرجو التميز والتفوق، و يسعى الى أن يفخر بنفسه وبنبوغ أبنائه وتفرد اطقمه الإدارية والتربوية بالمراكز الأولى في صف المنافسة المحتدمة العالمية، لا سيما أن من أمسى يرتب أداء مؤسسته ويقيمها بما حوله من منافسة داخل دائرته الترابية وجب عليه إعادة التفكير في استراتيجية عمله، ذلك ان المدير الحق مطلوب فيه قوة التوقعات والتخطيط المسبق استراتيجيا لكل ما يمكن ان يستجد في الساحة التربوية العالمية، ذلك اننا اصبحنا نتأثر بما تعرفه دنيانا من ادناها الى أقصاها في وقت وجيز، ولنا في جائحة كورونا خير مثال.
والمدير المتميز من جهة نظرنا يجب ان يدرك جيدا ان هناك قواعد ذهبية حق عليه سبر مكنوناتها وتشربها رغبة في التميز هي:
القاعدة 1:المدير الكفء والمؤثر يعلم أن جودة المدرسة تتوقف على العنصر البشري لا على البرامج المستحدثة فحسب
يعلم جيدا مديرو ومديرات المؤسسات المتميزون والمتميزات أن وجود مدرسين وأساتذة على درجة عالية من الكفاءة يعني أن مؤسستهم ستكون ناجحة بلا مراء، ويشاطرهم في هذه الرؤية وهذا الإحساس المتعلمات والمتعلمون والسادة الاباء الذين يزداد تقديرهم للمؤسسة ولكل العاملين فيها.
أما البرامج المستحدثةفلا يمكن انكار دورها في تشجيع وتطوير أداء العنصر البشري داخل المؤسسات، سيما اننا منذ منتصف السنة الفارطة وبالضبط يوم الاثنين 16 مارس 2019 وبسبب استفحال جائحة كورونا دخلنا دون سابق استعداد لمرحلة ونوع اخر من أنواع التعلم افرزته الوضعية الوبائية المتسارعة، هو التعليم عن بعد، فكان لزاما على الجميع الاشتغال على البرامج الالكترونية من اجل التعلم، غير ان نجاعة هذا الرهان وكسبه يتوجب علينا تأهيل العنصر البشري في هذا المجال وتسليحه بكل متطلبات النقلة الرقمية في اطار تفكير استراتيجي سباق وقوي.
القاعدة 2 :المدير المؤثر يدرك حقيقة نفسه جيدا و المنوط به من مسؤوليات ويعي أيضا كيف ينظر الاخرون له
المديرات والمدراء المتميزون يجب ان يكونوا على دراية تامة بما هو منوط بهم من مهام ومسؤوليات، ذلك أن مواقعهم التربوية تحتم عليهم تقسيم اوقاتهم بما يضمن اطراد التقدم والتطور لمؤسستهم بجميع مكوناتها، فينبغي عليهم ان يخصصوا وقتا للثناء على الأطر الإدارية والتربوية التي تشتغل تحت امرتهم، بهدف تطوير أداء الفريق الى درجة التمهير والاحتراف، ويجب ان يكونوا على استعداد دوما لمشاركة أعضاء الفريق في بناء خطط العمل وتقويم استراتيجيات عمله ولو بإبداء انتقادات، ذلك ان الانتقاد والنقد فرصة تصحيحية مجانية لا يقدمها لنا الا من يهمهم عملنا ويعشق تميزنا ويخشى علينا من الزيغ عن جادة الصواب.
القاعدة 3: المدير المتميز مسؤول عن أدائه، وعن كل ما يتعلق بمؤسسته.
عندما نعقد مقارنة تفضيلية بين مؤسستين اثنتين، فإننا نفقه جيدا (بشكل مباشر او غير مباشر) ان القضية الأساسية لا تكمن في المتغيرات المادية، بل في المتغير البشري، الذي يمثل الرأسمال الحقيقي لكل النجاحات او الإخفاقات، ولذا وجب على المدراء الكرام اخبار من يشتغلون معهم على أنهم هم أساس واس كل تغيير وتطور منشود داخل الفصول الدراسية ومكاتب الإدارات، وقد ابانت احدى الزيارات الميدانية والمقابلات الشخصية مع المديرين والمعلمين ثلاثة فروق جوهرية بين المدراء المؤثرين وغير المؤثرين نوردها وفق الاتي:
المدراء الاكفاء يتحملون مسؤولية كل شيء يقع بمدارسهم، علما ان صنع القرارات والسياسات يسمح فيها هؤلاء المدراء للمدرسين والاباء بالمشاركة في صنعها باستمرار.
المدراء الاكفاء يرون أنفسهم قادرين دوما على حل جميع المشكلات التي تعترضهم أكثر من غيرهم
يأخذ المدير الكفء المتغيرات الخارجية بالحسبان ولكن لا يعلق عليها سبب فشله وفريقه.
القاعدة 4 ً :المدير الكفء يخلق جوا من الالفة المهنية فهو يتعامل مع الجميع باحترام، لأنه يدرك التأثير القوي للثناء
بمعنى ان المدير الفطن هو من يتسم أسلوبه بدوام الاحترام للجميع طوال الوقت، فلا يجبن او يضعف امام كيل الثناء للمتميزين ويبتعد ما أمكن عن مقارنة العاملين معه بعضهم ببعض وانما يستخلص نقط قوة كل واحد ويدفعه للتطور والتميز في ميدان نبوغه، ويشركه مع زملائه لإصلاح ما هو في حاجة الى تطويره في أدائه، في حفاظ تام بعلاقات طيبة مع الجميع دون استثناء، وحيثما اتضح له ان أخطأ فانه يسارع الى اصلاح الخطء الذي صدر منه.
. القاعدة 5 ً : المدير الماهر هو الذي يتغاضى عن ً الأخطاء التي لا تسبب ضررا ويشع على الجميع بإيجابية
صحيح ان الخطأ كيفما كان نوعه غير مقبول من طرف أي كان، بيد انه في نفس الوقت درجات أقساه الخطأ الجسيم الذي يلحق ضررا فادحا بالمؤسسات كيف كان نشاطها، الا ان المدير الماهر يتغاضى عن الخطأ الذي لا يسبب ضررا، طبعا مع الإشارة اليه ولكن في قالب مرح ممزوج بروح الحب والرغبة في المساعدة على التميز في الأداء.
القاعدة 7 :يطبق المديرون المتميزون استراتيجيات متميزة لتحسين أداء المعلمين
ففي القطاع الخاص مثلا، يكون هم المدراء هو الارتقاء مهنيا وفنيا بأعضاء فريقهم، عبر تصميم اطار ناجح للتفاعل مع مختلف مكونات المؤسسة، فكما المؤسسة تضم بين جدرانها المادية تلاميذ مختلفي المشارب والعادات والتقاليد وانماط التربية، فكذلك المدرسون يجب ان نوفر لهم الظروف المواتية لكي يشتغلوا في تناغم تام في فصولهم الدراسية وعبرهم طبعا سيتعلم الأبناء عندما يرون اساتذتهم يعملون ككتلة واحدة من اجل التغلب على المشاكل والمثبطات التي تعترضهم.
لقاعدة 8 :يبذل المديرون المتميزون قصارى جهدهم في تعيين والاحتفاظ بأفضل المعلمين.
هناك مثل يقول ” الفريق الذي يفوز لا يمكن تغييره” هذا عينه ينطبق على المؤسسات الخاصة والمقاولات العمومية، فالمدير الجيد والمحترف يجب عليه ان يتشبث بالجيد من المدرسين ويوظفه حيث يكون حافزا وقائدا وملهما لنظرائه، وفي نفس الوقت يجب تطعيم أعضاء الفريق بأعضاء أخريين يرى انهم سيرفعون من قوة المؤسسة التنافسية.
القاعدة 9 :المدير الجيد يدرك متى يجب أن يركز على السلوك قبل أن يركز على ما يعتقده صحيحا .
فمثلا، غالبية المدراء المتمكنين من فنون الإدارة يريدون وبشدة أن يقيم مدرسوهم حوارا مع الآباء. ونجد المعلمين الذين يقيمون هذا الحوار بنجاح يرون ثمار ذلك، لأن الاتصال بالآباء قد أدى معهم إلى تحسين سلوك المتعلمين ورفع مستواهمالدراسي. أما الذين يحجمون عن ذلك لديهم خبرة سلبية سابقة مع الآباء، وربما كان ذلك لأنهم انتظروا أن يبادر الآباء بالحوار. وكنتيجة لذلك يحجم كثير من المعلمين، بل والمديرين عن الاتصال بالآباء.
وأمام هذه الإشكالية قد نضيع وقتا طويلا في محاولة إقناع هؤلاء المعلمين المحجمين بأن يصدقونا عندما نقول لهم إن الاتصال بالآباء أمر مثمر. ومن ناحية أخرى، ما نريده هو تغيير سلوك هؤلاء المعلمين، فإننا نريد أن يطلب المعلم مساعدة ولي الأمر في المشكلات الصغيرة قبل أن تتفاقم، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير معتقداتهم. غير أنه وإن لم يتحقق ذلك فإن تغيير سلوكهم سيحسن العلاقة بينهم وبين الآباء، ومن ثم سيؤدي إلى تطوير المدرسة بشكل عام.
القاعدة 10 :المدير المتمرس مخلص للمتعلمين وللمدرسين وللمدرسة، ويتوقع أن يكون الجميع مخلصالفئة المتمدرسين وللمدرسة أكثر من ولائهم للمدراء.
والسؤال الذي يطرح المدير المتمرس هنا هو: ما المقصود بالولاء والإخلاص؟ ولمن يجب ان يكون؟ بالنسبة إلى هؤلاء القادة، الولاء أو الإخلاص هو اتخاذ القرارات الصائبة لصالح جميع المتعلمين والمتعلمات وليس البعض منهم.
القاعدة 11 :ديمومة السؤال قبل اتخاذ أي قرار او تغيير وضع قائم عن رأي وموقف المعلمين عامة والصفوة منهم خاصة.
وهذا الامر تجسده بدقة الاجتماعات التي نعقدها مع كوادرنا الإدارية والتربوية، لذا وجب على القائد الملهم ان يضبط ساعته اثناء عقد الاجتماعات الذكية، سيما ان طاولة الاجتماع سيتحلق حولها السباقون للتغيير ورافضوه على السواء، لذا وجب على المدير الحقيقي ان يكون هادئا ويبتعد عن كل انفعال ويرجئ الموضوع حتى تتهيأ له الظروف المناسبة، ذلك إننا لسنا بصدد رسم لوحة كاملة على ورقة بيضاء، بل لدينا خطوط عريضة يتعين علينا الالتزام بها. ومن ثم، قد نتخذ قرارات لا يرتاح إليها المعلمون غير المتميزين، لكنها على الأقل لن تجعل أقرانهم المتميزين يشعرون بعدم الارتياح.
القاعدة 12 :المدير المتميز مدرب محترف يعي جيدا أعضاء فريقه
الصفوة من المدراء يدركون جيدا مكونات فرقهم، فهم يعلمون أولئك الذين يحققون أفضل النتائج ويفهمون احتياجاتهم ويبذلون قصارى جهدهم للاستفادة منهم، يهتمون بمشاعرهم ومشاعر غيرهم، كما يعلمون المدرسين التي يحتاجون الى تمهير في أدائهم المهني فإن قبلوا ذلك واقبلوا عليه فأهلا والا وجب التخلص منهم لأنهم سيصبحون ثقلا على غيرهم.
خلاصة
خلاصة الحديث ان لكل مدير تجربته الفريدة لا جدال فذلك لكن المتميزين منهم تجمعهم القواعد الانف ذكرها، ويعلمون تمام العلم، إن مهنة مدير المدرسة مهنة رائعة، مليئة بالتحديات والمشقات، وتتميز بالفعالية والتحفيز والتأثير على الآخرين أبعد مما يمكن أن نتصوره، يمعنى أكثر وضوحا ان المتميزين من القادة والمدراء لهم بصمة ظاهرة ومختلفة.
![](https://i0.wp.com/oboure.com/wp-content/uploads/2021/07/22549636_10212850942082406_7558346189679012770_n-1.jpg?resize=300%2C165&ssl=1)