فرح مسعود: دخلت عبر بوابة الشغف فوجدت أن المسرح هو المنبر الأصدق

حاورته: رندة بخارى:


كل فشل علمني كيف أكون أكثر صدق
نحن نفتح الجروح المغلقة بلطف الفن
في مراكز الايواء جمهورا حقيقيا متعطشا للكلمة والضحكة
الحرب سرقت منا الكثير لكن لم تسرق الإلهام

شكّل الفنان فرح مسعود علامة فارقة في الحراك المسرحي والدرامي في السودان، عبر قيادته وإشرافه على إنتاج عشرات العروض والبرامج التوعوية التي لامست حياة الناس في مراكز الإيواء، الأسواق، القرى، والإذاعات. لم يكن دوره مقتصرًا على الإخراج أو التمثيل فقط، بل امتد ليشمل إدارة العملية الإنتاجية وتشغيل الكوادر الفنية والمواهب الشابة، ليصبح نموذجًا للفنان الذي يوظّف خبرته في خدمة المجتمع.
الإنجازات المنفذة بإشراف ومشاركة فرح مسعود
10 عروض مسرحية داخل مراكز الإيواء (2023): بدعم من منظمة الهلال الأحمر، قاد فرح فريقًا مسرحيًا لتقديم عروض تفاعلية تستهدف النازحين، ركّزت على الصحة والنظافة والدعم النفسي.
بجانب
30 عرض مسرح شارع (2023 – 2024): نفّذ بإدارته 30 عرضًا جماهيريًا تناولت الملاريا والأوبئة المنتشرة أثناء الحرب، ليصل برسالته مباشرة إلى المجتمعات في الأسواق والأحياء.

يظل الفنان فرح مسعود شاهدًا على أن المسرح يمكن أن يكون أداة للتغيير والوعي والسلام، وصوتًا يحمل الأمل وسط الخراب.

البدايات – عبر أي بوابة دخل فرح مسعود عالم المسرح؟
دخلت من بوابة الشغف، لا من بوابة الصدفة. كنت أبحث عن طريقة أعبّر بها عن وجع الناس وأحلامهم، فوجدت المسرح هو المنبر الأصدق. لم أبدأ من الخشبة الكبيرة، بل من الشارع، من الناس أنفسهم. هناك تعلمت أن التمثيل ليس رفاهية، بل رسالة.

الخطوات الأولى المتعثرة، كيف تجاوزتها؟
الطريق ما كان مفروش بالورود، لكني كنت أرى في كل عثرة تدريبًا جديدًا. كل فشل صغير علّمني كيف أكون أكثر صدقًا، وكيف أتعامل مع الجمهور بعفوية. كنت أقول دائمًا: “المسرح مدرسة الصبر”، وكنت أتعلم فيها درسًا جديدًا كل يوم.

العمل الذي أسهم في صناعة نجوميتك؟
ربما كان أقربها للناس هو شخصية أب قور، لأنها خرجت من الشارع وعاشت في قلوب الناس. لكن الحقيقة أن كل عرض قدمته كان لبنة في هذا البناء؛ ما في نجومية من دون تواصل حقيقي مع الجمهور.

العروض التوعوية ومناقشة المسكوت عنه في المجتمع؟
هذه التجربة كانت نقطة تحول. نحن لا نعرض لمجرد الإضحاك أو الترفيه، بل نفتح الجراح المغلقة بلطف الفن. تحدثنا عن الزواج المبكر، عن التغذية، عن التسرب المدرسي، عن المساواة… وكلها قضايا حساسة، لكن المسرح جعل الحوار ممكنًا.

المسرح كأداة تغيير في ظل الحرب؟
نعم، لمسنا التغيير بعيون الناس. بعد كل عرض في مركز إيواء أو قرية نازحة، يأتي أحدهم ليقول: “كلامكم لمسنا.” هناك تعرف أن الفن لم يمت، وأنه ما زال قادرًا على إعادة الأمل للقلوب المكسورة.

توقف العروض قبل الحرب ومراكز الإيواء بعد الحرب؟
صحيح، قبل الحرب كان الجمهور غائبًا عن القاعات. لكن في مراكز الإيواء وجدنا جمهورًا حقيقيًا، متعطشًا للكلمة والضحكة. صار المسرح هناك مساحة للتنفس والنجاة النفسية، لا مجرد عرض فني.

بين الحرب والنزوح والصمود في أم درمان – كيف قاومت الإحباط؟
الإبداع كان سلاحي. الحرب سرقت منا الكثير، لكنها لم تستطع أن تسرق الإلهام. حولت الخوف إلى نص، والحنين إلى عرض، والدمعة إلى ضحكة على المسرح. كنت أقول لنفسي دائمًا: “طالما فيك روح، فيك مسرح.”

الشركاء في قصة نجاحك؟
كثيرون جدًا. ولكن عملت مع الفنان محمد المهدي الفادني كثيرا في مشاريع مسرح الشارع وانتجنا معا الكثير من الاعمال من ضمنها مسرحية فارغة ومقدودة في العام 2013 في المسرح القومي ومسرح خضر بشير وتعاونت طوال السنين الماضية مع الكاتب احمد دفع الله عجيب وهو من الأصدقاء المقربين ومن اكثر الذين امنو بي وقد دعمني كثيرا في مسيرتي الفنية والكثير من الممثلين الشباب الذين آمنوا بالحلم، إلى الفرق الفنية التي ناضلت معي، إلى المنظمات التي فتحت لنا الأبواب. أنا لا أرى نفسي وحدي، بل وسط فريق يشبهني في الإصرار على أن الفن يمكن أن ينقذ أرواحًا.

المشاركة في المهرجانات العربية؟
شاركت في مهرجان المسرح العربي النسخة التي أقيمت في السودان وعموما في الخارج يجد الفنان السوداني احترامًا كبيرًا للفن السوداني. الناس اندهشوا من بساطتنا وعمقنا في آنٍ واحد. وساكون فخورًا أني أحمل رسالة بلدي بصوت الفن، وأقول: “هذا السودان الذي لا تروه في الأخبار، لكنه يعيش في القلوب.”

بعد الخامس عشر من أبريل – ماذا عن القادم؟
بعد كل هذا الدمار، أشعر أن علينا واجبًا أكبر: أن نحكي الحكاية. المسرح والدراما الإذاعية والتلفزيونية يجب أن توثق الحرب، لا بالبكاء فقط، بل بالتأمل والتعلم. أريد أن أكتب وأُخرج عروضًا تُنقذ الذاكرة من النسيان.

المشاريع الحالية؟
أعمل الآن على مشروع بعنوان الفن من أجل التعافي، يجمع بين المسرح والدعم النفسي وتمكين المرأة. وأستعد أيضًا لجولة عروض جديدة في شرق السودان مع الأطفال، لأنهم – ببساطة – أكثر من يحتاجون الأمل اليوم.

شاهد أيضاً

“إشكاليات الكتابة السردية في القصة القصيرة والقصيرة جدا،تجربة القاص المغربي حسن البقالي أنموذجا”ذ.ة سناء سقي/المغرب

ومن هذا المنطلق تفتّقَت هذه المحاورة يوم السبت 09أبريل  2022م بين القاص المغربي ذ. حسن البقالي وثلة من المبدعات والمبدعين  والباحثات والباحثين الأكاديميين من تخصصات علمية متعددة ومدن مغربية مختلفة ، حيث طرحوا  للنقاش  بعض إشكاليات الكتابة السردية في القصة القصيرة والقصيرة جدا من خلال التجربة الإبداعية المتميزة والمتنوعة لضيف اللقاء؛ فمن هو القاص المبدع حسن البقالي الذي حتما تُواري في سِمْ٠ت العارفين "جُبّةُ بُورخيس" أسرار كتاباته الأدبية والفنية ؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات