السؤال الأول:
اللغة ذات التشكيل المكثف والمُتَّكىء على موروث ذاتى فكيف تعانق مخيلة الشاعر عالمه الارضى؟
إذا كان ” الموروث الذاتي ” هو ما خلَّفه القدماء وتوارثته الأجيال، وإذا كانت اللغة ذات التكثيف هى العنصر المهم في تشكيل الأمة؛ إذَا لتحقق التماهي بين الهوية واللغة، و الشاعر الحقيقي هو من يمتلك ناصية اللغة وأنا أنحاز للدكتور” يحيى الرخاوي” فيما ذهب إليه أن اللغة هى إبداع الذات المتجدد كما أنها أيضا تجلِّي المعنى.
وأنا في قصائدي أحاول أن أبتعد عن جمود اللغة أو غموضها أو انغلاقها أو ترهلها، وكذلك يقول” مفيد نجم” أن اللغة تتسع عند الشاعر عندما يتسع أفق مُخيِّلة الشاعر والعكس، حيث أن مُخيلة الشاعر تدور في فلك الصورة الشعرية والشاعر يحاول اصطياد اللحظة المُستحيلة والوصول إلى فعل الإدهاش بالنسبة للمُتلقي ويجب عليه التماهي مع الواقع المحيط به وليس موازاته من وجهة نظري المُتواضعة .
السؤال الثانى:
تماهى الشعراء مع اباءهم الشعراء هل يعد نضوج ام حالة تلبس؟
تماهي الشعراء المعاصرون مع أسلافهم من الشعراء العرب في الموروث ” بحور الشعر أو القافية أو البلاغة،..”
لا يعد تلبّسًا بل يعد نضوجًا حيث أنني كشاعر أُحبُّ في تجربتي الشعرية أن أجمع بناء بين الأصالة و معنى المُعاصرة في آن واحد، كما إنني أفضل استلهام المورث الغير مباشر عن طريق التلميح أو الإشارة فالتراث بالنسبة لي مصدر من مصادر الإلهام ، فليس عيبًا أن يشد الشاعر إلى أسلافه الشعراء حيث يوطد الشاعر علافته مع المتلقي الذي يشعر بانتماء القصيدة المعاصرة إليه.
وكما يقول ابن خلدون ” أن المغلوب مولع بالإقتداء بالغالب” وهذا يعكس الخلفية الحضارية والجانب الحىّ من التراث العربي، كما أنني أرى أن كل حضارة تأخذ وتُعطي، حيث أن هذا الموروث ليس مجرد معارف أو علوم بل اعتراف أمام التراث بشخصية لها وجودها التاريخي كما يذهب الباحث عبدالرحيم حمدان ، كما يقول الشيخ زايد رحمه الله ” من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره أو مستقبله“
السؤال الثالث:
اثقال القصيدة بالفكر واللغة المُكتنزة جاء خصمًا فى تباعد الأنا الشاعرة عن موضوعها
بالعكس هو إثراء للقصيدة لأن وظيفة الأنا الشاعرة المُتناغمة هو التحليق بمخيلة الشاعر ، إذًا يجب أن يكون هناك تناغم اولا مع الأنا وثانيا مع صور الذات ومخيلة الشاعر، وعلاقة الشاعر باللُّغة الشِّعْرية يجب ألا تكون مجرد شهوة للتكلم أو الكتابة وكذلك العمل على توظيف اللغة من جديد وتكثيقها داخل النص والعمل على تماسكها ووحدة الموضوع، ومن وجهة نظري الشاعر هو مرآة المجتمع الذي يعيش فيه، والمُتحدث بلسانهم . ومن لا يستطيع السباحة يجب ألا يغوص في قلب البحار وإلا فالغرق مصيره، لأن الشِّعْر ليس نُزهة أو ترف.
السؤال الرابع:
جيل الستنيات دافع عن الحرية بكل اشكالها من خلال قصيدة الرفض السياسى هل من بعث جيل جديد؟
قصيدة الرفض مازالت حاضرة والشعر المقاوم سيظل ممتدًّا لأنه القلب النابض للحس القومي والوطني في القصيدة العربية، فهناك مقولة تقول: لا إبداع بلا حرية” و مدرسة الرفض بدأت في اعتقادي قبل جيل الستينيات مثل “عنترة ، بشار بن برد دعبل” ثم أمل دُنقل ، مُظفر النواب ، أحمد مطر، محمود درويش، محمد الفيتوري ، هاشم الرفاعي ، عبدالحميد الديب وآحرين، ويُعرِّف الدكتور جابر عصفور قصيدة الرفض “بأنها هى القصيدة التي تكشف عن واقع الضرورة لتستبدل به عالم الحرية والعدل والمساواة”. وليس مصادفة أن هناك ثمة علاقة بين قصيدة الرفض واستلهام الموروث مثلما وظَّفه أمل دنقل في نصوصه مثلا. كما أنني أحسب نفسي عليهم ودواويني خير شاهد على ذلك مثل ” مومياءٌ لشخصٍ يشبهني ، دعوى لم تُرفعْ بعد ، موءودةٌ لا تُجيد الصُّراخ، وغيرها ، كما أن الشاعر أمل دنقل عرَّف ملامح شعراء الرفض “شاعر الرفض لا يجب أن يكون رافضًا للواقع حتى ولو كان هذا الواقع جيدًا لأن الشاعر يحلم بواقع أفضل منه” .
السؤال الخامس:
خارطة الشِّعْر تشظَّت مما ساهم فى تراجع القومية الشعرية فهل القطرية هى التى باعدت بين وجدان الشعوب؟
بالعكس لم تتراجعْ القومية الشعرية، فالإصدارت والمجلات العربية هى خارطة للإبداع العربي الآني وبرنامج مثل أمير الشعر اء والمُقام على “شاطيء الراحة” بــ “أبو ظبي” في دولة الامارات العربية الشقيقة، وأناخير شاهد على حضور القصيدة العربية. ومظلة شعرية للوطن العربي من المحيط للخليج فقد شاركت بالموسم الثاني عام 2008 م، وتم اختياري ضمن أفضل 35 شاعرًا في الوطن العربي، وفي ظني ما أفسدته السياسة تصلحه وعى القصيدة والمؤسسات الثقافية الجادة، والمرحلة الصعبة التي تمر بها الأمة هى مرحلة مخاض، فدمعُ راعي سوداني، أو صرخةُ طفل يمني ، أو وجعُ لاجىء سوري في مخيمه، أونزيفُ فلسطيني أعزل طرده الإحتلال من منزله بحىِّ ” الشيخ جرَّاح” بالقدس ليس إلا همٌّ عربيٌّ مُشترك يحرك وجدان الشعوب كما يحرِّك قريحة الشُّعراء وإلهامهم ، حتى لو عبر الإنترنت والفيس بوك.
السؤال السادس:
الشِّعْرُ اليوم يتكىء على ذاكرة فردية مشحونة بطبع أنوى يعكس الهم الفردى مُبتعدًا عن الهم العام
الواقع لا يستطيع أحد تزييفه في التجربة الشعرية فالشاعر ابن البيئة التي يعيش فيها يتأثربها ويؤثر فيها.
ليس هناك تعارض بين الهمِّ الفردي والهمِّ العام فميزة أن يجمع الشاعر بين آلام النفس وآلام الأمَّة أو الذاتية والقومية، فأحيانا في حالة عجز الفرد عن استرجاع صور الذاكرة هنا يطلب مساعدة المجتمع المُحيط به فلا يمكن فصل الذاكرة الفردية عن الذاكرة الجماعية، ويجب تذكر أن الذي يؤثر في الذاكرة الفردية هما البعد النفسي والبعد المادي، حتى أنني لا أختار قصائد الهم الفردي وأجمعهم مثلا في ديوان واحد بل أحيانا يحتوي ديوان واحد ” الذاتية مع القومية” بل والأعجب أن تجمعهما قصيدة واحدة.
هل تشكل الجغرافيا ملامح وجدانك الشعري؟
نعم أنا من دلتا مصر الواقعة على النيل، من مدينة ” دكرنس ” التي تقع على ضفاف “البحر الصغير” ولي قصائد عديدة تؤكد ذلك مثل قصيدة “دلتا الفقد”، بردية للنيل العتيق” وغيرها.
ماهى آخر إصداراتك الشعرية؟
ديوان “من وُريقات الحنين ” الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2022م، وشارك ضمن معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام.