“سوسيولوجية الحلم” د.رشيد طلبي / المغرب

Socologie de nos nuits; GAETANE Poissonnier.  Magazine de Sciences Humaines. Mai2021/N°336. P46

يسْعى علماء الاجتماع، مُنذُ عقودٍ مضت، تفسير أحلامنا، على الرغم من صعوبتها.

منذُ بداية القرن العشرين، وبفعل تنامي نظريات التحليل النفسي لفرويد، يُعدُّ الحُلم تعبيراً عن العذابات الداخلية الناتجة عن الأداء النَّفسِي. بيدَ أنّه تعد دراسة هذه الأحلام بدائية، من خلال دراسة العينة المجتمعية. لذلك، افترع الأنثربولوجيون مقاربة التأويل الجمعي.

عرفت هذه المقاربة طرحاً محتشما في المجتمعات المعاصرة. ، ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر، عمل الأنثربولوجي والسوسيولوجي روجي باستيد (Rogie Bastide)، الذي درس مجموعتين عرقيتين من ذوي البشرة السوداء بالبرازيل، وهما من الطبقة المتوسطة، والفقراء، اعتماداً على ترقيهم الاجتماعي. فالمجموعة الأولى؛ وجدت نفسها في تنافُسٍ مع ذوي البشرة البيضاء، وأحلامهم تُعبّرُ عن الإحساس بالإهانة جراء سواد بشرتهم، مع الرغبة في تغييرها. هذه الرغبة التي هي محفوفة بالشعور بخطر عدم الوفاء والخيانة من قِبَل أقاربهم وأسلافهم. بينما يُلاحظ أنّ أحلام المجموعة الثانية نتيجة الخوف من رؤساء عملهم، واستمرارية نظام العبودية.

تعدُّ الأحلام، حسب باستيد Bastid وسيلة لتعميق المعرفة الاجتماعية. فمن خلال إخضاعها للتحليل، يتحقّقُ الباحث من صحة استنتاجاته المستخلصة أثناء رصد السلوكات. في حالة ما أثبت أن الأحلام تختلف باختلاف الطبقات الاجتماعية، داخل المجتمع نفسه، لؤسس لمنهجية تحليل قطعية لهذه الأحلام،إذا ما أقرّ بذلك، فإنّه يكون محكوماً عليه بالإخفاق.

ووفق مقاربة باستيد Bastideأصدر ثلاث سوسيولوجيين فرنسيين (أوعية الأحلام) في سنوات السبعينيات. 1970، وحصلوا على 2000 حلم من جميع أوساط فرنسا، فلاحظوا انتظامات في وظيفة التراتبية الاجتماعية. فأحلام الموظفين يطبعُها الملل، وأحلام الفلاحين تتميز بمناظر طبيعية رائعة، وأحلام التجار والصنّاع مسكونة بالخوف من النّهب. والعمال يحلمون بالاستجمام، والمديرين التنفيذيين ينظرون، في الوقت نفسه، للعالم من فوق، ففي أحلامهم يحلّقون فوق المناظر الطبيعية، فيصطفون، بدورهم في الأعلى (…). إنّ الخوف، من التوقف عن العمل في الأحلام يتجاوز هذه الأوساط. خاصة الطبقات المتوسطة والشعبية فأحلامهم تنمُّ عن عدم الأمان: مثل الخوف من فقدان العمل، أو عدم توافره. وبخصوص الطبقات الثرية، وعلى وجه مخصوص، النساء، فإنّهن يحلُمن بالتوقف عن العمل، الذي يأخذُ شكل فقدان بعض الامتيازات، مثل، هواياتهن التي ستصبحُ بعيدة المنال.

  • قد توجه الأحلامُ سلوكاتنا:

منذُ ذلك الحين، تبقى الأعمال السوسيولوجية نادرة ومتناثرة. حيثُ نجدُ، من جهة، أعمالاً منجزة انطلاقا من حكايات مأخوذة من أوعية الأحلام، التي تضاعفت، جرّاء أزمة كرونا (كوفيد 19). ومن جهة أخرى، يفضل بعض الباحثين التحليل المستفيض لمتون محددة، التي يستدعي فيها الحالمون المحتوى الباطني  في أحلامهم، وهنا، نستحضر عمل برنار لاهير (Brenard lahire)

وفي الأخير، تهتم، الأعمال الأكثر نذرة، بالوظيفة الاجتماعية للأحلام: لمن تُحكى؟ ما دلالتها ؟. فالمجتمعات الغربية تميل إلى الخيال العقلاني الخالي من الخرافات، ذلك أنّ، الدراسات المرتبطة بالدلالات الميتافزيقية الممنوحة للأحلام، تكون من اختصاص الأنثربولوجيا والمجتمعات الأخرى. لكن لدينا، أيضا، بعض الأحلام، التي نحكم عليها باستشرافها للمستقبل، وآخرون من المفترض أن تحتوي على مؤشرات للأرقام المختارة عند لعب القمار (اللوطو)، كما يظن، المؤمنون، أيضا، أن بعض الأحلام عبارة عن رسائل إلهية. باختصار، لقد أبدى السوسيولوجي ويرنر ويل (Werner Well) جنوب إفريقيا. مجلة السوسيولوجية 2014) أن الأحلام قادرة، أيضا، على توجيه سلوكاتنا حتى في الغرب.

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

غالي العشق

عبدالباسط الصمدي أبوأميمه| اليمن أنا شاعر من جبل حبشي بدأوعاد ورود تطوان بالحب تدمعذهبت إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات