رواية (صياد الغروب) لأم الزين بن شيخة: لوحات بخيوط من الخيال

جاءت رواية “صيّاد الغروب”[1] لأم الزين بن شيخة المسكيني الصادرة عن دار الأمينة للنشر والتوزيع في مستهل سنة 2024 في طبعتها الأولى، في كتاب من الحجم المتوسط يحتوي 228 صفحة. يوَشّي الغلاف صورة التقطتها عدسة كريم بن شيخة وهو الأخ البطل الذي سنسعى لاكتشاف الخيوط البيّنة والخفيّة التي نسجتها أم الزين لتقديمه كشخصيّة استثنائية. ويلى كلّ هذا، كلمات للفيلسوف الفرنسي جاك دِريدا المشاكس والعنيد وخصم الأنقلو سكسونيين  “Anglos Saxons” “لإنسانيتهم الباردة”، ولو عاد دِريدا للدنيا افتراضيا ( وهذا اختصاص أم الزين) لقال: “لموت إنسانيّة نخبهم السياسية”… كما نقرأ في الصفحة الموالية كلمات أخرى لفتحي المسكيني في السياق نفسه. ولعلّ الكاتبة اختارت كلمات هذا وذاك لتعلن عن بعض ألوان الرواية. رواية تُغرق القارئ في غياهب فلسفات عدّة موطنها الأساس العودة إلى إنسانية كامنة فينا ننساها أحيانا فتذكرنا بها لمحات تبدو عابرة، بين إرادة القدر مقابل إرادتنا في صنع قدرنا، عندما نكون عنيدين. وما أيّوب في الرواية سوى عنيد مراوح بين الإذعان للواقع ومتحدّ للقدر.

أمّا تقديم الرواية فقد تولاّه الناقد نصر سامي وهو شاعر وروائي ورسام تشكيلي، مؤسّس ورئيس تحرير مجلة الشاعر. جاءت قراءته للرواية كاملة الأركان كلاسيكية أدبية تساعد القارئ على الدخول لفصول الرواية مُسلّحا بالأدوات الأساسية لفهمها. غير أنّ أبرز ما رآه الناقد – وهو أكثر ما نتّفق فيه معه – هو قوله: “وهذه الرواية نسيج محبوك على غير مثال سابق، بمعمارها المتعدّد (اجتماعي سياسي معرفي نقدي رمزي، وبخطاطاتها السردية المتنوعة (ص9) إذ تَعْدِلُ عن الحكي التقليدي للحبكة وتعوّضها بعمل لغوي تجريبي قائم على كسر الخطّية وخلخلة التوقّعات (ص10).

تدور الرواية في مجال مزدوج يجمع بفضل مقدرة حبك نادرة الافتراضي بالحقيقي حتى تتحيّر وأنت تتابع شخصيّات يتداخل فعلها بين الخيال والحقيقة، فتختار الكاتبة رحاب الجزيرة مرّة ثم أماكن مُرعبة كمدينة الزبالة (192)  وورشة الرؤوس المقطوعة (ص39) وفي أزمنة تتراوح بدورها بين المطلق ( أزمنة الآلهة القديمة)، وتاريخ الزمن الراهن (بحكم ربطها أحداث الرواية بنقد الدولة والحكومات المتعاقبة  “بعد الثورة” وفي هذا وذاك،  تُقلع بشخصياتها نحو عالم اللاّ مرئي واللاّ مُدرك ثم تحطُّ بهم في جزيرتها بقُراها ونخيلها وبحرها وبيوتها.

فعلا يعسر متابعة وقائع هذه الرّواية بهدوء وسكينة، فرغم ظاهرها السّردي فهي لا تخضع للأدوات العادية القائمة على الحدث والحدثية l’évènement et l’évènementiel وإنما يصحّ مع سردها ما يراه المسعدي بأنّ الكتابة تسمو إلى أن يصبح ايقاعها نغما[2]. وتأكيدا لما نرى نعرض هذا البيت من الشعر لأم الزين: “بذّرتُك سهوًا. نثرتُك دمعا. نذَرْتُك صبحا للعائدين”(ص27). وواضح النزوع لجعل البيت يخضع لوقع تراثي كما في النصّ المقدّس. فكأننا نسمع (فالعاديات ضبحا، والموريات قدحا، فالمغيرات صبحا،[3])

وأفتح بابا سريعا للتطرّق للشعر الوارد في الرواية وهو أحد الأركان المهمة في عملها، لأقسّم الأشعار الواردة في المتن إلى نوعين:

  • شعر من نظم الروائية بالذات الفيلسوفة الشاعرة الوارد بقدر فائق من الانتقاء لما ينتشر في دواوينها[4] من قصائد تلتقي مع وقائع “صيد الغروب” وتحلّيها. وهل في نظم الحروف معان أعمق وأكثر أبعاد من تلك التي تصدر عن فيلسوف يجمع بين الشكل والمعنى بما تمنحه لعبة نظم القوافي من روعة وإبداع..
  •  الشعر الشعبي من قرقنة وعن قرقنة، وقد أنزلته الروائية منزلة رفيعة تزيد عاشق الجزيرة ولهًا بجزيرته كلما استمع لإنشادها، فيذوب حنينًا وعشقًا وهيامًا… فقد استحضرت الكاتبة في أربع مناسبات كلمات أغانٍ جاء أروعها على لسان “أمّها خديجة” وكأنّها تنتقي من فنّ الجزيرة أرقاه:

عانيت سقع الليل أنت وينك

نا والقمر اثنين مستنينك  (ص159)   

لقد نفـَذت أم الزين لأعمق مادةّ تراثية وأرسخِها في أذهان الجزيريين، فأغاني الأفراح المصحوبة بـ”الطبل والزكرة” (يجسّمها في الروية نعيم وهو شخصيّة حقيقية من قرية الكاتبة) و”التوريشة”[5] وهو القاء لقصائد بالدارجة المحلية احتفاء بضيوف الأعراس وكافة الأفراح، هي تقاليد مغروسة في ثقافة القرقني تمثّل أحد مكونات شخصيته الجزيرية، فتجده يتعلّق بذا الفن الشعبي بما يجسّم تعلّقه بجزيرته، فالشعر كما تجسمه قصائد شاعر الجزر رابح عز الدين[6] هي خزينة الذاكرة الجماعية والابداع الحديث، تحتفظ بتفاصيل عشقهم لأرضها وبحرها ولتعلّق رجالها ونساءها بنشوة نسائمها.

وأسلوب أم الزين في عرض الأبعاد الفلسفية يقوم على التسريب  بالمرونة     infiltration par fluiditéللمعنى الفلسفي من خلال اختيار الألفاظ الحُبلى بالمعاني واستخدام الصورة الاستعارية أكثر من جنوحها للتعبير الأدبي المنمّق. فالأدب لديها وسيلة لبلوغ وتبليغ المعنى الفلسفي / الفكري عامة، فلا تكتب للأدب في حدّ ذاته، فلا تدّعي أنّها أديبة أو ترغب في تعويض الأدباء فكفاها أنها فيلسوفة.  يقول حسين مؤنس: “فإذا تناول الفيلسوف الرواية للتحليل والتعميق، فيتجاوز أبعادها المباشرة لينظر في خطّتها ومجرى القوانين فيها”. فحسب حسين مؤنس فإنّ أكثر ما يشدّ هذا الفيلسوف هو رؤى الرواية المثالية أو المادية فيسقط عنها سذاجتها وشاعريتها لينزّلها في دائرة الوعي والعقل. ويكرّر مؤنس بطريقة أخرى ما قاله هيقـل بأنّ “دور الفيلسوف هو النظر في التاريخ لسبر خططه وإدراك القوانين التي تتحكّم فيه[7].

.

قسّمت الروائية متن عملها إلى 34 لوحة (في معنى حامل مادة إبداعية / وربما في إحالة على اللوح الذي يحمل القرآن) وما جعلنا نقول ذلك هو تصديرها كامل المتن بفقرة توازي لمحة تختزل المنزع الذي طبع هذه المأدبة الروائية بعنوان “ترتيلة الوداع” وهي عصير معاني ثقافة كونية تراثية وحداثية في آن (ص13) وتختم لوحاتها بفصل سَمّته “ما بعد الرواية” مشفوعا بأربع لوحات جاءت بحساب المئات 100- 200… وأنهت مجمل المتن بفقرة بعنوان “أكتوبر  2023 ،” فقرة سَخِرَتْ فيها من عبثية الوُجود وتكرار كلّ مدى بما لا نهاية له، جاءت في ألفاظ غاضبة وثائرة وكأني بوقائع غزّة  التي اندلعت في 7 أكتوبر قد لاحقت الرّوائية وهي في النَّزَع الأخير من التحرير فتقول: “أصرّوا على البقاء هناك لتوثيق المجزرة” (ص227)… بل نراها تركت صيّاد الغروب ليعيش مصيره ويتدبّر أمره واتجهت بمجمل ما فيها من غضب إلى الحدث الجلل الذي زعزع الدنيا وأيقظها على شبح نهاية إنسانية الإنسان.

إنّ الرواية في بناءها الدائري والدرامي الفجائعي وفق تعبير سامي نصر أكثر من مجرد انتصار للكتابة النثرية على الشعر وإنما فيما إفراز يعبق لذّةً ومتعةً ومشاقًا إلى حد بلوغ المازوشية، وأوّلها مشقة العجز على بلوغ المرامي الروائية وأغلبها متعة السّباحة في الخيال العلمي (science-fiction) فهي لا تعير أهمية لانتصار الأحداث وإنّما تراهن على انتصار المعاني ليحلّ المعنى بدل اللاّ معنى. أليس انتصار أيّوب على القدر وهو يصنع قدره بعدسته ضرب من انتصار المعنى على اللا معني.

هذه رواية من جنس آخر عصابها الأقوى هو استيعابها جدليات لا تقف عند حصر ومركزها جدلية المُمكن والمُستحيل، فهي لا تنتصر للمكن ولا تزيح المستحيل. وليس من اليسير الوقوف عند كلّ الجدليات في هذا المتن غزير الثنايا والمراوغات:

ففي جدلية الممكن واللاّ ممكن عند أم الزين تنتصب جدلية خارج جدلية التاريخ واللاّ تاريخ فيصاب المتتبع للأحداث بالذهول وينتصر الدُوار على فكرة ثبات العالم في مزج انكسار الحقيقة أمام سخرية الواقع… نعم هذه رواية تنتصر في نسيجها للانثربولوحيا في أبعاد مذهلة بين امكان ما يمكن وما لا يمكن. فإذا كانت الانثروبولوجيا تركيب يصنعه المنطق لما يمكن أن يكون، فقد كان قرار أم الزين هو حشر اللا منطق لما لا يمكن أن يكون بصنع من الخيال لتوسيع فسحة الأمل داخل غياهب الظلم والظلام في معاندة العجز والقهر بالإرادة، تكذيبا لما يحتوي عليه التاريخ من انتصار دائم للقوة والأقوياء. ولم يغب اطلاقا عن أم الزين وضع الأكاذيب في موقعها فتردّد: كم أنتِ قادرة على صناعة الأكاذيب” ثم تقول في ترتيلة الوداع أيضا “نحتاج دوما إلى كذبة جميلة (ص13).

نعم فإذا قال [8]Pilliet بأنّ في التاريخ أكذوبة لا يحتج عليها أحدا، لُطفا منه لتنسيب الموقف من الكذب في التاريخ، فنقول أنّ في التاريخ أكاذيب جسام فيما جاء عن انتصار الفرس والروم والعرب في تاريخهم… فهو تاريخ يمجّد المعتدي ويغيّب المقهور، ذلك الإنسان الذي ضمن البقاء وأمعن في التمسّك بالحياة رغم سعي الأقوياء بأساليبهم سحق وابادة المستضعفين تماما كما انتصر أيّوب بإلغاء منطق التفوّق بقوّة الأعضاء وأحال الانتصار لفائدة المقاوم والثائر والصابر أيضا. نعم الصبر سلاح الاستدامة.  فأيوب ينتصر للإنسان ولقيمه وللإرادة، ولعلّ ذلك ما جعل أم الزين تنزع لاستخدام الانثروبولوجيا / التراث / المعتقدات / الأديان في منحى فلسفي / في معنى التفكير وليس في منحى إقرار القوّة كقاعدة لبلوغ المرامي.

أجل، فمن فضائل هذه الرواية إعادة تأهيل الوثنية

   la réhabilitation du paganisme  

بما يكفي للنظر للأشياء في أصل تركيبتها. فأم الزين تعطي للمقدّس كما هو في العقل السائد مكانته، تقول: “فالفتاة التي ضلّت ترقص ليلة كاملة دون توقّف ذابت في لمحة عين منذ أن صدح صوت إمام جامع القرية مؤذنا بصلاة الفجر”(ص24-25)، بل نجد الكاتبة اذعانا منها لمتطلبات الرواية تغوص تماما في استدراج القارئ لعمق التراث الساكن في عقول عمومنا فتقول: “أين غابت تلك الفتاة ومن تكون؟ أجنيّة هي أم ساحرة ؟(ص 25)” وتجيب استنادا لهذا القبول بالتراث لتوظيفه لمقاصد سنكتشفها تباعا: “لقد آمن سكان الجزيرة بالأشباح واعتقدوا في ظاهرة غريبة يسمونها ‘الذهّيبة'”. بل تنساب في التفسير بنفس ما يقوله العامة: “و’الذهّيبة’ شبح لا يظهر منه غير ضوء متحرّك يضلّل كلّ من يظهر له”. ثم ما تلبث الكاتبة أن تمعن في توظيف الأسطورة لخدمة سياق روايتها فتضيف: “فقرّر سكّان الجزيرة تحويلها إلى ربّة تُقدَّم لها سمكة الشلبة وماء العنبة قربانا كلّ ليلة حتى ينام الجميع بسلام”(ص25).  

وهنا كأنّي بأم الزين وهي تأهّل أيّوب لانتصار ارادة العقل والنفس على قوّة العضلات ليرتفع فوق آلامه وعقده ومكبلاته الحركية، فتذكّر من نسيَ أو جهل بأنّ فكرة الكمال التي تقوم عليها كلّ المعتقدات إنّما جاءت من فكرة صارت لدى العالم والجاهل عنوان الكفر والالحاد واللا عقيدة فتدخل من بوابة الانثروبولوجية لتبرّر نزعاتها الخيالية، وهي محقة، فما الوثنية التي تعيد لها الكاتبة ألقها في كامل نصّها إلاّ أساس كل الأديان ومصدرها. وبعدُ، هل انتهت الوثنية؟  تقول الكاتبة: “راحة كبرى أن يصير الكائن حجرا حرية وتألّه على الطريقة الوثنية القديمة (ص13). وهل غابت الوثنية يوما عن الانسان أينما كان؟ تضيف الروائية: “أوَ لم تكن الآلهة أحجارا منصبة في بهو المدن (ص13).  وهنا نتساءل بدورنا: هل هناك دين من الأديان لم يؤلّف فصوله ممّا كان وثنيةً؟ فالاحتفال بالسنتا مريا Sainte Maréeعند المسيحيين والحج والأضحى عند المسلمين والركوع عند البوذيين… هي وثنيات استعادتها الأديان لتقدر على البقاء، فما كان بوسع الاسلام الدوام لو لم يحافظ على جلّ الطقوس الوثنية. وما زالت هذه الوثنية فينا وفي سلوكنا، أليس الايمان بالتطير (العين) والاعتقاد في أبعاده بخمسة الأيدي والعشرة والبخور والاحتفال بالذبائح… كلها من جذور وثنية لم يستطع البشر كل البشر تجاوزها وإن ادعو ذلك[9]  ففي معنى رسوخ الوثنية  تقول أم الزين: “فكل الألوان الزاهية كانت تحتضن تلك الأجساد البحرية الرشيقة المصنوعة من زبد الآلهة”(ص22). إلى أن تقول وهي تتحدث عن تبذير وردة للغة: “تغريهم بحرائق سردية جديدة حرائق في عالم الآلهة”(ص13). ثم تضيف: “سديم يتلوّى ويقضم الضباب ضاحكا والعدم يخلق آلهة جديدة”(ص37). بل أن هيامها ببني جزيرتها وقريتها القراطن بالذات تجعلها تمجّد النّخلة وتراها “كضحكة وثنية فينيقية”(ص38). وتصرّ على اكتناز الوثنية مجمل الأبعاد الجمالية والروحية فتتحدث عن وردة وهي تقابل مدير الجريدة المتصابي: “كانت نهداها المكوّرتان تفاحتان حمراوان وقامة فارعة تقف أمامه كنخلة وثنية باسقة” (ص52). وتكرّر اجتماع الألم في بقايا الحرائق وتراها: “كبقايا آلهة وثنية”، بل تجدها تهاجم الوحدانية والتوحيد وهي تعود للنخيل الباسق فتضيف: “هناك يحرسهم النبيذ عن عيون الله التوحيدي”.  نعم، فضح الشعر بكلمات عارية لا تجامل ما تحاول الفلسفة تقديمه ملتويا، فأم الزين تنتظر: “عرسا قديما لآلهة لم تأت” ص42. وتذهب حيث ذهب محمود درويش وفدوى طوقان راشد هارون في البحث عن رمزية راقية ( وقد اتفقوا على الأزهار) فكانوا يبحثون عن شذى الله والآلهة في الأزهار والورود،  وها هي أم الزين تبحث  بدورها عن عبق الوثنية فيها:

“وينسى أن ههنا قلوبنا من عنبر

 وأن الوردة تنسى أسماءها

كل مساءها والنرجس الوثني

 يفتح براعمه ثم يُسكر(ص45).

ولم يغب عن الكاتبة العودة بالوثنية إلى لحظة اكتساب أعلى تجلياتها الربوبية في العبادة الفرعونية بتحيات لـ توتن ورع تقول: “سيّد السماء، أمير الحياة والعافية والقوة وخالق الآلهة” (ص65). وهنا فتحت الروائية ملفا آخر ( لا يسهل غلقه) عندما رأت أن الموتى على دين الإسلام يتخلّون بعد موتهم عن معتقداتهم: “ويعودون إلى عبادة آلهة مصر القديمة”. وهل هناك ما يغري الكاتبة لمثل هذا الرأي غير ما تفعله رع الشمس بالعيون وبالعقول.

لقد نجحت الكاتبة في رسم بورتري ينفذ لتفاصيل مواجهة أيّوب للحياة بما فيها عمقه النفسي، فلم تسلط على أيّوب ما في ذهنها إنّما وجدت فيه وفي سيرته ما يكفي من مواقف / رجولة/ صبر لفهم لعبة الحياة: الكفر بالقدر والرجوع للإيمان بزرع الأمل ليحصد الصبر، تقول في فقرة تلخّص كل شيء: صياد الغروب –أيّوب- لم يعد يعرف أيّ الأسماء هو وأيّهما أقرب إلى ما هو عليه. أن يكون ذاكرة لكل غروب في الجزيرة من غروب الشمس إلى غروب قدره على الركض أو أن يكون أيّوب نبيّ الصبر على ما حدث له في هذه القصّة الذي لا أحد استشاره ليدخل فيها. لقد تمّ انتدابه لهذا القدر دون غيره، فكان كلّ صباح يسأل الله “وفق أيّة حكمة ينتدب الناس في أقدارهم فيجعل أحدهم لا يتكلم وآخر لا يسمع وثالث لا يمشي ورابع لا يرى وخامسا يتيما وسادسا بلا عقل” وكان لا يجيب نفسه إلاّ ضاحكا “جاتني في ساقي أرْحَمْ منْ أيَّة مصيبة أخرى”، ثم يدفع بكرسيّه نحو الخارج كمن يهرب من جسده (46).

وفي رواية صياد الغروب جدلية أخرى نعيشها وقد لا ندركها. إنها جدلية الصمت والصخب، تقول: “هم يعبرون في صمت إلى حيث لا ندري (ص30). “هكذا كان أيّوب يفكر في صمت” (ص46) و”أمرهم بالتحديق والصمت” (ص33)  و”صوت لطيف بدأ يهزم صمت المكان (ص33). وتقابل الكاتبة الصمت بالصخب: “للصخب أن يعلو على أصواتهم”(ص29) وباختراق السكوت و”الانصات إلى الأرواح  الخطرة”(ص 29) كما تواجه “الصمت الخانق”(ص 72) بهدوء الهمس: “همس أيوب لأحد الجالسين” (ص33). لقد تفننت الكاتبة في وضع مقابلات طريفة بين الصمت والصوت لتعويض التقابل في الروايات الكلاسيكية بين الأحداث. نعم جعلت الصمت محركا يوافق تماما فضيلة الصبر التي يعيش بها البطل. ومن قال أنه ليس للصمت فعل ووقع وانعكاس؟ إن ما يجري في حياتنا خلال الانسياب مع  الصمت أعظم وأعلى شأنا مما  يكون عندما نصرخ ونصيح. والصمت في الرواية ملاذ أيوب الأوّل والأخير.

وهذه المقابلة طريفة للصمت ونقيضه، ترفع على السطح آلية تلخّص بعض ما ندرك في سلوكنا ومعظم ما يقوم عليه مزاجنا وجوهر ما يحرك أحاسيسنا. الصمت وما أدراك ما الصمت، ذلك الثابت الذي لا يتحوّل  في حياة البطل الصابر أيّوب. فالصمت كالهواء في الحياة نعيش بفضله ولا نعلم قيمته إلاّ إذا انتفى. فعلا الصمت هو الحالة الأقوى للإنسان. وهل كان لأيّوب من انتصار بغير اللوذ لذلك الصمت؟ تقول أم الزين: “لم يكن أيّوب يعلم أنّ النسيان هو الصمت الوحيد الذي يجعل حياته قابلة للتحمّل”(ص17). نعم أيّوب يواجه العالم بصمت، يصنع الصبر بصمت وفي صمت، عاش أيّوب في صبر ينتظر ما لا يعلمه ولا يحدّده. لكن في صمته احتقار للصخب ولعالم لا يعرف غير الضجيج. والصمت يواجه نقيضة في صور شتّى. تقول الكاتبة عن فرح وهي من بين أبطال الرواية: “وظلت فرح تشنّف مسمعها بصوته القادم من بعيد. (شنّف بمعنى سعى لالتقاط الصوت الخافت أو البعيد)  يقول مظفر النواب في وصف معرّة العرب المستدامة إزاء قدسهم الدي يقدسّون كذبا وبهتانا: “يسترقون السمع لفض بكارتها”  وتعني يشنّفون آذانهم. وتضيف الروائية مباشرة: “ظلت تركض على إيقاع ذلك الصوت الذي سكن أذنيها بكل القصص التي عاشها والتي لم تسمعها وبكلّ الأقدار التي جعلته يلازم كرسيّه المتحرك إلى لحظة كل غروب… والغروب هو طريقه للنسيان”.

وهذه الرواية ليست ارتماء في بكائيات عليل وأنين مسكين وإنّما استندت الكاتبة لفهم البطل للعالم ولما يجري في أرضه فبحثت في راهنية ما يجري في تلك العلاقة الموبوءة بين المواطن الضحيّة ووطنه / دولته / حكوماته الضائعة منه خلال الردهة الأليمة المستمرة… فهي تحمِّل المؤسّسات والأشخاص في هذه الدولة كلّ المسؤولية في تعفن الأوضاع وبلوغها قاع القاع مشيرة صراحة حينا او بإيحاء أحيانا بأن غضب أيّوب وحنقه لا يتأتى من عدم. فمنذ ترتيلة الوداع تعلن عن قتامة وضع عالم الرواية فتقول: “ربما لا شيء غير بحر غاضب قد ابتلع المكان”… وتضيف وهي تركّز على جزيرتها وقريتها القراطن مجال عيش البطل: “جزيرة… لا يأبه أحد بتاريخها السرّي”، وتضاعف وضوح موقفها عند حديثها عن فرح: “وكان ذلك تمام ما تحلم به في دولة الأشباح”(ص71)، بل تعتبر ذلك أحد مصادر سعادة أيّوب، فقد كان سعيدا جدّا في جزيرته البعيدة عن أعين الدولة فتضيف: “لم تكن قوانين الدستور الجديد تشمل جزيرة سرسينا لأنّها أعتُبرت منطقة عصيان لمراسيم الدولة التي فرضها شبح كبير على البلاد”. وتعلن أم الزين صراحة سخطها على مغتصبي الثورة. تقول” آه الثورة، للثورة مسار آخر في قلب الحكاية نزيف جمجمة”. ويفهم مقاصدها، هنا، من قرأ روايتها طوفان من الحلوى… ونجدها تهاجم الحكومة فيما سيُنْسب مرّة لوردة من أقوال ومّرة على لسان أيّوب(ص36)، فتبنى حكاية منع الحكومة المرور بتعلة الحجز الصحي ومرّة على لسان كوشمار وهو في جبل الشعانبي “في ورشة الرؤوس المقطوعة”(ص39). وهنا لم تترك الروائية عورة من عورات الدولة نظاما وحكومة إلا وألقَت بسعير غضبها عليها، فبدأت أوّلا بالصحافة من خلال مواقف وردة وهي في امتحان الانتداب في صحافة الكارثة و زواجها من مديرها المرتشي الفاسد (ص52)  ثم فتحها عين عدستها على “ألوان السخط العمومي لما يجري في عالم الحرّاقة” (ص57): “البحر أكبر مؤسسة لتشغيل الموتى”. إلى أن تنقضّ على رداءة المشهد الثقافي وبؤسه من زاوية طريفة: “من مزبلة الكتب التي أسّسها اتحاد المعطلين على العمل منذ 2014”. وترسم أم الزين في فقرة واحدة لوحة مرعبة عن كارثية الواقع المعاش بشيء من المبالغة يبرره السياق الروائي، فتعرّج على وضع قطاع الصحّة فتقول: “منّوبة مستودع كبير لتخزين الألم: مستشفى المجانين حيث يقبع المضادّون للعقل اليومي(ص58). (وسنعود إلى جدلية العقل والجنون في رؤى مثيرة لكنها قديمة قدم ظهور الحكماء والمجانين في الحواضر)، ثم تصل لمسلوبي الحرية تقول: “وسجن النساء أين تلقى المتمردات على هيمنة الذكور والاصلاحية حيث يسجن الأطفال دون سنّ الرشد لمجرّد شتم سائق المترو الخفيف” . وتنهي بصور من الحال الاجتماعي لفئة من الشيوخ تقول: “دار العجّز حيث ينتظر الآباء الكبار موتهم بعد أن استغنى عنه أبناؤهم ودار الأيتام حيث يلقى بالرضع خارج مؤسسة الزواج كما لو كانوا خطأ وجوديا لا يغتفر”. وترفع وتيرة غضبها في التعامل مع ملف الإرهابيين فتقول على لسان وردة (ص64): “لقد تمّ اليوم ذبح الوطن”. وتشفعها بتأكيد كمدها على بلادها: ” لكن لا أحد سمعها لأنّ الوطن كان قد بيع صباح ذاك اليوم لدولة أجنبية من أجل ديون الحكومة”.

ولا تنسى الوقوف عند بعض أسباب هذا الوضع (ص71) فيما جاء عن وردة في مقالات صحافة الكارثة راصدة الفساد وسرقات الإسلامين وغير الإسلاميين للمال العام والخاص أيضا.  

وفي الرواية عشق وعشق وعشق.

عشق لجزيرتها سرسينا ولقريتها القراطن إلى حدّ الثمالة.

وعشق لشباب قريتها المتضامن المتلازم مع أيّوب حارس الغروب.

وعشق آخر وليس أخير لعائلة ارتفعت فوق الأحداث لتصاحب الزمان بمسيرة سيزيفية ثابتة، بأبٍ عاند الأيام حتى سحله الملح، وأم كوتد يذكّر البوصلة باتجاه الحبّ بلا مُنتهى، وأخوة وأخوات ملأوا عالمها وإنّ غيبتهم الأيام وانتشروا في الأرض يبتغون رزقا شريفا.

 نعم الرواية جملة من البرتريات طوقتها الكاتبة بأردية خرافية أسطورية لتقول أشياء أبعد من الواقعية. في كلمة استنجدت بالخيال لترسم ما لم يستطع الواقع تحقيقه لتكريم هذه الأسرة الرائعة حتى النّخاع، فلم يكن كريم وحده استثنائيا بل أن عائلة بأكملها تخترق النموذج المألوف.

وليس غريبا أن تلامس الرواية ما كان فوق العقل، فالعقل هنا يعجز على استيعاب الصدمات والانقلابات الغريبة، فيمضي جنبا إلى جنب مع عالم الجنون ليعانق العالم الجميل عالم الانعتاق متخذة من مقولة المسعدي نهجا عندما يقول: “مقدار من الجنون لا بد منه من أجل مقدار من الحرية”. وبعدُ، أليس قمّة الإبداع هي جنونٌ لا يبلغه غير المبدعين. تقول أم الزين: “حين يشتدّ الجنون بك غيّرْ وجهة قصّتك”(ص185). لذلك رأتْ الكاتبة أنّ المثقّفين أصحاب الكتابات: “في جنون مزدهر هذه الأيام في مدينة القمامة الكبرى (ص 192)”، وتضيف في السياق نفسه: “ومنهم من تجده في مستشفى الرازي بتهمة الجنون التي يحاكمون به بحسب مرسوم رقم 13″، وهي تسخر من الدّولة وتتّهمها مباشرة بما يكال للمثقف من سحق مُمنهج. هكذا كان مصير فراس الشّاب الهارب من جنونه القسري (ص197). نعم تقرّ أم الزين بأنّ هناك لحظة فاصلة بين الجنون والعقل وتذكّرنا بأنّ أيّوب كاد يفقد عقله لولا: “أنّ صوت رضيع وصل إليه لتوّه (ص214)”. أجل، أولست قّمة الحكمة الجنون؟ وهل يُتَّهم بالجنون غير من كانوا أذكياء وحكماء وعباقرة فوق العادة؟  إنّ التفكير في عار الجنون لا يسكن غير عقل السذّج الأغبياء، ففي كلّ منّا قدرا من الجنون، وهذه مسألة أخرى…

وفي هذه الرواية أيضا تغادر أم الزّين جدليّة الماثل حقا والمتخيّل الشّبح، فنتابع مقابلات بين الموتى الأحياء والأحياء الموتى كلّما يتعلّق الأمر بما اتصل بالسياسة والسياسيين. وتأكّد على ديمومة هزيمة اليسار وعجزه على مغادرة دائرة الانتظار، وتكيل للدولة بمعناها الحقيقي التاريخي على وجه التحديد ضربات موجعة وانتقادات عارية بلا تجميل، فتتنازل عن الرمزية أو تكاد وتنساب بكثير من القذف العنيف المباشر، فلا يبلغ نصيب أيّوب في الرواية خمس مشاغل أم الزين بالدولة والحكومة والدولة والسلطة فتهاجمها من زوايا بازدراء واستخفاف وذلك بتجاوز التلميح واتباع التصريح بالعودة للوقائع الجسام التي هزّت البلاد من ذبح وعربدة وفساد لتنفذ إلى كارثية أداء هذه الدولة. وهل تخلو لوحة من لوحاتها وترتيلة من ترتيلها من تحقير لهذه الدولة وحفر في أورامها الدامية حتى أضحت الرواية محاكمة للعشر سنوات الملعونة دون أن تستثني ما جاء بعدها. وفي هذه المرّة تدخل بالرواية بشكل صريح في تاريخ الزمن الراهن من بوّابة النقد وكشف المستور بلا هوادة.

وكان اليسار بكل المعاني المجازية والواقعية حاضرا، ينطلق من معان مادية كأعضاء الجسد: اليد والعين والثدي… وتقدم الكاتبة اليسار تباعا في معنى البديل الثوري العلماني الفاشل على الدوام… بل تجد المناسبة (أو تخلقها) لتخلُص للحديث عن مسألة اليسار السياسي نقدا وعرضا، وهي تثير حضور شخصيات في مظاهرات ضد نظام 25 جويلية لتذكُر بلا ستائر موقف “يسار الهمامي” الذي يريد اصلاح مسار الثورة،… ولعل الاشكال يكمن في هذا الصدد في أنّ “يسار الهمامي” الزعيم والمجرّب، لم يفهم أيّ ثورة يريد؟  ومع من يريد مواصلة مشواره؟ فالثورة التي في أدبياته وعقله السياسي ومحنه التي لا ينكرها غير جاحد، لا علاقة لها بالثورة التي اغتصبها الإخوان ودجّنها 25 جويلية (كما تسميه صراحة في الرواية وحوّلها) فَيْئًا لمن قبل احتكار السلطة إدارة شؤون البلاد. فعلى يسار الهمامي أن يعيد ترتيب ألوانه حتى لا يكون في موقع التسلل ومحل السخرية.

ولا اختلاف في أنّ علاقة الكاتبة بجزيرتها ركن من أركان الرواية فجاءت الجزيرية لتقابل بأبعاد شتى القارية والعالم في معناه الأرحب، لذلك لم يكن تطوير مادة غزيرة وعميقة تتباهى بالجزيرية في نص أم الزين عرضيّا ولا مجانيّا وإنما كان مقصودا بل لعله أحد حوافز كتابة هذه الرواية غير المعلن. وقد نجحت الكاتبة في تناول هذا الجانب لأسباب أهمها

  •  الانتماء الجزيري لأم الزين 
  • العلاقة الموضوعية بين بطل الرواية والجزيرة
  • الولع بالجزيرة والجزيرية البيّن في مكونات شخصيات الرواية لا لانتمائهم لهذا العالم الواقف بين العزلة والانفتاح فحسب، وإنّما لإرادة الكاتبة تقديم الجزيرة والجزيرية كمصدر للإبداع والقوة في الوقت ذاته[10].

وأوّلا وأخيرا هذه رواية غير نمطية في كلّ ما يهمّ أركان الرواية

لقد جمعت أم الزين في علاقتها بالجزيرة المقابلة الفلسفية للمتناقضات بين الوجودية والمادية، فالجزيرة نعمة ونقمة، سجن انفتاح، وجزيرتها ككل الجزر تنطوي على اختزال للتراث الميثولوجي الإنساني الناعم والمخيف ذات الوقت، مما جعل الرواية مسرحا ليحمل المعاناة من أجل بلوغ المبادئ وجعل الانسان قادرا على صنع قدره. فكانت الروائية قاسية على نفسها وعلى القارئ معا في جدلية أخرى تقابل فيها مازوشيتها بسادية عارية. إنها باقة من المراوحات بين الشيء ونقيضه، فترهق القارئ لكن تشده بمغنطيس لذيذ.

لقد ارتقت الكاتبة بالرمزيات إلى أعلى مداها ونجحت في التوصل بسردياتها إلى اعتناق درجة عالية من الابداع وتوزيع لوحاتها فصولا منفصلة بقرار منها، فبرغم هذه التشظية للمتن، فقد نجحت في جعل مسرح جزر روايتها أرخبيلا متكاملا ومتجانسا يصل إليه القارئ عند بلوغ اللوحات الأخيرة. كما يتبّن من قرأ لأم الزين روايتها طوفان من الحلوى كأنّها لم تنه فصولها، ولعلها اتخذت من رواية “صيّاد الغروب” فرصة لاستكمالها دون أن تفرغ رواية “صيّاد الغروب” من مضامينها ومن شخصيتها، فمنحتهم خصوصية جزيرية. وهذه المواصفات والصفات تعانق كل أركان الرواية سوى عندما يتعلق الأمر بالسياسة ونقد أجهزة الدولة، فتمعن في اتباع أسلوب واقعيّ مباشر يلوح في الغالب غير منسجم مع أسلوب اعتناق الخيال. إلاّ أنّ أم الزين فيلسوفة كانت أم شاعرة وروائية لا تغادر مساحة الإبداع بل تغذّيه بكفاءة عالية عند نسج لوحات بخيوط من الخيال فيها مرارة الواقع وجمال فسحة الأمل … هذه هي أم الزين.

إنّ هذه الرواية وإن كنا لا ندعي ملامسة كل ما جاء فيها من أبعاد لا تقف عند حصر، فهي في مجال الابداع لا سيّما فن الخيال العلمي إضافة متميّزة إلى طابور أعمالها ولبنة في المكتبة العربية في كتابة جنس روائي جديد ما زالت أم الزين تؤسّس له بثبات.


مراجع:

[1]  بن شيخة المسكيني أم الزين، صيّاد الغروب (رواية)، دار أمينة للنشر والتوزيع، القيروان، طبعة أولى، 2024 .

[2]  عبد المطلب محمّد، تطرية الإيقاع في ضوء الآسلوبية المعاصرة، الإيقاع في النثر وصلته بالايقاع في الشعر، من خلال كتاب المسعدي  الإيقاع في السجع العربي، مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله، تونس 1996.

[3]  القرآن، سورة العاديات الآيات 1-2-3. 

[4]  نشرت أم الزين  أعراس الماء، اضحك أيها الدهر الشرقي..

[5] بن موسى محمّد، الوراشة، الشعر الشعبي  بقرقنة ، مضامين اجتماعية وفنية، ماجيستير مهن التراث، تحت إشراف عبد الحميد الفهري، 2008.

[6]  عز الدين رابح، ديوان شعر، مخطوط في أربع كراسات، أرشيف مركز سرسينا للبحوث في الجزر المتوسطية بقرقنة.

[7] مؤنس حسين، التاريخ والمؤرخون، دراسة في علم التاريخ، ماهيته وموضوعاته ومذاهبه ومدارسه عند أهل الغرب وأعلام كل مدرسة وبحث في فلسفة التاريخ ومدخل إلى فقه التاريخ، دار المعارف، القاهرة، 1984.

[8] Nicola Pilliet, l’histoire est un mensonge… que personne ne conteste, préface J. Tulard, éd. Unicomm, Paris 2009. 

[9] Jacques Ryckmans, Rites du paganisme de l’Arabie médiévale avant l’islam Bulletins de l’Académie Royale de Belgique Année 1993,  pp. 125-142

[10]  تفاعلت الكاتبة مع روايتنا حول الجزيرية وخصوصيات الجزيريين فقدمتها وشاركت بمقالها في ندوة حول الرواية أنظر: بن شيخة أم الزين، “لمحة الحب والمقاومة في رواية حوماني لعبد الحميد الفهري” في كتاب الرواية روايات، أشغال ندوة، تكريم الأستاذ عبد الحميد الفهري، دار محمد علي، تونس 2024.

تقديم بقلم: عبد الحميد الفهري

عن أحمد الشيخاوي

شاهد أيضاً

على رفوف الذاكرة

طيُّ أحلام..وجرحٌ..ضامر في الخاصره ..لملمته.. داويته… قصائد حبلى هنا.. هناك ظل الشاعرة أجهضت أمنية .. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التخطي إلى شريط الأدوات